سياسة

أحزاب تراهن على رفع عدد نواب الأمة في مقترحات تعديل قوانين الانتخابات

أحزاب تراهن على رفع عدد نواب الأمة في مقترحات تعديل قوانين الانتخابات

تستعد الأحزاب السياسية للإفراج عن مذكراتها بخصوص تعديل القوانين الانتخابية المؤطرة للاستحقاقات التشريعية المزمع تنظيمها في خريف 2026، والتي يتصدرها، حسب ما رشح من معطيات توصلت بها جريدة “مدار21” من داخل الهيئات الحزبية المعنية، (يتصدرها) تقاطع في مطلب الرفع من عدد أعضاء مجلس النواب لتوسيع المشاركة السياسية داخل المؤسسة التشريعية.

ويبلغ عدد أعضاء مجلس النواب حاليًا 395 نائبًا برلمانيًا يتم انتخابهم من طرف المواطنين عبر الاقتراع اللائحي، أو الاقتراع باللائحة، حيث يُحيل عدد نواب الأمة، الذي تطوّر عبر مرور السنوات ومنذ الاستقلال إلى اليوم، إلى الغاية من إصرار الأحزاب السياسية على الرفع من عدد أعضاء الغرفة التشريعية الأولى.

وسبق أن ألحَّت الأحزاب السياسية في آخر مراجعة للقوانين الانتخابية، في إطار الانتخابات التشريعية لسنة 2021، على رفع عدد أعضاء مجلس النواب بـ30 نائبًا برلمانيًا، مبررةً هذا المطلب بفسح المجال أمام مغاربة العالم من أجل ضمان حقهم في تمثيل المواطنين المغاربة بالمؤسسة التشريعية.

وقد عرف عدد النواب البرلمانيين بمجلس النواب تغييرًا، في منحى تصاعدي منذ أول تجربة برلمانية بمغرب ما بعد الاستقلال، بانتقاله من 144 نائبًا خلال الولاية التشريعية لـ1963–1965 إلى 240 عضوًا في الولاية التشريعية الثانية (1970 ـ 1972)، ثم 264 عضوًا خلال ولاية 1977 ـ 1983، ثم 306 نواب برلمانيين خلال الولاية التشريعية ما بين 1984 و1992.

واستمر المنحى التصاعدي لعدد أعضاء مجلس النواب بمرور السنوات وتراكم التجارب البرلمانية المغربية، حيث وصل في الولاية التشريعية ما بين 1993 و1997 إلى 333 مقعدًا برلمانيًا، ثم 325 عضوًا خلال الولاية التشريعية السادسة، قبل أن يستقر بموجب التعديل الدستوري لسنة 2011 في 395 نائبًا برلمانيًا.

“سخرية سياسية”

عبد العزيز قراقي، نائب عميد كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية السويسي بالرباط، قال إن “مطالبة الأحزاب السياسية برفع عدد أعضاء مجلس النواب إلى أكثر من 395 نائبًا برلمانيًا هي قمة السخرية السياسية”، مشيرًا إلى أنه “بغض النظر عن الحيثيات التي جعلت الأحزاب تُضمِّن هذا المطلب في مذكراتها المتعلقة بمراجعة القوانين الانتخابية، والتي سترفعها لوزارة الداخلية، فإن الأجدر بهذه الهيئات السياسية هو القيام بتقييم داخلي لحصيلة تمثيليتها السياسية داخل المؤسسة التشريعية”.

وأضاف نائب عميد كلية العلوم القانونية السويسي، في تصريح لجريدة “مدار21” الإلكترونية، أن “السياق السياسي الحالي يُحيل على وصول الأحزاب السياسية، بعدد نوابها الحالي بالغرفتين التشريعيتين، إلى مستوى غير مسبوق من الاستخفاف بالمسؤولية التمثيلية داخل البرلمان”، متسائلًا: “ما فائدة الرفع من عدد المقاعد داخل البرلمان إذا كان التصويت على مشاريع ومقترحات قوانين مهيكلة ومهمة يتم بحضور محدود لنواب الأمة؟”.

واعتبر المتحدث ذاته أن “الأجدر بالأحزاب السياسية هو إعطاء المعنى لمشاركتها السياسية وامتحان حصيلة مشاركتها السياسية داخل المؤسسة التشريعية”، مشيرًا إلى أن “الحصيلة السياسية تتضمن مشاركتها في التشريع والرقابة على عمل الحكومة وتقييم السياسات العمومية”.

واعتبر المحلل السياسي عينه أن “مراجعة عدد مقاعد مجلس النواب في السياق السياسي الحالي، والمطالبة برفع عددها، يدخل في إطار إرضاء الخواطر والإجراءات الشكلية أو العددية، دون فائدة تُذكر على العملية السياسية”، مبرزًا أن “مثل هذه السلوكات السياسية تُفقدنا مصداقية العمل السياسي بالمغرب وتزيد من حدة النفور منه”.

توسيع المشاركة.. مبرر غير مقنع

وتُصرُّ عدد من الأحزاب السياسية على ربط مطلب رفع عدد أعضاء مجلس النواب بمستجدات الساحة السياسية، خصوصًا ما يتعلق بتصاعد دعوات العودة إلى اللائحة الوطنية للشباب وتوسيع مشاركة النساء، بالإضافة إلى تخصيص مقاعد لصالح مغاربة العالم داخل المؤسسة التشريعية.

وفي هذا الصدد، أوضح قراقي أنه “لا يجب المزج بين هذه العناصر الثلاثة بحكم أنها مختلفة تمامًا”، مشيرًا إلى أن “الأصوات السياسية التي تدعو إلى دمج العناصر الثلاثة في لائحة وطنية واحدة هي مجرد ‘فدلكة’ لا تصلح إلا للاستهلاك السياسي”. 

وتساءل المصدر عينه: “كيف يعقل أن نبحث عن طرق لتمتيع مغاربة العالم بالحق في التمثيلية السياسية، في الوقت الذي لم يتم، إلى حدود اليوم، إعطاء الحق في التصويت المباشر عوض اعتماد نظام الوكالة في التصويت؟”، مشددًا على أن “الاهتمام بالمشاركة السياسية لمغاربة العالم يبدأ ببحث آليات التصويت المباشر”.

وبخصوص تبرير بعض الأحزاب السياسية لمطلب رفع عدد المقاعد داخل مجلس النواب بالتمهيد للعودة إلى اللائحة الوطنية للشباب وتوسيع المشاركة السياسية للنساء، أوضح الأستاذ الجامعي والمهتم بالشأن السياسي أن “الشباب اليوم ليس في حاجة إلى لائحة وطنية لتشجيع مشاركته السياسية”، لافتًا إلى أن “مثل هذه الإجراءات تدخل في إطار الريع السياسي”.

واعتبر نائب عميد كلية الحقوق السويسي أن “الانتخابات المقبلة تأتي في سياق مغاير يتزامن مع إعلان نتائج الإحصاء العام للسكان والسكنى”، مبرزًا أن “لوائح الأحزاب السياسية في المغرب التي ستدخل بها سباق الانتخابات التشريعية لسنة 2026 يجب أن تعكس البنية الديموغرافية للمجتمع”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News