سياسة

“تخليق البرلمان” يُؤجل حسم مجلس النواب في تعديل نظامه الداخلي

“تخليق البرلمان” يُؤجل حسم مجلس النواب في تعديل نظامه الداخلي

قرر مجلس النواب تأجيل الحسم في تعديلات نظام الداخلي، التي كان منتظرًا تحديد موعد جلسة التصويت عليها، في أعقاب تراجع فريق الأصالة والمعاصرة عن مقترحات تعديلات التي استهدفت تقليص عتبة تشكيل الفرق النيابية وحظر النواب المتابعين من تولي مهام المسؤولية داخل المؤسسة البرلمانية.

ويأتي قرار التأجيل وفق ما أوضحت مصادر من مكتب مجلس النواب، على إثر الرسالة الملكية بمناسبة الذكرى الستين لإحداث البرلمان المغربي، والتي تضمنت دعوة صريحة لممثلي الأمة من أجل إقرار مدونة للأخلاقيات تكون ملزمة لعموم البرلمانيين، وهي الدعوة التي تأتي في سياق متابعة عدد غير يسير من النواب والمستشارين أمام القضاء بتهم تتعلق بتبديد أموال عمومية.

ودعا الملك محمد السادس بمناسبة الذكرى الستين لتأسيس البرلمان المغربي، إلى إقرار مدونة للأخلاقيات للمؤسسة التشريعية بمجلسيها تكون ذات طابع قانوني ملزم وتحقيق الانسجام بين ممارسة الديمقراطية التمثيلية والديمقراطية التشاركية، مطالبا بالعمل على الرفع من جودة النخب البرلمانية والمنتخبة وتعزيز ولوج النساء والشباب بشكل أكبر إلى المؤسسة التمثيلية.

وتشكل الدعوة الملكية إلى إقرار مدونة للأخلاقيات البرلمانية تطويقا لعنق ممثلي الأمة في تحصين المؤسسة التشريعية من الفساد، وهي الدعوة التي تأتي تزامنا مع متابعة برلمانيين أمام القضاء بتهم فساد، في وقت جرى فيه تجريد عدد غير يسير منهم من عضوية البرلمان بعد إدانتهم بأحكام قضائية إثر تورطهم في قضايا تبديد واختلاس أموال عمومية.

مصادر الجريدة، أكدت أنه كان مقررا خلال الأسبوع عقد اجتماع بين رئيس مجلس النواب راشيد الطالبي العلمي لمناقشة الصيغة الملائمة للتعاطي مع الدعوة الملكية في سياق توجه المجلس لترتيب الآثار القانونية على قرار المحكمة الدستورية بشأن مقتضيات قانونه الداخلي، مضيفة أن وجود رئيس المجلس إلى جانب عدد من رؤساء الفرق النيابة في مهام رسمية خارج أرض الوطن حال دون عقد الاجتماع المذكور.

ورجحت المصادر نفسها، أن يتم عقد الاجتماع مطلع الأسبوع القادم إثر عودة رئيس مجلس النواب إلى أرض الوطن، مشيرة إلى أن هناك توجهان بخصوص تفاعل النواب مع دعوة الملك لإقرار مدونة جديدة للأخلاقيات، يتعلق الأول منهما بإعداد مبادرة برلمانية مستقلة تتضمن حزمة من القواعد القانونية الخاصة بأخلاقيات العمل البرلماني، تنفيذا للتعليمات الملكية بهذا الشأن.

وأضافت ذات المصادر، أن هناك توجه آخر، يقول بفتح المجال أمام إدراج تعديلات جديدة على النظام الداخلي لمجلس النواب قبل ترتيب الآثار القانونية على قرار المحكمة الدستورية، موضحة أن هذا الخيار يفرض العودة إلى نقطة الصفر فيما يتعلق بمسطرة التعديل أي إعادة التعديلات التي كان مقررا المصادقة عليها بالجلسة العامة، إلى طاولة لجنة النظام الداخلي.

وكشفت مصادر برلمانية تحدثت لـ”مدار21″ أن هذا الخيار الآخر من شأنه فتح شهية النواب لتقديم تعديلات جديدة على النظام الداخلي لا تقتصر فقط على موضوع الأخلاقيات، وهو لن يسعف المجلس تحقيق الغاية المنشودة من التفاعل مع الدعوة الملكية لاعتماد مقتضيات قانونية ملزمة لتخليق الممارسة البرلمانية.

وتوقعت مصادر الجريدة، أن يحسم الاجتماع المرتقب عقده برئاسة الطالبي العلمي بداية الأسبوع المقبل في الصيغة المناسبة التي سيتبناها المجلس في التعاطي مع الرسالة الملكية، مسجلة أن رئاسة المجلس ستحرص على بناء التوافق بين كافة المكونات لإقناع النواب بالتعديلات الملائمة للنظام الداخلي، على غرار ما جرت به أعراف وتقاليد الممارسة البرلمانية خلال الولايات التشريعية السابقة.

واستبعدت المصادر نفسها، أن يتمكن مجلس النواب من حسم قراره بهذا الشأن خلال ما تبقى من الدورة الخريفية التي تشرف على الانتهاء، مؤكدة أن أي من الصيغ سيتم اختيارها لتفعيل الدعوة الملكية وإقرار مدونة لأخلاقيات العمل البرلمان ستستغرق وقتا طويلا بالنظر لطبيعة المسطرة المعتمدة من جهة، وكثافة الأجندة التشريعية المطروحة على البرلمان خلال الدورة التشريعية القادمة.

في غضون ذلك، قرر فريق الأصالة والمعاصرة بمجلس النواب التراجع عن التعديلات التي اقترح إدخالها على النظام الداخلي للمجلس، بإيعاز من أمينه العام ووزير العدل، عبد اللطيف وهبي، وذلك في أعقاب إجماع مكونات المجلس على رفضها مقابل التشبث باحترام مسطرة المصادقة على التعديلات التي أدرجتها لجنة النظام الداخلي، بعد ترتيب الآثار القانونية على قرار المحكمة الدستورية.

ورفض مكتب مجلس النواب اعتماد تعديلات جديدة على نظامه الداخلي غير تلك التي بتت فيها المحكمة الدستورية، بحجة أنه لا يمكن إعادة المسطرة إلى نقطة الصفر، خاصة أن تعديل النظام الداخلي استغرق أكثر من سنة.

وقرر مجلس النواب الإبقاء على نفس الصيغة السابقة لعدد من المواد التي رفضتها المحكمة الدستورية بمناسبة بتها في مدى مطابقة التعديلات المدرجة على النظام الداخلي لمجلس النواب للدستور، ويتعلق الأمر بكل من المادة 28 و86 و136 و258 و313 (الفقرة الأخيرة) و316 و321 (الفقرتان الأولى والثانية).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News