بورتريه

مريم بنصالح.. امرأة استثنائية غزت عالم رجال الأعمال

مريم بنصالح.. امرأة استثنائية غزت عالم رجال الأعمال

“زعيمة عالم المال والأعمال”، “قوة الأنوثة الهادئة”، “كاسرة المحرمات”، “المليارديرة الغامضة”، كلها ألقاب استأثرت بها شخصية اليوم، وهي شخصية قيادية بامتياز، استطاعت بفضل حنكتها أن تحجز مكانها وسط عالم يسوده الرجال، بأن تتبوأ مكانة رفيعة، لم تصل إليها أي امرأة أخرى في السابق، وهي مثال للمرأة المغربية القوية، واسم لامع في عناوين الصحف المحلية، والعالمية، أثارت الاهتمام، والجدل أيضا، لكنها استطاعت بشخصيتها الهادئة، أن تترأس منصب رئيس الاتحاد العام لمقاولات المغرب.

قائدة بالفطرة

ولدت مريم بنصالح يوم 14 نونبر 1962، في الدار البيضاء. يعود أصلها لعائلة متحدرة من إقليم بركان، وهي أكبر أبناء عبد القادر بنصالح، أحد الموقعين على عريضة الاستقلال سنة 1944، ومؤسس مجموعة “هولماركوم” الشهيرة.

عند بلوغها سن 18 في عام 1980 التحقت بنصالح بالمدرسة العليا للتجارة في باريس وتخرجت منها بحيازتها إجازة في التدبير والمالية، وبعدها بسنتين نالت درجة “الماستر” في الإدارة الدولية والمالية من جامعة دالاس بالولايات المتحدة الأمريكية عام 1986.

وبعد إنهاء دراستها من باريس، عادت إلى المغرب، ودخلت مريم الحياة المهنية، فانضمت إلى مؤسسة الإيداع والقروض “SMDC” ضمن مصلحة السندات والمساهمات، لكنها تخلت عن المنصب في عام 1989 بعدما جرى تعيينها رئيسة لشركة “أولماس” للمياه المعدنية، كما تم اختيارها رئيسة للاتحاد العام لمقاولات المغرب لقدرتها على تحفيز المقاولات المغربية خاصة على الصعيد الإفريقي، ونتيجة لتجربتها الناجحة في احتواء الأزمة الاقتصادية، وذلك من خلال تبوأها منصب من أهم مراكز القرار الاقتصادي بالمغرب، وهي بذلك أول امرأة مغربية تصل إلى هذا المنصب.

في خضم كل هذه المناصب الرفيعة، تمكنت من معالجة بعض القضايا الاقتصادية العالقة إبان الأزمة الاقتصادية، فعززت دور الاتحاد العام لمقاولات المغرب في تمثيل مصالح الشركات والدفاع عنها، وإدارة الانقسامات بحرفية بين الشركات في حين لم تتوان عن تحسين مناخ الأعمال التجارية، والمساهمة في إصلاح قانون العمل، وقانون الإضراب بفضل علاقاتها المتينة مع الحكومة.

كاسرة الطابوهات

نهلت مريم بنصالح من معين المقاولة منذ الصغر، وعاشت في كنف أسرة شعارها المبادرة الاقتصادية، فوجدت نفسها في عالم المال والأعمال، تسير نحوه بخطى ثابتة، ورغم أنها الابنة الوحيدة بين الذكور، إلا أنها ورثت الأعمال التجارية لوالدها، ونجحت في محاربة النظام الذكوري المنتشر في العديد من الأسر، وتقبل العديد من النساء، نتيجة لبعض الأفكار التي تبخس من قيمة الأدوار المحلية للمرأة، مما ساهم في غيابها عن عملية صنع القرار، واحتكار الرجال للمناصب العليا.

ورغم أن قوانين الميراث بالمغرب تنهل من نصوص الدين الإسلامي بمنح المرأة نصف ما يرثه أخ واحد من بين أشقائها الرجال، إلا أنها ورثت جل أموال والدها لتكون بذلك أول سيدة تتمكن من كسر أحد “المحرّمات” دينيا، واجتماعيا.

استلمت مريم بنصالح مكانها باعتبارها المديرة الإدارية لمجموعة “هولماركوم”، إذ جعلت “الطابو” المحرم قصة إلهام لكثير من النساء، الذين يرون تجربتها انتصارا على هيمنة الرجال، ليس فقط في مجال المال، بل كذلك في عدة مجالات، فهي خارج قاعات الاجتماعات، عُرف عنها  قيادة طائرتها الخاصة، بالإضافة إلى ولعها بركوب دراجتها النارية من طراز هارلي ديفيدسون، كما تهوى عالم سيارات السباق وفازت بجائزة سباق كأس الغزلان في المغرب لسيارات الرالي في عام  1993، وهي لاعبة غولف من الطراز الرفيع، لكنها  سرعان ما تعود لأكثر هواياتها المفضلة بالتربع على عرش المسؤولية داخل قاعات مجالس الإدارة.

امرأة استثنائية

خارج عالم إدارة الأعمال، هي عضو كذلك في مجلس إدارة جامعة الأخوين منذ يناير 2004، وبنك المغرب منذ أبريل 2006، وبين عامي 2012 و2017 شغلت منصب عضو مجلس إدارة مستقلة لمجموعة “يوتلسات”، وكانت عضوا في مجلس إدارة مبادرة التنمية العالمية منذ أكتوبر 2014، وعضو مجلس إدارة مستقل لمجموعة “السويس” منذ أبريل 2016 وعضو مجلس إدارة مجموعة “رينو” منذ يونيو 2017. وبالإضافة إلى تكريمها، حصلت بنصالح على جوائز عديدة، أبرزها وسام المكافأة الوطنية من درجة ضابط (وسام الاستحقاق الوطني- المغرب) في عام 2013، ووسام الصليب الأكبر للاستحقاق المدني من إسبانيا عام 2017.

كل تلك المناصب والصفات المتجلية بالقوة، والروح القيادية دفعت مجلة “Jeune Afrique” لتختارها ضمن قائمة أكثر 25 امرأة مؤثرة في مجال الأعمال في إفريقيا، وفي العام نفسه، اختيرت لتجلس على مقاعد التحكيم ضمن  لجنة جوائز مبادرة “كارتييه” للمرأة، كما سجل اسمها بشكل منتظم في قائمة “فوربس” الشرق الأوسط لأقوى سيدات أعمال عربيات، حيث احتلت المركز الـ15 في عام 2014، والـ63 في عام 2015، والـ52 في عام 2016، والـ30 في عام 2017.

في عام 2019 عينت مريم بنصالح عضوا في تحالف المستثمرين العالميين من أجل التنمية المستدامة، كما تم توشيحها العام الماضي بوسام جوقة الشرف من درجة فارس للجمهورية الفرنسية.

ولا يمكن إغفال دورها كناشطة وفاعلة جمعوية، خاصة الجمعيات المرتبطة بالمجال الاقتصادي، سواء على الصعيد الوطني أو العالمي، فهي عضو مجلس إدارة مجلس الأعمال العربي، وعضو مجلس الأعمال المغاربة والبريطانيين، وعضو في وكالة التنمية الاجتماعية، ويتسع مجال انخراطها في العديد من الهيئات الوطنية والدولية الأخرى.

تعليقات الزوار ( 1 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News