مجتمع

هل تكبح موجة الغلاء خطوات الحكومة للزيادة بأسعار قنينات الغاز؟

هل تكبح موجة الغلاء خطوات الحكومة للزيادة بأسعار قنينات الغاز؟

وسط أزمة الغلاء التي تفترس جيوب المغاربة، تستعد الحكومة لتقليص دعم المواد المتبقية في صندوق المقاصة بشكل تدريجي، حيث من المقرر أن ترتفع أثمنة قنينات الغاز من الحجم الكبير بـ10 دراهم ابتداء من أبريل القادم، وهي الخطوة التي ربطتها حكومة أخنوش بتمويل برنامج الدعم المباشر الذي يكلف 25 مليار درهم.

وبلغ استهلاك غاز البوتان الوطني خلال الأشهر السبعة الأولى من سنة 2023، حوالي 137.4 مليون قنينة من فئة 12 كلغ (1.65 طن متري) بزيادة 4.7 ملايين قنينة مقارنة بالفترة نفسها من سنة 2022.

ووصل الدعم المتوسط لقنينة غاز البوتان من فئة 12 كيلوغراما حوالي 68 درهما خلال الأشهر الثمانية الأولى من سنة 2023، مما يمثل انخفاضا بنسبة 31 بالمئة مقارنة مع المستوى التاريخي الذي تم تسجيله خلال نفس الفترة من سنة 2022 ومجهودا إضافيا يقدر بـ34 بالمئة ( 3 مليارات درهم إضافية) مقارنة بنفس الفترة من سنة 2021.

ونتيجة لذلك، شهدت تكلفة دعم غاز البوتان، خلال الفترة المذكورة، انخفاضا بنسبة 28 بالمئة لتصل إلى ما يقارب 114 مليار درهم.

وتؤكد الحكومة أن ميزانية الدولة لن تتحمل تمويل الدعم الاجتماعي المباشر والإبقاء في نفس الوقت على تحمل الكلفة الكاملة لنظام المقاصة، وذلك بالنظر إلى ضعف الإنصاف الاجتماعي لنظام الدعم الحالي على مستوى استهداف الطبقات الفقيرة والهشة، مسجلة أنه بعد الشروع في صرف الإعانات المباشرة ابتداء من دجنبر 2023، سيتم تخصيص الهامش الناتج عن تقليص دعم المقاصة لتمويل الدعم المباشر.

ويرى عدد من المراقبين والمتتبعين للشأن الوطني أن هذا القرار لا يخلو من تبعات وانعكاسات على القدرة الشرائية للمواطنين، وذلك لعدة أسباب، على رأسها كون قنينة الغاز من المواد الواسعة الاستعمال من قبل كل الطبقات الاجتماعية، سواء بالمنازل أو المطاعم أو من طرف أصحاب الأكلات الخفيفة وغيرهم.

انعكاسات سلبية

وفي هذا الصدد، أكد ادريس السنتيسي، رئيس الفريق الحركي بمجلس النواب، أن الزيادة في قنينة الغاز يعني الزيادة في كل ما يرتبط بها أو باستعمالها، الأمر الذي سيعمق من معاناة كل الطبقات الاجتماعية، معتبرا ضمن تصريح لـ”مدار21″، أنه “إذا كانت الغاية من رفع سعر” البوطا” تأمين هوامش مالية لفائدة الدعم الاجتماعي المباشر للأسر، فإن من سيدفع الفاتورة هم المغاربة، وخاصة ما تبقى من طبقة متوسطة التي ستؤثر عليها هذه الزيادات بكل تأكيد”.

وبشأن الآثار المحتمل أن تنتج عن هذا القرار على القدرة الشرائية للمواطنين، خاصة وسط استمرار الضغوط التضخمية، شدد رئيس الفريق الحركي على ضرورة إبداع حلول تمويلية غير مؤثرة على الطبقة المتوسطة، مسجلا أنه “في غياب أي تعريف لهذه الطبقة وحدود دخلها، يتبين بأن الدخول الشهرية التي تراوح 4000 درهم، يعتبر أصحابها من هذه الطبقة، ونستدل على ذلك مثلا بمعايير وشروط استفادة الأبناء من المنح الجامعية”.

وأكد السنتيسي أن الرفع من سعر “البوطا” سيؤثر على الطبقات الفقيرة نفسها التي تستفيد من الدعم الاجتماعي، لأن هذا الإجراء يرتبط بإجراءات أخرى مقترحة في مشروع قانون المالية 2024، كالرفع من الضريبة على القيمة المضافة على عدد من السلع والخدمات كالماء والكهرباء والشاي والسكر المصفى وغيرها.

الحسين اليماني، الكاتب العام للجبهة الوطنية لإنقاذ المصفاة المغربية للبترول “لاسامير”، أكد أن الحكومة مطالبة بالتريث قبل اتخاذ قرار الزيادة بأسعار غاز البوتان، أخذا بعين الاعتبار تداعيات القرار السابق المرتبط بتحرير المحروقات الذي كانت له انعكاسات سلبية على القدرة الشرائية، مقابل توسيع هوامش ربح الشركات بشكل غير مسبوق.

ونبه اليماني، ضمن تصريح لـ”مدار21″، أن مخاطر تحرير غاز البوتان ستكون “أفظع من المحروقات لأن استهلاك المغرب يصل إلى حوالي 3 ملايين طن سنويا، في وقت تخطط فيه الحكومة لرفع الأسعار بـ10 دراهم كل سنة في أفق الوصول إلى التحرير الشامل بحلول 2026”.

انفجار الأسعار

وحذر الخبير الطاقي من انفجار الأسعار في حال الرفع الكلي للدعم عن غاز البوتان والتي يمكن أن تتجاوز 150 درهما للقنينة من حجم 12 كيلوغراما، خاصة أن 40 بالمئة من الغاز موجه للاستهلاك المنزلي و60 بالمئة لأغراض فلاحية وغير فلاحية، ما يهدد القدرة الشرائية للمغاربة بشكل مباشرة من خلال الاستهلاك المنزلي وبشكل غير مباشر عبر الأغراض غير المنزلية خصوصا في المواد الفلاحية.

وشدد اليماني على أن الحكومة التي ترفع شعار الدولة الاجتماعية، مطالبة بالتأني، خصوصا أن قرار الزيادة بأسعار قنينات غاز البوتان يتزامن مع شهر رمضان الذي يشهد استهلاكا كبيرا للغاز داخل الأسر المغربية، داعيا في المقابل إلى إعادة النظر في هذا القرار في اتجاه تعليق تنفيذه إلى حين توفر الشروط المناسبة لاعتماده.

ويرى المتحدث ذاته أن الجفاف والغلاء واستمرار الضغوط التضخمية، مبررات موضوعية يجب أن تدفع الحكومة للتراجع عن قرار تحرير الغاز، لاسيما أن التضخم يعود في جزء كبير منه لأسباب داخلية، معتبرا أن المضي في خطوة رفع أسعار قنينات غاز البوتان، هو “تهشيم مقصود للقدرة الشرائية للمغاربة، باستحضار التجربة السيئة الذكر لقرار تحرير المحروقات”.

وسجل اليماني أنه من المهم التوجه نحو تحرير الأسعار، لكن ذلك يجب أن يتم بموازاة مع رفع الأجور وتحسين الدخل، خاصة بالعالم القروي الذي يئن تحت وطأة قلة ذات اليد، مقللا في السياق ذاته، من آثار الرفع من الحد الأدنى للأجر في القطاعات الفلاحية والصناعية على مستوى المعيش اليومي للفئات المعنية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News