رأي

بلد لا يطيب فيه العيش!!

بلد لا يطيب فيه العيش!!

“بلد لا يطيب فيه العيش” هو تصريح كان كافي لاتخاذ قرار من طرف السلطات التونسية باقتحام مقر هيئة المحامين بتونس يوم السبت الماضي لاعتقال  المحامية و الحقوقية التونسية سنية الدهماني بسبب انتقاداتها لخطاب قيس السعيد بمناسبة حديثه العنصري و التمييزي، التحريضي ضد المهاجرين القادمين من دول جنوب الصحراء بحيث أدلت هذه المحامية و الناشطة التونسية بتصريحات في برنامج تلفيزيوني منتقدة  سياسة قيس السعيد اتجاه المهاجرين الذين يعتبرون تونس أرض عبور نحو أوروبا ليجدوا أنفسهم عرضة لممارسات سبق أن انتقدتها الأمم المتحدة و الإتحاد الأوروبي و مختلف المنظمات الحقوقية الاقليمية و الدولية، حيث توبعت للآن بتهمة “نشر شائعات والمساس بالأمن العام” و هي تهمة فضفاضة تعكس الاتجاه الذي اتخذته تونس التي كانت توصف نقطة ضوء حقوقية في شمال أفريقيا إلى جانب المغرب حتى انها كانت تريد استنساخ تجربة العدالة الانتقالية التي شهدها المغرب خاصة هيئة الإنصاف و المصالحة، لينتهي كل هذا المسار بإنتاج الشعبوية، وإعادة تدوير و إنتاج الدولة البوليسية متأثرة بالتجربة العسكرية الجزائرية التي استلهمتها من أجل تنفيذ سياسة الحكم الفردي المحمي والمستتر تحت السلطة الأمنية والعسكرية.

ولاشك أن ما تعرضت له هذه المحامية والناشطة الحقوقية ليس سوى نقطة في عتمة مظلمة أصبحت تعيشها تونس تتميز باعتقال صحفيين و إعلاميين تونسيين وإغلاق قنوات إذاعية بدون وجود قرار قضائي بذلك، واعتقال النشطاء بتهم غريبة، وبتطبيق قوانين تحمل في طياتها كل أدوات التضييق يتم استعمالها من أجل التضييق على المجتمع المدني و الحقوقي في هذا البلد الذي يشهد و شهد عودة نحو مرحلة ما قبل ثورة الياسمين، وهو في ذلك يبدو أنه يستنسخ بنجاح التجربة الجزائرية التي تعتبر “نموذجا” في إنتاج الإستبداد و ما قانون العقوبات الجزائري الجديد الذي تم تمريره قبل أربعة أشهر من الإنتخابات الرئاسية التي يتجه فيها النظام العسكري إلى التمديد لتبون وما هذا القانون إلا واحد من الأدوات التي سيتم استعمالها من أجل خنق الحريات، والأصوات المعارضة والحراك الجزائري الذي يُنتظر أن يعود للشارع مع قرب الانتخابات وعودة المطالب بالتغيير السلمي، حتى بات في هذا القانون الجزائري مجرد الدعوة الإحتجاج في الشارع العام هي دعوة للإرهاب و قد يجد صاحبها نفسه متابعاً بتهمة الإرهاب في أغرب القوانين التي يشهدها العالم و التي يبدو أنها تجاوزت كوريا الشمالية في قمع كل الأصوات.

يبدو أن المقولة التي رددتها المحامية التونسية “بلد لا يطيب العيش فيه” هو مقدمة لمرحلة سوداء ستعيشها بعض شمال إفريقيا، و ما التحالف الثلاثي الذي أراد العسكر إعلانه إلا تجلي عن هذه البلدان التي لم يعد يطيب العيش فيها، جزائر بعسكرها، تونس ببوليسها، و ليبيا التي يُنتظر أن تستجيب لدعوة العقل لتعود لمسار المصالحة.

وفي كل هذا المشهد الذي توجد عليه هذه البلدان، يمكن القول هي : بلدان لا يطيب العيش فيها!!!

تعليقات الزوار ( 2 )

  1. هل يطيب العيش في أمريكا التي لا يستطيع جورج فلويد التنفس فيها، ومات خنقا على يد الشرطة في الشارع.
    هل يطيب العيش في ألمغرب التي مات فيها سماك الحسية طحنا في شاحنة الزبالة على يد الشرطة في الشارع.

  2. حتى لو كان قرار الإقتحام صدر عن القضاء، لطعن المقال في نزاهة القضاء التونسي.
    إقتحام الشرطة للجامعات الأمريكية، لم يكن بقرار قضائي، انتهكت الحرم الجامعي لإعتقال طلاب لمجرد انتقادهم الكيان ومن يدافع عنه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News