مجتمع

أوضاع مقلقة تضع المغربيات بين سندان “قصور” القوانين و”ضعف” الوزيرة حيار

أوضاع مقلقة تضع المغربيات بين سندان “قصور” القوانين و”ضعف” الوزيرة حيار

يشكل عيد المرأة في كل دول العالم مناسبة للاحتفال بإنجازاتها القيادية ومكاسبها على مستويات عديدة، لكن في المغرب، فإن قرب أي مناسبة تتعلق بها، يميط اللثام عن وضع المرأة القروية “المهمشة” والمرأة الحضرية “المقصية”، وهو الوضع الذي يعري عجز وزارة تعنى بشؤون المرأة في القيام بمهامها كما ينبغي، خاصة بعد فشلها في حل ملفات شغلت الرأي العام سابقاً.

ويبدو أن مكتسبات ومطالب النساء المغربيات باتت أكبر من طموحات عواطف حيار، وزيرة الإدماج الاجتماعي والأسرة والطفل، التي تنأى بنفسها عن دخول معركة المساواة، بعد أن أثارت جدلا واسعا مؤخرا، خاصة عند غيابها عن المساهمة في إغناء النقاشات حول مدونة الأسرة التي تعرف نصوصها العديد من الثغرات القانونية التي جعلت النساء يعانين من الحيف والإقصاء.

إخفاقات الوزيرة الاستقلالية المتكررة جعل حقيبتها الوزارية مرشحة للانتقال إلى يد “بروفايل” آخر يتماشى ومطالب النساء في أول تعديل حكومي مرتقب على فريق أخنوش، خاصة بعد انتشار ظواهر كثيرة في المجتمع المغربي تخص المرأة، منها ما يتعلق بتزويج القاصرات، وظلم النساء الحاضنات وأخريات ضحايا العنف بشتى أنواعه، فيما يتصدر سقوط النساء ضحايا الدعارة والاتجار بالبشر قائمة “الفضائح” التي تمس سمعة المدن الكبرى على رأسها العاصمة الاقتصادية.

الأم الحاضنة.. المنسيات

الأمهات الحاضنات أو المطلقات الحاضنات، ما زلن يسلكن مسارا متصلا بالعوائق، أولها وجود صعوبات على مستوى الولاية واستخراج عدد من الوثائق التي تهم الأبناء في ظل غياب الأب، وثانيها منع الأم من زيارة الطفل المحضون في حالة منح الحضانة للزوج، إذ تحدد لهن مواعيد للزيارة. هذه الممارسات “الظالمة” لحقوق المرأة، ما زالت تثير الجدل في كل مرة تخرج للرأي العام قضية معينة يثار فيها حكم قضائي ليس في صالح المرأة.

وشهد الأسبوع الجاري قضية من هذا نوع، تتعلق هذه المرة بإسقاط حضانة أم مغربية لطفلة في عقدها السابع، بسبب اعتماد المحكمة على صور “مخلة للحياء” قدمها الزوج “خليجي الجنسية” بعدما كانت الزوجة على ذمته، والإشكال هنا تعلق حسب محامي الطفلة بتسلم شخص آخر عن طريق الوكالة للأغيار مهمة القيام بالإجراءات القانونية بالمحكمة، وتسلم المحضونة بعد إسقاط الحضانة عن الأم، حيث اعتبرت هيئات حقوقية ذلك خرقا سافرا لحقوق الطفلة.

هشام حرثون، محام بهيئة دفاع الأم الحاضنة (ف.ن)، قال إن “التاريخ لن يسامحنا يوما، إذا سمحنا بتنفيد قرار المحكمة”، مضيفا “نحن نحترم القضاء في حالة التزام الأب بالحضور”، غير أن ظروف إسقاط الحضانة غير سليمة، وأن الحكم مبالغ فيه.

وأكد المحامي في تصريح لـ “مدار21″، أن المدونة تشتمل على ثغرات كثيرة، على رأسها شروط زيارة المحضون في حالة الزواج المختلط، مطالبا في الوقت ذاته “بسد الفراغ التشريعي بهذا الخصوص، وإنشاء مدونة خاصة بالطفل”، معتبرا أنه “من العيب أن تهان كرامة المرأة في حقوقها من حيث النفقة والمتعة والحضانة.

وكشف المحامي بهيئة الدار البيضاء، أن هناك بعض الأحكام تصدرها المحكمة وتستثنى فيها مصاريف تمدرس الطفل، إذ تحكم في بعض الحالات بالنفقة لصالح الأم بمبلغ هزيل لا يتجاوز 600 درهم”.

زواج القاصرات..حرمان من الطفولة

وما زال الباب أمام الزواج المبكر للطفلات مفتوحا بالمغرب، بشكل يتنافى مع القوانين والمواثيق الدولية، في ظل الجدل الذي تعرفه مدونة الأسرة بعد المطالب الرامية إلى تغيير نصوصها القانونية في هذا الشأن. وعلى الرغم من ذلك فوزارة حيار لم تبد أي اهتمام بشأن تغيير هذه المضامين التي اعتبرتها الهيئات الحقوقية مجحفة في حق الطفل والأسرة، لاسيما عندما ينتج عن  زواج قاصرات “أمهات عازبات” خاصة بالنسبة لحالات الزواج بدون عقود في المناطق والقرى النائية.

معطيات رسمية كثيرة، كشفت في وقت سابق عن حصيلة زواج القاصرات بالمغرب، منها تسجيل 10 محاكم لأعلى نسب زواج القاصرات دون سن الأهلية مقارنة مع الزواج العادي، حسب دراسة تعود لسنة 2021 أعلنت عنها وزارة العدل،التي اعتبرت أن مسألة تزويج القاصرات وحرمانهن من الدراسة تشكل “هضما لحقوقهن الأساسية ولكرامتهن”.

وفي المقابل، أظهرت المعطيات والإحصائيات التي أعلنت عنها المندوبية السامية تزامنا مع اليوم الوطني للمرأة الذي يصادف العاشر من أكتوبر الماضي، عن معدل زواج الإناث البالغ سنهم أكثر من 15 سنة بالمغرب الذي يصل إلى 57.3 بالمئة والذكور 57.2 بالمئة، في حين يصل معدل الطلاق في صفوف النساء إلى 0.8 بالمئة ويبلغ 10.8 في صفوف الرجال، بينما تصل نسبة الأرامل إلى 1.1 بالمئة بالنسبة للإناث و3.7 بالمئة بالنسبة للذكور.

وسنة 2019، بلغ عدد الطلبات المرفوضة لتزويج الطفلات من طرف القضاة نسبة 58,4 في المئة من مجموع الملتمسات المقدمة في الموضوع، فيما شكلت 36 في المئة فقط سنة 2018، في حين ارتفعت لتصل 12773 بنسبة 65 بالمئة سنة 2020.

وأشارت تقارير إلى أن المحاكم تعج بطلبات الإذن بزواج القاصر، وما فتئت تتوصل بمزيد منها، حيث تلقت سنة 2020 ما يعادل 19926 طلبا، صدر بشأنها 13335 إذناً بالزواج، موضحة بأن ظاهرة تزويج القاصرات مقلقة وتتجاوز الاستثناء، وبأن الواقع أنتج وضعية لا تساير على الوجه المطلوب فلسفة المشرع التي اتجهت إلى جعل هذا الزواج استثناء في أضيق الحدود.

فيما عرفت سنة 2021 تسجيل حوالي 28714 طلباً للحصول على الإذن بزواج القاصر، تم رفض 8480 طلبا منها، والاستجابة لما مجموعه 18399 إذنا بزواج القاصر، كلما اقتضت المصلحة الفضلى للطفل ذلك.

الوسم “إكرام”

“إكرام” في نسختيها الأولى مابين 2012-2016 والثانية مابين 2017-2021، كانت التزاما لخطة حكومية ترمي لتحقيق أهداف التقليص من التفاوتات بين النساء والرجال، ومعالجة الأسباب والآثار، إلا أن هذه المقاربة المجالية والتنزيل الترابي في البرمجة والتتبع، أبانت عن “ضعف” تمثيلية المرأة في العديد من المجالات مقارنة بالرجل، مما يقلص من نجاح مبادرة “إكرام” للمساواة بين الجنسين.

ولعل أهم من ذلك ضعف تمثيلية المرأة في عضوية مجالس هيئات المحامين، التي كانت محور تساؤلات عديدة وجهت سابقا من طرف عضو الفريق النيابي للأصالة والمعاصرة قلوب فيطح؛ إلى وزير العدل، لا سيما عند تعلق هذا النقاش الدائر حول الإجراءات التي يتعين اتخاذها لتعزيز مكانة المرأة والاعتراف لها بكفاءاتها، في ظل التمثيلية “شبه المنعدمة” للمرأة حسبها في عضوية هذه المجالس.

فيما شكل “ضعف” تمثيلية النساء في المكاتب المسيرة للجماعات‬ والجهات، محط انتقادات عديدة من طرف هيئات و فعاليات نسائية،  حيث سجلت هذه الأخيرة ضعفا على مستوى حضور النساء في الاستحقاقات الانتخابية المنصرمة، وحددت نسب المرشحات في الانتخابات الجماعية في 29.87 في المائة فقط، بينما لم تتجاوز نسبة المرشحات لعضوية مجالس الجهات نسبة 39.79 في المئة، فيما تصدرت نسب الرجال عرش الانتخابات.

من جهة ثانية، فإن نسبة تمدرس الفتيات مقارنة بالذكور منذ آخر تقرير لسنة 2020، ما زالت في انخفاض تام، إذ باتت أرقام التمدرس تطرح أسئلة عديدة مرتبطة بتمدرس الفتيات في الوسط القروي، حيثُ يغادرن الدراسة أكثر من الذكور، ضمن فئة 15 إلى 17 سنة دائما، لتتراجع نسبة الفتيات القرويات المتمدرسات إلى 39.2 بالمئة.

هذه النسب تعبر عن واقع معاناة المرأة والفتاة القرية بالمغرب المنسي، حيث ما زالت الفتيات القاطنات بالقرى والمداشر والجبال النائية محرومات من التمدرس، إذ باتت المحظوظات منهن من تلتحق بحجرات الدراسة معدودة على رؤوس الأصابع، فبدل حمل الحقائب تلجأ تلك الفتيات لحمل الحطب للتدفئة، وحمل المياه من الآبار إلى المنازل في رحلات طويلة عنوانها المشقة والتهميش.

 “جسر” مبادرة دون أثر

وزارة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة أفادت في وقت سابق، بأنه تم تكوين أكثر من 80 ألف امرأة وإحداث أزيد من 100 مركز للتكفل بالنساء والفتيات ضحايا العنف في جميع أقاليم المملكة، بالتزام مالي قدره 386 مليون درهم في إطار برنامج “جسر”.

وأبرزت أنها عمدت إلى تنفيذ مجموعة من المبادرات للمساهمة في تعزيز ركائز الدولة الاجتماعية بهدف تحسين وضع النساء وتمكينهن، والعمل على مكافحة العنف ضد النساء والفتيات في المدارس والعمل والفضاء العام، والتوعية حول العنف الرقمي مع التركيز على قضايا النساء في العالم القروي، تماشيا مع التزامات البرنامج الحكومي للفترة 2021-2026.

ورغم هذه الاستراتيجيات، إلا أن هذه المبادرات كانت ولازالت محط العديد من الانتقادات، حيث قامت الوزارة بإطلاق مبادرات دون أي أثر أو وقع مباشر على المستهدفين، بينما أسفرت العملية على تسجيل عشرات الآلاف من النساء اللواتي يعانين من وضع هش، حيث أنه بعد مرور أكثر من عام على العملية، لم يتم التواصل مع النساء المسجلات بعد، مما جعلهن يعيشن في حالة من عدم اليقين الطويلة، وهذا يؤثر سلبًا على مصداقية المؤسسات الحكومية.

 معاناة النساء مع العنف

روغم صدور القانون 103.13 المتعلق بحماية النساء ضحايا العنف ودخوله حيز التنفيد السنوات المقبلة، إلا أن العديد من النساء لازلن يتعرضن للعنف الجسدي واللفظي والرقمي هذه المرة، هذا الأمر لا يوضح فقط فشل القانون في تحقيق الردع الكامل بالنسبة للأفعال العنف الممارسة، بل يميط اللثام عن فشل سياسة الوزيرة الاستقلالية في التعامل مع ضحايا العنف في القرى والمدن.

وحسب تقارير عدد من الهيئات الحقوقية، فإن منتصف سنة 2023 ومطلع سنة 2024 كان “استثنائيا”، حيت شهد ارتفاع حوادث العنف المؤلمة، منها ما وصل إلى حد القتل والاعتداءات الجنسية، ومنها ما تعلق بفضح صور مخلة للحياء لنساء عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وهو ما أبان عن فشل تقنين قوانين حماية حقوق النساء في مواجهة العنف الرقمي.

ومازالت حناجر النساء الحقوقيات بالمنظمات النسوية، تصدح في كل خرجة إعلامية أو احتجاج على وقائع الاغتصاب، مطالبة بضرورة التدخل لتوسيع الخدمات المتعلقة بالمرأة، والعمل على وضع إطار شامل لمناهظة العنف بالارتكاز على 4 مقومات، “الوقاية، الحماية، الزجر وجبر الضرر”.

وأبانت فترة جائحة كوفيد 19 ولا زالت تعاني منه نسبة كبيرة من النساء، عن ارتفاع حالات العنف اللفظي والجسدي، حيث كشف تقرير أصدرته  منظمة اتحاد العمل النسائي بمناسبة الأيام الأممية لمناهضة العنف ضد النساء واليوم الوطني لمناهضة العنف، في الفترة ما بين نونبر 2021 ونونبر 2022، عن استقبال مراكز النجدة حالات عديدة لنساء ضحايا العنف.

وكشف التقرير أن 60 في المئة من النساء والفتيات ضحايا العنف النفسي صرحن بإصابتهن باضطرابات نفسية عند تعرضهن للعنف الجسدي، و13.8 في المائة من النساء والفتيات تعرضن للعنف الرقمي.

تعليقات الزوار ( 1 )

  1. لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم رفعتم من نسبة الطلاق والاطفال خارج العلاقة الزوجية والامهات العازبات والعنوسة وووووو دون الكلام عن الروابط الاسرية والاخلاقية والاحترام وتعلمون ماذا هو هذفكم وليس بهذفكم بل بهذفهم وانتم المعول

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News