مجتمع

هل تعكس التصريحات الساخرة لتلاميذ الباكالوريا مستوى التعليم بالمغرب؟

هل تعكس التصريحات الساخرة لتلاميذ الباكالوريا مستوى التعليم بالمغرب؟

تصاحب امتحانات الباكالوريا في كل سنة “تصريحات ساخرة” لفئة من التلاميذ، الذين تغزو فيديوهاتهم مواقع التواصل الاجتماعي، ويصبحون مادة دسمة للنداول على نطاق واسع، ما يفتح باب النقاش حول هذه الظاهرة التي تتكرر سنويا ويعدّها البعض “إساءة” إلى الجسم التلاميذي.

وفي هذا الصدد، يرى الباحث في السوسيولوجيا، زكرياء أكضيض، أن التصريحات التي تعقب إجراء اختبارات البكالوريا لا يمكن اعتبارها تصريحات تعكس بشكل شامل الجسم التلاميذي داخل الحقل التعليمي المغربي لأنها تصريحات تُصنع ويتم انتقاء نوعية معينة من التلاميذ، إلى جانب توجيه هذه التصريحات بما يخدم الرفع من نسب مشاهدات بعض المواقع الإلكترونية، بحسبه.

ويضيف السوسيولوجي في تصريح لجريدة “مدار21” أن هذه التصريحات لا تعكس آراء التلاميذ وحقيقة ما يجري لهم بشكل عام، مردفا: “نحن أمام صناعة لرأي يمكن أن يحقق لهذه المواقع الإلكترونية رفع نسب المشاهدات على حساب ما تقتضيه الصحافة المهنية، لإن هناك إغراق في التفاهة التي أصبحت قادرة على خلق الفرق على مستوى نسب المشاهدة، لذلك نحن لسنا أمام تصريحات تعكس آراء التلاميذ، بقدر ما نحن أمام تصريحات تصنع وتوجه وتخدم رهانات ومصالح مواقع إلكترونية”.

وشدد على أنها “تصريحات لا تعكس حقيقة الوضع التلاميذي بشكل عام، ولا تمثل مستوى التعليم بالمغرب، لأن المواقع الإلكترونية التي تتوجه إلى التلاميذ لا يهمها ذلك التلميذ المنضبط والمتزن بقدر ما يهمها التلميذ الذي لا يمتثل للأخلاقيات السائدة، ولا يمتثل لمعايير السلوك المدني، لذلك تسعى إلى استثماره من أجل الرفع من مستوى المشاهدة، ومن ثم لا يمكن إسقاط هذه العينة على جميع تلاميذ المغرب لأن هذه العينة محدودة وضيقة ويتم تضخيمها في مواقع التواصل الاجتماعي”.

ويشير إلى أنه إلى جانب وجود فئتين من التلاميذ، فئة تعيش ضغوطات بسبب امتحانات البكالوريا وأخرى غير مبالية، هناك فئة متوازنة، مبرزا: “ليس كل تلاميذ المغرب؛ إما غير مباليين أو يعيشون ضغطا قد يؤدي إلى الانتحار، بل هناك فئة تعيش نوعا من التوازن بين التحصيل الدراسي وما تقتضيه الحياة اليومية دون أن تعيش ضغطا رهيبا على مستوى الاختبارات”.

وعن الفئة التي تعيش ضغوطات قد تنتج عنها حالات انتحار، أكد أنه “لا يمكن ربط هذه الحالات فقط بالبكالوريا، لكون الانتحار استجابة لوضع معين داخل الاختبار، لأن هناك مثير واستجابة، وحالات الانتحار يمكن أن تحصل وفق أي مثير آخر، بناء على تراكمات نفسية واجتماعية وثقافية التي تؤدي بهذا الإنسان إلى التفكير في الانتحار سواء كان المثير مرتبطا بالاختبار أو كان مرتبطا بوضعيات أخرى بعلاقات زواج وعلاقات غير مشروعة وغيرها، ومن تم لا يمكن أن نربط حالات الانتحار فقط بالرقابة والإكراه اللذين يمكن أن يفرضهما على الأفراد إزاء اختبارات الباكالوريا”.

وعدّ أن “ما هو سائد داخل المجتمع المغربي هو تحصيل ما يسمى بالنجاح التقني، أي أن ندفع، بواسطة أساليب في التنشئة الاجتماعية، التلاميذ إلى نيل ما يسمى بالنجاح التقني المرتبط بالشواهد فقط، والنجاح التقني هو الذي يؤدي إلى تشكيل أرضية خصبة لظهور ممارسات غير مشروعة على مستوى التحصيل الدراسي من قبيل ممارسة الغش، لأن النجاح التقني يعني الحصول فقط على الشهادة”.

ويرى أن هذا “التصور غير سليم لمفهوم النجاح لأن النجاح هو مسار تكويني، ولا يتناقض مع الفشل، لأن هذا الأخير يعد أيضا جزءا من النجاح، إذ يمكن للتلميذ أن يفشل هذه السنة وأن ينجح في سنوات مقبلة”، مضيفا: “لسنا أمام تناقض مطلق بين الفشل والنجاح، بقدر ما أن الفشل هو جزء من النجاح ومن ثم ضروري أن نعيد النظر في مفهوم النجاح المدرسي ونتخلص من النجاح التقني وأن نربط كذلك وعي التلاميذ بنوع من النجاح الحيوي الذي يعتبر بأن التحصيل الدراسي مسار تكويني ممتد يعرف عثرات، وهذه العثرات ليست نهاية المسار، بل هي منطلقات مهمة لتحقيق قفزة إلى الأمام وتحقيق تقدم إلى الأمام”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News