الرحل بالجبال.. رحلات شاقة يضاعف قساوتها البرد والتهميش

تزداد معاناة سكان الجبال والمناطق النائية مع بداية موسم البرد بسبب انخفاض درجات الحرارة وأزمة حطب التدفئة، الأمر الذي يعمق مآسيهم بسبب قلة الإمكانيات وعزلتهم عن باقي المناطق، لتتجدد نداءات السكان بشأن ضعف تعاطي الدولة مع وضع العزلة.
شكري إيدير، نائب رئيس جمعية رحل صاغرو بجماعة النقوب بإقليم زاكورة، أوضح أن معاناة أسر الرحل تزداد بشكل كبير خلال فصل الشتاء وأثناء موجة البرد، حيث تزداد الحاجة لحطب التدفئة الذي تتولى النساء بالأساس مهمة إحضاره من الجبل، بالإضافة إلى توفير كميات مهمة منه بالقرب من خيامهم، لاستعماله في الطبخ وإعداد الوجبات الغذائية والشاي والتدفئة.
وأضاف شكري في تصريحه لـ”مدار21″ أن الإشكالية تكمن في طريقة إحضار هذا الحطب من الجبال التي يرعى فيها الرحل مواشيهم، إذ تصبح النباتات والأعشاب اليابسة الوسيلة الوحيدة للتدفئة ومواجهة موجات البرد القاسية، مضيفا أن مدة جلب الحطب من هذه الجبال قد تستغرق 45 دقيقة يوميا.
وأكد المتحدث نفسه أن الرحل عادة ما ينامون خارج خيامهم لحراسة مواشيهم ومراقبتها، أو في غرف مجاورة مبنية بالحجارة أو في أكواخ قصد الاحتماء من البرد، كما تعاني العديد من أسر الرحل نقصا في الأفرشة والأغطية، إذ يلجؤون بالأساس إلى ما توفر لهم من أغطية مصنوعة من صوف الماشية.
وأردف شكري قائلا: “في هذا الجو البارد، المعاناة تتعمق وصعوبة مواجهة البرد تزيد، خاصة لهؤولاء الرحل الذين يقومون برعي الماشية، ونظرا لقلة الأغطية والملابس والأحذية يعاني الأطفال في هذه الفترة، بل وتتشقق أرجلهم وأيديهم بفعل موجات البرد”.
من جانب آخر، وجهت فعاليات حقوقية نداءات إنسانية عبر وسائل التواصل الاجتماعي من أجل التدخل لمواجهة موجات البرد بالجبال والمناطق المعزولة، حيث أعربت الأمانة العامة للمنظمة المغربية لحقوق الإنسان ومحاربة الفساد في بلاغ عن تضامنها اللامشروط مع ساكنة إقليم أزيلال.
وأبان الائتلاف عن الصعوبات التي يعيشها سكان المناطق الجبلية والنائية في حياتهم اليومية مع موسم البرد القارس، الذي يزيد من معاناة الأسر الفقيرة، بسبب ارتفاع أسعار حطب التدفئة لينضاف إلى ذلك ارتفاع أسعار المواد الغذائية حسب البلاغ.
ولفت الائتلاف إلى أن “العديد من الأسر التي تعيش في الخيام تعاني في صمت بسبب عدم ملاءمتها للظروف المناخية، وغياب ملاجئ مؤقتة للوقاية من الثلوج والأمطار الغزيرة التي تعيش على وقعها المنطقة”، مشددا على ضرورة “توفير الإمكانيات الضرورية، في انتظار إعادة الإعمار الذي سيأخذ وقتا أطول”.
من جهة ثانية، أطلق الائتلاف المدني من أجل الجبل، عبر صفحته الرسمية بمنصة “فيسبوك” نداء بمناسبة اليوم الدولي للجبال، الذي يوافق الحادي عشر دجنبر من كل سنة، تحت شعار “جميعا يمكننا بناء مستقبل أكثر استدامة وازدهارًا للجبال وساكنتها”، داعيين فيه الحكومة المغربية إلى التعجيل بإخراج قانون الجبل إلى حيز الوجود.
ويذكر أن الأسابيع الأخيرة من دجنبر عادة ما تعرف في الثقافة الشعبية المغربية بـ”الليالي”، حيث تتسم ببرودة الطقس وانخفاض درجات الحرارة، وتصل درجات الحرارة الدنيا إلى ما بين ناقص 4 و3 درجات في بعض المناطق.