أمازيغية

اقتراب أول احتفال رسمي بـ”إيض يناير” يسائل تنزيل الأمازيغية بالمغرب

اقتراب أول احتفال رسمي بـ”إيض يناير” يسائل تنزيل الأمازيغية بالمغرب

يحتفل المغاربة يوم 14 يناير من السنة المقبلة بـ “إيض يناير” أو رأس السنة الأمازيغية، بعد إدراج الحكومة المغربية هذا اليوم ضمن لائحة العطل والأعياد الوطنية المؤدى عنها، بمبادرة ملكية بإقرار رأس السنة الأمازيغية، عطلة وطنية رسمية، على غرار فاتح محرم من السنة الهجرية والميلادية.

ويتوقع أن تكون احتفالات هذه السنة استثنائية، خاصة وأنها ستخلّد في يوم عطلة بجميع إدارات الدولة، عكس السنوات الماضية التي كان يقتصر فيها الاحتفال على الجمعيات الأمازيغية والاحتفالات العائلية.

كما ستشكل هذه المناسبة فرصة لإعادة المطالبة بالتنزيل الفعلي والحقيقي للطابع الرسمي للأمازيغية، وطرح التحديات التي تحول دون ذلك.

وقال عبد الله بوشطارت، فاعل أمازيغي ودكتور في التاريخ، في تصريح لجريدة “مدار21” الإلكترونية، إن هذا الاعتراف: “قرار ملكي استراتيجي وتاريخي مهم للدولة المغربية، لما له من دلالات رمزية قوية تعزز المصالحة مع التاريخ والهوية بشكل منصف وعادل بدون مركب نقص، وينضاف إلى القرارات الملكية التي تصبو إلى إنصاف الأمازيغية في المغرب منذ خطاب أجدير 2001”.

وأضاف بوشطارت في حديثة للجريدة أن “الاعتراف يعد أيضا مكتسبا للتراكم النضالي الطويل والتضحيات التي قدمتها أجيال الحركة الأمازيغية منذ عقود، واقرار يوم 14 يناير استجابة للواقع وللتاريخ”، مؤكدا أن الأمر سيساهم بشكل كبير في تقوية روابط الانتماء ومصالحة المغاربة مع ثقافتهم وتاريخهم وحضارتهم.

وبخصوص المستجد في الاحتفالات بـ”إيض يناير” بعد الإقرار الرسمي، أكد المتحدث أنها ستكون مؤسساتية بعد جعل رأس السنة يوم عطلة في جميع إدارات الدولة، مؤكدا “لن يقتصر الاحتفال على الجمعيات الأمازيغية وداخل البيوت كما في السابق، بل ستسعى الكثير من مؤسسات الدولة والأحزاب والهيئات لتنظيم الاحتفالات، بالإضافة إلى لقاءات وندوات تناقش موضوع الأمازيغية”.

وتابع الباحث حديثه بالقول: “غير أن إقرار رأس السنة الأمازيغية عيدا وطنيا ويوم عطلة يجب أن توازيه سياسات عمومية ومؤسساتية لتنزيل حقيقي وفعلي لترسيم اللغة الأمازيغية، لأنه لاحظنا مؤخرا تراجعات خطيرة في التدريس وفي مسلسل إدماج الأمازيغية في مختلف الإدارات والقطاعات العمومية”.

واعتبر الفاعل الأمازيغي أن احتفالات رأس السنة الأمازيغية أمر “لن يحجب الواقع المؤلم الذي تعاني منه الحقوق الأمازيغية، وتنكر الحكومة لوعودها وانتشار التعريب”، مستنكرا تهميش الأمازيغية في قانون المالية للسنة المقبلة، إذ يرى أن هذا الإقصاء يظهر “نية الحكومة في ترسيخ التراجعات تجاه الأمازيغية”.

ومن جانبه، قال علي مريف، أستاذ باحث في الدراسات الأمازيغية، في حديثه مع الجريدة، إن احتفالات هذه السنة بعد الاعتراف الرسمي أصبح مرتبطا بالدولة والحكومة والمؤسسات الرسمية بشكل عام، إذ لن يعد مقتصرا على الأنشطة التي ينظمها الفاعلون والمناضلون والجمعيات الأمازيغية، معتبرا أن الاحتفال بـ”إيض يناير” عرف إشعاعا وانتشارا واسعا من طرف مختلف الأوساط الشعبية والرسمية.

وأضاف المتحدث ذاته، أن المكتسبات السياسية التي تم تحقيقها أتت بفضل “النضالات التي يقوم بها الفاعلون والمناضلون المثقفون، كما أن المطالب يحددها السياق السياسي والثقافي والاقتصادي والاجتماعي الذي تعيشه الحركة الأمازيغية وما تعيشه البلاد”.

ودعا الباحث في الدراسات الأمازيغية الطبقة المثقفة والسياسية والحركة الأمازيغية بالخصوص، إلى تكثيف الجهود من أجل انتزاع مزيد من المطالب والحقوق، معتبرا الأمازيغية “هوية البلاد”، إذ يجب بحسب موريف أن “تعكسها الدولة من خلال هوية المؤسسات والأحزاب السياسية والمنظمات وغيرها، مع الحفاظ على المكتسبات وتطويرها من قبل الفاعلين”.

وفي ختام حديثه للجريدة، اعتبر علي موريف في تقييمه للتفاعل الحكومي مع الأمازيغية، أن “المكتسبات التي تقوم بها الحكومة؛ إذا ما قامت بها، ترتبط بأجندتها السياسية، حيث توظفها سياسيا وانتخابيا، من أجل الظفر بالمناصب الحكومية والبرلمانية، لكن هذا لا ننظر إليه بأهمية كبيرة”، مؤكدا أن الأهم “القيام بالقراءة الذاتية للحركة الأمازيغية من أجل العمل أكثر وتطوير المكتسبات التي ما زالت في بدايتها مع التفكير في تنظيمات سياسية جديدة تتولى الدفاع عن المكتسبات”.

يشار إلى أن الاحتفال برأس السنة الأمازيغية في هذا التاريخ من يناير له دلالات كثيرة، منها احتفال الفلاحين بالأرض والزراعة الذي يعرف بـ”السنة الفلاحية”. وتتضمن الاحتفالات برأس سنة الأمازيغ طهي مجموعة من الأطباق الأمازيغية المعروفة، إلى جانب تنظيم مهرجانات فولكلورية لفن أحيدوس وأحواش وغيرها من الفنون والعادات الثقافية بالإضافة إلى إلقاء محاضرات وأنشطة علمية من أجل التعريف بالحضارة الأمازيغية وتاريخها وسبل تنزيل الأمازيغية في جميع مرافق الدولة والإدارات العمومية المغربية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News