سياسة

طوكيو تطرد “البوليساريو” وتمنعها من أي نشاط سياسي خارج “تيكاد”

طوكيو تطرد “البوليساريو” وتمنعها من أي نشاط سياسي خارج “تيكاد”

في تطور لافت يعكس موقفا حازما من الحكومة اليابانية، تم طرد ممثلي جبهة “البوليساريو” من الأراضي اليابانية ومنعهم من القيام بأي نشاط سياسي خارج نطاق مشاركتهم ضمن وفد الاتحاد الإفريقي في مؤتمر طوكيو الدولي للتنمية في إفريقيا (تيكاد).

وجاء هذا القرار بعد سلسلة من الإجراءات الصارمة التي اتخذتها السلطات اليابانية ضد وفد “البوليساريو”، شملت عدم توجيه دعوة رسمية لهم، وحرمانهم من شارات الاعتماد، ومنعهم من التحدث أو المشاركة في أي جلسة من الجلسات، إلى جانب فرض رقابة أمنية مشددة على تحركاتهم.

وكان من المقرر أن يعقد وفد “البوليساريو” مؤتمرا صحفيا في نادي الصحافة بطوكيو، إلا أن الفعالية أُلغيت في اللحظة الأخيرة، حيث أُعلن أن الإلغاء جاء “لأسباب خاصة تتعلق بأعضاء الوفد”، غير أن مصادر من داخل اللجنة المنظمة أكدت أن السلطات اليابانية هي من منعت عقد المؤتمر، وأبلغت المعنيين بضرورة مغادرة البلاد، وذلك قبل ثلاثة أيام من موعد مغادرتهم المقرر سلفا.

وتجدر الإشارة إلى أن مشاركة “البوليساريو” في “تيكاد” تمت بشكل استثنائي ضمن وفد الاتحاد الإفريقي، ووفق شروط دقيقة تقتصر على حضور المؤتمر الخاص بالتنمية في إفريقيا فقط.

لكن الوفد تجاوز هذه الشروط، من خلال محاولاته تنظيم أجندة سياسية موازية تضمنت لقاءات مع برلمانيين، وصحفيين، ومنظمات غير حكومية، في خرق واضح للبروتوكول المتفق عليه، وذلك بإيعاز وتنسيق من الوفد الجزائري.

هذا التجاوز دفع بالسلطات اليابانية إلى اتخاذ موقف صارم، حيث رفضت أي محاولة لاستغلال الحدث الدولي لأغراض دعائية، وأكدت على ضرورة احترام سيادتها وشروط استضافتها، لتأمر في النهاية بمغادرة وفد “البوليساريو” للأراضي اليابانية.

وشكل مؤتمر طوكيو الدولي التاسع حول تنمية إفريقيا “تيكاد-9” الذي انعقد في مدينة يوكوهاما ما بين 19 و22 غشت الجاري، صفعة قوية للجزائر وأفشل مناورات انفصاليي “البوليساريو”.

وتحول ما كان من المفترض أن يكون محاولة تسلل إلى انتكاسة دبلوماسية كبيرة عرت عزلة متزايدة لكيان وهمي لا يقوم إلا على دعم رعاياه الجزائريين.

وحرصت اليابان، بوصفها الدولة المضيفة للمؤتمر، على توجيه الدعوات حصرا للدول الإفريقية المعترف بها من طرف منظمة الأمم المتحدة، وهو ما جعل الانفصاليين في موقع غير مرغوب فيه، أقرب إلى متطفلين بلا صفة.

وأعربت طوكيو، منذ البداية، بوضوح عن موقفها: مؤتمر (تيكاد) فضاء مخصص للدول ذات السيادة، وليس للكيانات الوهمية. ومن هذا المنطلق، لم توجه أي دعوة رسمية أو غير رسمية إلى هذا الكيان الوهمي.

وعلى هذا الأساس، تم رفض وثائق السفر المزعومة لهذا الكيان الوهمي بشكل قاطع من قبل السلطات اليابانية. كما تم التصدي لمحاولات الالتفاف المعهودة باستخدام جوازات سفر جزائرية برفض قاطع.

ورغم تمسك الانفصاليين ببعض الأمل في حفظ ماء الوجه بعد وصولهم إلى عين المكان، إلا أن الواقع سرعان ما بدد أوهامهم: لم يحظوا بأي استقبال بروتوكولي عند نزولهم من الطائرة، ولم يتم التكفل بهم مؤسساتيا، ولم يمنح لهم أي اعتماد باسمهم، بل تم الاكتفاء بمنحهم صفة عامة “الاتحاد الإفريقي”، ما قضى تماما على أية نية للاعتراف بهم ككيان منفصل.

وفي المحصلة، فإن وجود الانفصاليين على الأراضي اليابانية لم يتم إلا عن طريق حيلة عبر مفوضية الاتحاد الإفريقي.

وقد حرصت اليابان، من جهتها، على تجديد التأكيد، ثلاث مرات خلال يومين، على موقفها الثابت بعدم الاعتراف بهذا الكيان الوهمي، وهو ما بدد أي سوء فهم بشأن خطها الدبلوماسي.

ففي اجتماع كبار المسؤولين التحضيري لمؤتمر (تيكاد-9) يوم الثلاثاء الماضي، أعربت الدبلوماسية اليابانية عن تحفظها إزاء وجود الكيان الانفصالي.

وأوضحت طوكيو أنها لم توجه أي دعوة مباشرة لهذا الأخير، وأن الدعوات اقتصرت على “الدول التي تقيم اليابان معها علاقات دبلوماسية”، مشددة على أن “مفوضية الاتحاد الإفريقي هي التي بادرت بدعوة جميع أعضائها”.

وجدد وزير الشؤون الخارجية الياباني، إيوايا تاكيشي، هذا الموقف أيضا خلال اجتماع رؤساء دول وحكومات إفريقية، المنعقد يوم الثلاثاء، مؤكدا بوضوح العقيدة الثابتة لبلاده، والمتمثلة في أن اليابان لا تعترف بما يسمى بـ”الجمهورية الصحراوية”، ولا تقيم أي علاقة معها، وأن حضور هذا الكيان في المؤتمر الدولي لطوكيو حول التنمية بإفريقيا لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يفسر كأي شكل من أشكال الاعتراف.

وخلال افتتاح قمة “تيكاد-9″، يوم الأربعاء، حرص إيوايا مرة أخرى على التأكيد، باسم حكومته، في تصريح رسمي أن “وجود كيان غير معترف به من قبل اليابان كدولة، لا يمكن أن يؤثر على موقف اليابان المتعلق بوضع هذا الكيان”.

وتشكل هذه التأكيدات الثلاثية اليابانية، التي تأتي كصفعة قوية للانفصاليين وراعيهم الجزائري، امتدادا لدعم طالما جددته طوكيو لمخطط الحكم الذاتي المغربي، الذي تصفه بـ”الأساس الواقعي لحل دائم”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News