سياسة

الزلزال يُغيّر أولويات مشروع مالية 2024 والدعم الاجتماعي يستهدف 60 بالمئة من المغاربة

الزلزال يُغيّر أولويات مشروع مالية 2024 والدعم الاجتماعي يستهدف 60 بالمئة من المغاربة

فرضت  التداعيات الناجمة عن الزلزال الذي ضرب عدة جهات من المملكة مخلفا خسائر بشرية ومادية كبيرة، على الحكومة تغيير أولويات مشروع قانون المالية لسنة 2024، الذي تداول بشأن توجهاته العامة المجلس الوزاري الذي ترأسه يوم أمس الملك محمد السادس في انتظار إحالته اليوم الجمعة على أنظار البرلمان بعد مصادقة الحكومة عليه.

وترتكز التوجهات العامة لمشروع قانون المالية لسنة 2024، وفق أعلنت عن ذلك وزيرة الاقتصاد والمالية في العرض الذي قدمته أمام الملك خلال انعقاد المجلس الوزاري، على أربعة أولويات أساسية في مقدمتها تنزيل برنامج إعادة البناء والتأهيل العام للمناطق المتضررة من زلزال الحوز، وتعزيز التدابير الرامية للحد من التأثيرات الظرفية.

والتزمت الحكومة بالإسراع بتنزيل هذا البرنامج، وفق مقاربة مندمجة، وباعتماد حكامة متناسقة، من خلال وكالة تنمية الأطلس الكبير، في إطار تعاقدي يشمل كل المتدخلين؛ وذلك بمساهمة كل من الميزانية العامة للدولة والجماعات الترابية، وصندوق التضامن الخاص بتدبير آثار الزلزال، وصندوق الحسن الثاني للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، إضافة إلى الدعم والتعاون الدولي.

وتؤكد الحكومة من خلال مشروع قانون المالية للسنة المقبلة، أن المغرب أبان عن ردة فعل إيجابية ونجاعة كبيرة في تدبير هذه الكارثة الطبيعية، حيث تم تنفيذا للتعليمات إعداد برنامج مندمج ومتعدد الأبعاد، يشمل كل القطاعات، يهدف إلى إعادة الإعمار وتأهيل المناطق المنكوبة، ويهم حوالي 4.2 مليون من ساكنة المناطق المتضررة، بغلاف مالي يقدر بـ 120 مليار درهم، على خمس سنوات.

تخفيف آثار الزالزال

وقبل فاجعة الزلزال ارتكز مشروع قانون المالية برسم السنة المقبلة على أربع أولويات أساسية، وتتعلق وفق ما أعلنت عن ذلك المذكرة التأطيرية لرئيس الحكومة، بتوطيد تدابير مواجهة التأثيرات الظرفية، ومواصلة إرساء أسس الدولة الاجتماعية ومواصلة تنزيل الإصلاحات الهيكلية وتعزيز استدامة المالية العمومية.

نوفل الناصر، الخبير الاقتصادي والباحث في المالية العمومية، أكد أنه من الطبيعي جدا أن يغير زلزال الحوز أولويات مشروع قانون المالية للسنة المقبلة لاسيما في ظل توالي سنوات الجفاف والتحولات الجيوسياسية على صعيد مناطق عدة من العالم وما ينجم عنه من تقلبات اقتصادية وسياسية تلقي بظلالها على الوضع الداخلي للمملكة، مشيرا إلى أن هذه الكارثة الطبيعية، استنفرت كافة مؤسسات الدولة التي سارعت للتخفيف من آثاره الاجتماعية والاقتصادية والنفسية على ساكنة المناطق المتضررة.

وسجل الناصري ضمن تصريح لـ”مدار21″ أن زلزال الحوز وما أسفر عنه من تداعيات يؤكد ضرورة تعزيز الدولة الاجتماعية ضمن  أولويات مشروع قانون سنة 2024  من خلال اعتماد برامج اجتماعية جديدة تخصص للمناطق المنكوبة في إطار التوجيهات الملكية الرامية إلى النهوض بهاته المناطق والتخفيف من معاناة الساكنة المتضررة وحماية كرامة هؤلاء المواطنين مع ما يقتضيه ذلك من إعادة الحياة إلى المنطقة والتسريع بتحرير عجلة الأنشطة الاقتصادية.

وأضاف الناصري أن فاجعة الزلزال تفرض التركيز على تنزيل برامج الحماية الاجتماعية وترسيخ مركزية الدولة الاجتماعية التي انتهجتها المملكة تحت قيادة الملك محمد السادس من خلال تبني برامج وسياسات اجتماعية لتقليص الفوارق المجالية والحد من هشاشة المناطق النائية وتعزيز آليات التضامن الاجتماعي والعناية بالفئات المعوزة والمحتاجة.

ولفت الخبير الاقتصادي إلى أنه سيكون هناك تكامل للبرنامج الاستعجالي لمعالجة أثار الزلزال الذي أرساه الملك محمد السادس والذي خصص له غلاف مالي مهم وما بين توجه مشروع قانون المالية للسنة المقبلة الذي يعزز الشق الاجتماعي، موضحا أن الأمر لن يقتصر على قطاعات التعليم والصحة والسكن، بل سيركز أيضا بشكل أكبر على تحقيق العدالة المجالية في المناطق القروية وتعزيز برامج التنمية الاقتصادية والاجتماعية الموجهة إلى هاته المناطق.

الدعم المباشر

والتزمت الحكومة ضمن مشروع قانون المالية لسنة 2024، بمواصلة إرساء أسس الدولة الاجتماعية، عبر مواصلة تعميم التأمين الإجباري الأساسي عن المرض، لفائدة الفئات المعوزة، وذلك بموازاة مع التنزيل التدريجي للدعم الاجتماعي المباشر بداية من نهاية السنة الجارية، على أساس نظام الاستهداف الخاص بالسجل الاجتماعي الموحد.

ويستهدف هذا البرنامج وفق ما أعلنت عن ذلك وزارة الاقتصاد والمالية 60 في المئة من الأسر المغربية غير المشمولة حاليا بأنظمة الضمان الاجتماعي، مؤكدة أنه نظرا لأهمية هذا الورش الملكي المجتمعي الكبير، وتجسيدا للعناية التي يوليها الملك محمد السادس، للأسر الفقيرة والهشة، من المقرر ألا تقل قيمة الدعم الاجتماعي المباشر عن 500 درهم، لكل أسرة مستهدفة، كيفما كانت تركيبتها.

وتعهدت الحكومة بمواكبة هذا الورش المجتمعي، باستكمال الإطار القانوني لتأهيل المنظومة الصحية الوطنية، ومواصلة إصلاح منظومة التربية والتكوين، باعتبارها إحدى ركائز الدولة الاجتماعية. وتنفيذا للتعليمات الملكية، سيتم إعطاء الأولوية أيضا لتنزيل البرنامج الجديد المتعلق بالمساعدة على الولوج إلى السكن.

وفي هذا الصدد، أكد الناصري أن الدولة مطالبة إثر زلزال الحوز بتعزيز الموارد المالية المخصصة لمواجهة هذه الظروف الاستثنائية، وبالتالي ستكون هذه الفاجعة دافعا للحكومة المغربية لكي تعيد النظر في أولويات مشروع الميزانية القادمة واعتماد موارد مالية تفوق ما يتم إقراره في الظروف العادية.

اكراهات مالية

هذا، ويُراهن مشروع قانون المالية لسنة 2024 على تحقيق معدل نمو اقتصادي يصل إلى 3.7 في المئة، مقابل 3.4 في المئة المتوقع بلوغها خلال السنة الجارية، وخفض عجز الميزانية إلى 4 في المئة، وتقليل مستوى التضخم إلى 3.4 في المئة.

وتسعى حكومة أخنوش خلال سنة 2024 والسنوات القادمة وفق ما كشفت عن ذلك وزارة الاقتصاد والمالية إلى تخفيض العجز الميزاني تدريجيا، بهدف وضع المالية العمومية على المسار الصحيح لتقليل حجم المديوينة وتعزيز التوازن المالي واستعادة هامش ميزاني كاف لتنزيل مختلف مشاريع والأوراش التنموية.

وشدد الخبير الاقتصادي على ضرورة تعزيز البرامج التي تأتي في إطار الاستراتيجية الوطنية لمواجهة المخاطر والكوارث الطبيعية، من أجل ضمان تحقيق نوع من التكامل ما بين مداخل الحساب الخصوصي “126” والتكاليف المالية الناجمة عن آثار الزلزال.

وخلص الباحث في المالية العمومية إلى أن هذه اكراهات أخرى تنضاف إلى التحديات التي تواجه مشروع قانون المالية المقبل، والتي تستدعي من الحكومة العمل على برمجة اعتمادات مالية إضافية لمواكبة البرنامج الاستعجالي الذي أمر الملك بإطلاقه لإعادة إعمار المناطق المتضررة من زلزال الحوز والذي خصصت له اعتمادات مالية بقيمة 120 مليار درهم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News