سياسة

البرلمان يُعرّي “اختلالات” الأسواق المغربية ونواب يستعجلون مكافحة الريع والاحتكار

البرلمان يُعرّي “اختلالات” الأسواق المغربية ونواب يستعجلون مكافحة الريع والاحتكار

دعا نواب برلمانيون إلى استعجالية إعادة تنظيم سلاسل التسويق، والحد من الحجم المفرط والعشوائي للوسطاء، وإرساء نظام تدبير مفتوح أمام المنافسة النزيهة والشريفة والمُفيدة، وجعل عملِ المهنيين والتجار مؤطرا ومشروعا وقانونيا ومشروطا باحترام دفتر، وليس مسنودا على ممارسات ريعية في أحيان كثيرة.

وكشف تقرير المهمة البرلمانية الاستطلاعية المؤقتة للوقوف على شبكات توزيع وتسويق المنتجات الفلاحية بالمغرب، الذي تمت مناقشته اليوم الثلاثاء ضمن جلسة عامة عقدها مجلس النواب، أن 70 بالمئة من المنتوجات الفلاحية بالمغرب تُباع خارج أسواق الجملة وأن 30 بالمئة فقط هي التي تباع في إطار أسواق الجملة، معتبرا في المقابل أن مشروع التجميع الفلاحي لا يمكن أن ينجح دون أن يسبقه تحديد الثمن.

وتأتي مناقشة التقرير البرلماني تزامنا موجة الغلاء التي اجتاحت من جديد الأسواق المغربية، إذ ارتفعت أسعار الكثير من الخضر على نحو لافت خلال الأيام الأخيرة، مما سبب موجة غضب كبيرة في صفوف المواطنين، في وقت تعالت شكاوى الفلاحين من غلاء الأسمدة والمصاريف المتعلقة بالمدخلات الفلاحية وسط استمرار موجة الجفاف بفعل شح التساقطات.

وأماط اللثام التقرير البرلماني عن وجود 32 مليون كيلوغرام من الخضر تضيع يوميا ما بين أسواق الجملة والأسواق الأسبوعية والمحلية ما يدل على وجود ضياع مهول للمنتجات الفلاحية.

وسجل التقرير البرلماني وجود وفْرة في المنتوجات الفلاحية، بحيث هناك عرض داخل الأسواق، ما يعني أن الإنتاج ليس فيه مشكل، بل المشكل في التسويق، مؤكدا أن الأثمنة التي يبيع بها الفلاح “تبقى زهيدة”، غير أن داخل أسواق الجملة ونصف الجملة تختلف الأثمنة وترتفع بناء على العرض والطلب.

وشدد فريق التقدم والاشتراكية، خلال جلسة عمومية عقدها مجلس النواب لمناقشة تقرير المهمة الاستطلاعية حول توزيع تسويق المنتجات الفلاحية، على ضرورة معالجة مواطن الهشاشة التي تعرفها منظومةُ التسويق والتوزيع، والتي تُعتبر أحد الأسباب الرئيسية التـي ساهمت، فــي ارتفاع أسعار معظم المواد الاستهلاكية، وفي تعميق أزمة التضخم وآثارها، وجعلتها تبلغ مســتويات مرتفعة لم تسجل منذ عقود.

وطالب الفريق البرلماني بنهج الحكومة لسياسة واضحة وطموحة في مجال تحويل المنتجات الفلاحية، مقترحا تطوير قنواتِ التسـويق ذات الطابع التعاوني والتضامني، وتشـجيع تجـارة القـرب، لا سيما عبر العمل علـى تشجيع الفلاحين الصغار والمتوسـطين على الانتظام في تعاونيات فلاحية.

ودعا المصدر ذاته إلى وضـع إطار قانوني ونظام تحفيزي لذلك من أجل تقنين مجال تخزين المنتجات الفلاحية في أحسن الظروف، وتأطير التخزين الاستهلاكي، أو التخزين لأغراض فلاحية، ومكافحة التخزين الاحتكاري.

من جانبه، نبه الفريق الاشتراكي-المعارضة الاتحادية- بمجلس النواب، إلى وجود عدد كبير من الوسطاء خارج إطار المراقبة القانونية، بالرغم من وجود نصوص قانونية تنظمهم، مما يزيد من عدد المتدخلين، وبالتالي من مستويات المضاربة، مسجلا أن “الأمر يؤثر سلبا على جودة المنتجات، ومصالح المنتجين، ويضرب القدرة الشرائية للمستهلكين”.

ولفت إلى أن تقرير هذه المهمة الاستطلاعية، تضمن مجموعة من الخلاصات التي يجب الوقوف عندها بشكل جدي، معتبرا أن المشكل لا يتعلق بتاتا بالإنتاج بل يكمن في مرحلة التسويق، حيث تم تسجيل اختلاف كبير في أسعار المنتوجات خلال هذه المرحلة بالمقارنة مع الأثمنة التي تباع بها من طرف الفلاح باعتباره المنتج الفعلي لها.

ويرى الفريق الاتحادي إلى أن الرهان الأساسي يبقى هو إعادة عملية هيكلة أسواق الجملة باعتبارها مدخلا لتجاوز هذا الواقع، إذ أشار تقرير المهمة إلى أن 70 بالمئة من المنتوجات الفلاحية يجري تداولها خارج هذه الأسواق، مؤكدا أن هذا الأمر يضع الحكومة أمام استهداف الأسواق الأسبوعية توازيا مع أسواق الجملة خصوصا، لاسيما أن 40 بالمئة من المنتوجات الفلاحية يتم ترويجها داخل الأسواق الأسبوعية.

من جهتها، أكدت المجموعة النيابية للعدالة والتنمية أن تجاوز كل الأعطاب التي تعرفها عملية توزيع وتسويق المنتوجات الفلاحية رهين بمدى قدرة الحكومة على بلورة استراتيجية شاملة تتضمن تدابير عملية، تكون الغاية منها ضمان الحد من المضاربات، للوقوف بشكل جدي على ضمان تلازم مستويات الربح مع حجم المجهود المبذول في جميع مراحل تسويق وتوزيع المنتجات الفلاحية.

ودعت المجموعة النيابية إلى إعادة هيكلة الأسواق وخلق هيئة جديدة بين وزارية تحت إشراف رئيس الحكومة تختص بتنظيم التسويق المحلي للمنتجات الغذائية، إضافة إلى تنظيم الوسطاء وتجار نصف الجملة داخل أسواق الجملة من خلال منحهم صفة التاجر مع الاستغناء عن مهنة الوكيل داخل أسواق الجملة.

واقترحت المجموعة النيابية للعدالة والتنمية خلق مؤسسة عمومية جديدة تتكلف بتتبع سلاسل الإنتاج وتوزيعها ومراقبتها وتمكينها من اختصاصات قانونية واسعة تتضمن المراقبة والزجر لمخالفي القواعد القانونية المنظمة لسلاسل الإنتاج والتوزيع.

وطالبت المجموعة البرلمانية ضرورة إعطاء الأولوية لتحقيق الاكتفاء الذاتي من الحبوب والقطاني والخضروات والفواكه نظرا لأهميتها في ضمان الأمن الغذائي، مسجلة أن هذا التوجه غائب عن الحكومة التي فضلت التركيز على التصدير بدعم الفلاحين الكبار  وإهمال الفلاحين الصغار.

ونبه المصدر ذاته لتأثير هذا التوجه على الأمن الغذائي والارتهان للخارج في توفير هذه المواد مع ما يكلف ذلك من مبالغ مالية كبيرة بالعملة الصعبة وبالتالي تعميق العجز  التجاري، وهو ما يظهر من خلال بيانات مكتب الصرف لسنة 2022حيث كلف استيراد القمح اللين العام الماضي فقط أكثر من 25 مليار درهم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News