سياسة

“بلوكاج” المؤتمر يُطوق عنق بركة ويُحرج الاستقلال أمام الأغلبية

“بلوكاج” المؤتمر يُطوق عنق بركة ويُحرج الاستقلال أمام الأغلبية

يعيش حزب الاستقلال منذ عامين خارج القانون بعد “فشل” الحزب المشارك في حكومة أخنوش في عقد مؤتمره الوطني لانتخاب قيادة جديدة في أعقاب نهاية ولاية الأمين العام الحالي نزار بركة منذ أكثر من سنتين، وهو الوضع الذي أصبح “محرجا” له أمام حلفائه في الأغلبية الحكومية التي يقودها التجمع الوطني للأحرار.

وكان المؤتمر السابع عشر لحزب الاستقلال المنعقد بتاريخ 7 أكتوبر 2017، انتخب نزار بركة أمينا عاما للحزب بعد أن حصل على 924 صوتا مقابل 230 صوتا لمنافسه حميد شباط، فيما بلغ عدد الأصوات الملغاة 78 صوتا وذلك من مجموع أصوات أعضاء المجلس الوطني.

ولم يُفلح إيقاف صنبور الدعم السنوي التي تُخصصه الدولة للأحزاب السياسية، عن حزب الاستقلال بسبب مخالفته لأحكام القانون التنظيمي رقم 07.21 القاضي بتغيير القانون التنظيمي رقم 29.11 المتعلق بالأحزاب السياسية، في دفع حزب “الميزان” إلى التعجيل بعقد مؤتمره الوطني، رغم تحرك قيادة الاستقلال في وقت سابق لعقد مؤتمر استثنائي لاعتماد تعديلات جديدة على القانون الأساسي.

ودفع هذا الوضع “غير القانوني” لحزب علال الفاسي، حليفه في الحكومة حزب الأصالة والمعاصرة  إلى مهاجمته، وشدد القيادي البارز في حزب “الجرار” سمير كودار،  على أنه “لا يمكن لحزب يتواجد في موقع التدبير المؤسساتي والحكومي، أن يعجز عن عقد مؤتمره الوطني في تاريخ المحدد”، مشيرا إلى أن بعض الأحزاب تدبر وتسير الحكومة (في إشارة إلى حزب الاستقلال) لم تستطع عقد مؤتمرها في الآجال القانونية.

وضع محرج

وفيما يتردد داخل البيت الاستقلالي، قُرب انعقاد المؤتمر الوطني بعد انتصاف الولاية الحكومية، لانتخاب قيادة جديدة وفق ما أعلن عن ذلك الأمين العام للحزب نرار بركة خلال آخر اجتماع للجنة التنفيذية، أكدت مصادر قيادية من الأغلبية الحكومية أن الوضع القانوني لحزب “الميزان” صار محرجا، خاصة أنه مضى على انتهاء الآجال القانونية لعقد مؤتمره الوطني أزيد من سنتين.

وبينما رجّحت مصادر قيادية بحزب الاستقلال أن يتم  تجاوز حالة “البلوكاج” بعقد المؤتمر الوطني في آواخر أبريل القادم  بعد افتتاح الدورة الربيعية للبرلمان، يواجه نزار بركة اتهامات داخلية  بـ”إفشال” عقد المؤتمر الاستثنائي للحزب الذي كان مقررا إجراؤه نهاية السنة الماضية، قبل أن يتم تأجيله لأسباب واهية على حدّ تعبيرها.

وأوضحت مصادر استقلالية أنه في الوقت الذي تم الاتفاق بين قيادة الحزب على تحديد موعد المؤتمر بعد طي الخلافات التي نشأت عن “خلوة الهرهورة” فاجأ بركة الجميع برفض عقد المؤتمر الاستثنائي بدعوى ضرورة توسيع المشاورات داخل الحزب حول التعديلات المرتقب إدخالها على القانون الأساسي للحزب والعرض السياسي الجديد الذي يمكن أن يقدم الحزب لتدبير المرحلة المقبلة.

رهانات متناقضة

اسماعيل حمودي أستاذ العلوم السياسية بجامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس، أكد أن وضع حزب الاستقلال، ” يعكس رهانات متناقضة بين قياداته بحيث يتعذر معها بناء التوافق الذي يحفظ وحدة الحزب ويحميه من الانقسام”، مسجلا أن ذاك هو يجد تفسيره في ثقافة حزبية تمنح الأسبقية للتوافقات القبلية على حساب الديمقراطية ومفاجآت الصندوق.

وبما أن قيادات الحزب الاستقلالي لم تنجح حتى الآن في التوصل إلى توافق حول الهيئات التقريرية والتنفيذية في الحزب، خصوصا المجلس الوطني والأمانة العامة للحزب، يوضح حمودي في حديثه لـ”مدار21″، فإن الانقسام سيستمر وبالتالي تأجيل المؤتمر عن وقته القانوني.

ويرى الأستاذ الجامعي ذاته، أن مشكل حزب الاستقلال لا يتعلق بالقانون، بل بالثقافة الحزبية داخل هذا الحزب، وآليات إدارة الخلافات داخله، لافتا في السياق نفسه، إلى أن ثقافة التنظيمية داخل هذا الحزب تبقى متجذرة ومترسخة بالنظر إلى عمره السياسي المديد.

ورغم مرور سنتين على انتهاء الولاية الانتدابية للجنة التنفيذية، إلا أن حزب الاستقلال يتغاضى عن هذا التجاوز القانوني الذي يعطي إشارة سلبية عن انتظام دورية الانتخابات داخل الأحزاب لاسيما عند ما يتعلق  الأمر بحزب يدبر الشأن العام من موقع الحكومة، وما ذلك من تأثير ذلك على مسلسل البناء الديمقراطي الذي تشكل فيه الأحزاب قطب الرحى، خاصة أننا أمام حزب وطني تاريخي من حجم حزب علال الفاسي.

“كمون حزبي”

ودخل حزب الاستقلال مرحلة “كمون غير مسبوقة” في تاريخ الحزب الذي عرف بشراسة مواقفه المدافعة عن كثير من القضايا المجتمعية، وأرجعت مصادر قيادية تحدثت للجريدة سبب ما أسمته بـ”الوضع الكارثي” الذي يعيشه حزب علال الفاسي منذ صوله للحكومة إلى التدبير العشوائي الذي يتحمل فيه الأمين العام للحزب نزار بركة القسط الأوفر من المسؤولية بعد تعطيله لمؤسسات الحزب وعلى رأسها اللجنة التنفيذية.

وسجل حمودي أن البناء الديمقراطي، لم يعد أولوية لدى أغلبية الأحزاب المغربية، التي باتت تفضل القرب من السلطة، والوصول إلى مواقع القرار في المؤسسات المنتخبة بأي طريقة كانت، بما في ذلك استعمال الأعيان وحتى تجار الممنوعات كما تثبت ذلك قضية ما يسمى بـ “إسكوبار الصحراء”، مؤكدا أن  “الديمقراطية لم تعد أولوية سواء لدى الأحزاب أو لدى الدولة كذلك”.

هذا، وقررت اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال، تأجيل المؤتمر الاستثنائي الذي كان مقررا عقده في صيف  2022، بهدف مراجعة بعض مقتضيات النظام الأساسي للحزب إلى وقت لاحق.وعزت اللجنة التنفيذية، في بلاغ سابق لها قرار التأجيل، إلى مواصلة الاستعدادات المرتبطة بالإعداد المادي واللوجستيكي والأدبي للمؤتمر، وكذا لفسح المجال لإنضاج الشروط الذاتية والموضوعية والمناخ الجيد لعقد هذه المحطة التنظيمية.

وكان من المرجح أن تحسم “الخلوة” التي كان من المقرر عقدها بعد عيد الفطر الفائت (قبل أن يتم العدول عنها)  في موعد عقد المؤتمر الاستثنائي للحزب لانتخاب قيادة جديدة بعد نهاية ولاية اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال منذ أكثر من سنتين. وكشفت مصادر من داخل حزب الاستقلال أن “الوضعية غير القانونية” للحزب أصبحت محرجة له أمام حلفائه في الحكومة وصارت مكبلة لتحركاته داخل الأغلبية.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News