سياسة

الرقمنة تُهدد حقوق المتقاضين ونواب يحذرون من “انحراف” الأحكام

الرقمنة تُهدد حقوق المتقاضين ونواب يحذرون من “انحراف” الأحكام

حذر نواب بالبرلمان من تهديد رقمنة المساطر القضائية حقوق المتقاضين، منبهين بمناسبة مناقشة مشروع قانون المسطرة المدنية بلجنة العدل والتشريع وحقوق الانسان، إلى أن رقمنة منظومة العدالة، يمكن أن تكون له تأثيرات سلبية على القناعات والقيم.

وسجل برلمانيون، أن مشروع القانون المتعلق بالمسطرة المدنية، جاء بعدة مقتضيات أساسية ومهمة، خاصة ما يتعلق باعتماد الرقمنة في مجال التبليغ والتنفيذ التي تعتبر جوهر المسطرة المدنية وجوهر الوصول إلى الحق والحقيقة، إضافة إلى اعتماد مساطر تسرع البت في القضايا المعروضة، مشددين في المقابل على أن ذلك “لا يجب أن يكون على حساب جودة الأحكام، لكونها المعيار الأساسي للمحاكمة العادلة، والغاية الأسمى والنبيلة من التقاضي”.

ولفت أحمد العبادي، عضو فريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب، إلى أن هناك مقتضيات تتعلق بالرقمنة، وهي مقتضيات نسجلها بإيجاب في ظل التحول الرقمي والتكنولوجي، لضمان تقوية البنية التحتية للأنظمة المعلوماتية للمحاكم، والرفع من نجاعة الأداء القضائي بالمحاكم، كما يعقد الرهان اليوم، على الرقمنة في تعزيز قيم النزاهة والشفافية.

وأوضح العبادي خلال المناقشة العامة لمشروع المسطرة المدنية بحضور وزير العدل عبد اللطيف وهبي، أن “هذا لا يعني أن رقمنة منظومة العدالة سوف لن يكون له تأثيرات سلبية على القناعات والقيم”، داعيا في المقابل الحكومة إلى  الحفاظ على الإجراءات المعمول بها بالصيغة التقليدية.

ونبه البرلماني إلى أن هناك عدة مقتضيات واردة في مشروع القانون، تطرح بعض التساؤلات وبعض الإشكاليات، كعدم التدقيق في بعض الإجراءات التي قد تنتج عنها تأويلات، تكون مخالفة ومغايرة للمقصود من النص القانوني ولا تتلاءم مع أهدافه وروحه، معتبرا أن  ذلك “يعد تضييقا على حق المواطن في سلكه طريقا من طرق الطعن، وفيه مَسًّا مباشرا بضمانات المحاكمة العادلة”.

ودعت البرلمانية الاستقلالية، إلى توسيع مجالات المسطرة الالكترونية القضائية لتشمل مساعدين القضاء، بما فيهم أساسا الخبراء، رغم إعطاء إمكانية الاختيار بين المسطرة الورقية والمسطرة الالكترونية.

وأكدت فطيمة بن عزة، عضو الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية، أن رقمنة تسريع المساطر القضائية يجب ألا تكون على حساب جودة الأحكام وحقوق المتقاضين، خاصة فيما يتعلق بمسطرة التبليغ، مادام الهدف المتوخى هو جودة الأحكام وصيانة حقوق المتقاضين وليس عدد الملفات المحكوم بها، وذلك من أجل تحقيق عدالة جودة الأحكام بدل الكم.

وسجلت بن عزة، أهمية تسريع وتيرة رقمنة المساطر القضائية قصد توثيق إجراءاتها  وتتبع المقرارات القضائية لإضفاء الشفافية عليها، لتفادي وقوع انحرافات في أحكام القضاء، مع العمل على تطوير وتحسين المنصة الرقمية القضائية حتى توفر للمتقاضين خدمة قضائية عن قرب فعالة وسريعة، مؤكدة أن احداث غرف تجارية وإدارية تقتضي توفير موارد بشرية كافية ومؤهلة ومتخصصة لضمان حقوق المتقاضين في المحاكة العادلة.

واعتبرت البرلمانية، أن “أي اصلاح لا يشكل غاية في حد ذاتها، بقدر ما هو وسيلة، وبالتالي لابد من اتخاد الإجراءات المواكبة لضمان التنزيل السليم والتنفيذ المحكم لمضامين هذا الإطار القانوني حتى يحقق الأهداف المتوخاة منه في تحقيق العدالة في خدمة المواطن “.

في غضون ذلك، حذر وزير العدل عبد اللطيف وهبي، من مخاطر الرقمنة على منظومة العدالة، معتبراً أن الرقمنة بقدر ما تسهل التعامل داخل العدالة وتسهل الخدمات وخدمة المتقاضين، بالقدر نفسه قد تشكل خطرا على العدالة، وقد تمس بقيم وقناعات تشكلت عبر عقود خدمة للعدل وللمحاكمة العادلة.

وشدد الوزير على عدم إخضاع القاضي للاَلات والأجهزة التي تحدد له قناعاته التي يجب أن يكونها بناء على الكثير من العوامل القانونية والشخصية والذاتية بما فيها تقدير ظروف ارتكاب الجريمة قبل النطق بحكمه.

وقال الوزير موضحاً في هذا الإطار، “الرقمنة مفيدة في تسريع الإجراءات والتدابير وربح الزمن وتسهيل الإجراءات، لكن مخاطرها قد تتجلى كذلك في إلغائها لقيمنا وخصوصياتنا وإنسانيتنا”، مضيفاً بالقول: ” عندما نعمم حكم الآلة على جميع الحالات، سنلغي دورا هام ورئيسيا وهو القناعات الشخصية للقاضي قبل النطق بالحكم”.

وبخصوص الرؤية الجديدة للتحول الرقمي التي اعتمدتها وزارة العدل، أكد الوزير أنها تهدف بالأساس إلى رقمنة كاملة لمسار المواطن/ المقاولة وإعطائه الأولوية بالنسبة للخدمات المقدمة.

كما تهدف الاستراتيجية، حسب وزير العدل، لتوحيد وتبسيط ورقمنة مسارات الإدارة القضائية، وتحسين العلاقة مع المواطن وتوفير خدمات مؤمنة وذات جودة عالية وفي أجال معقولة.

وبالإضافة الى ذلك، تروم الاستراتيجية يضيف وهبي، لتعزيز التواصل الإلكتروني مع منتسبي العدالة ومختلف الشركاء؛ وضمان حكامة المعطيات التي تنتجها الإدارة القضائية وتسهيل الولوج إليها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News