سياسة

المعارضة ترفض “التحايل” على البرلمان لإرجاع “شراء أيام السجن” لقانون العقوبات البديلة

المعارضة ترفض “التحايل” على البرلمان لإرجاع “شراء أيام السجن” لقانون العقوبات البديلة

رفضت المعارضة البرلمانية مساعي الأغلبية بمجلس النواب لإعادة “شراء أيام السجن” إلى مشروع قانون العقوبات البديلة عبر بوابة البرلمان بعدما فشل وزير العدل عبد اللطيف وهبي في إقناع مكونات الحكومة بهذا المقتضى الذي يفتح الباب أمام شرعنة الإفلات من العقاب.

واقترحت فرق الأغلبية بمجلس النواب، ضمن تعديلات مشتركة تقدمت بها على مشروع قانون العقوبات البديلة، إضافة عقوبة “الغرامة اليومية” إلى أصناف العقوبات البديلة تماشيا مع توجهات السياسات الجنائية لبعض الدول التي تعتمد هذا الصنف من العقوبات في أنظمتها الجنائية وتعتبرها عقوبة أساسية ومحورية في قانونها الجنائي، وحددت فرق الأغلبية الغرامة اليومية ما بين 100 و2000 درهم عن كل يوم من العقوبة الحبسية المحكوم بها.

ويأتي ذلك، بعدما أفرجت الأمانة العامة للحكومة عن مشروع قانون رقم 43.22 يتعلق بالعقوبات البديلة في صيغته الجديدة، والذي عرف مستجدا مهما متعلقا بالتراجع عن مقتضى شراء أيام السجن الذي سبق أن أثار جدلا واسعا، مقابل تحديد أنواع العقوبات البديلة الممكنة، التي منها العمل لفائدة المنفعة العامة.

وأوضح ادريس السنتيسي، رئيس الفريق الحركي بمجلس النواب، أن مشروع قانون العقوبات البديلة كما أحيل على مجلس النواب، لم يتضمن أي مقتضى يتعلق بإعادة شراء أيام السجن، وذلك خلافا لما راج أثناء إعداد هذا المشروع، وأساسا عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

وأضاف السنتيسي ضمن تصريح لـ”مدار21″ :”لاحظنا بأن فرق الأغلبية مجتمعة تقدمت بتعديل يضيف ما أسمته بـ”الغرامة اليومية” إلى العقوبات البديلة الثلاث المحددة في المشروع، ويتعلق الأمر بالعمل لأجل المنفعة العامة، والمراقبة الإلكترونية وتقييد بعض الحقوق أو فرض تدابير رقابية أو علاجية.

وبررت فرق الأغلبية ضمن تعديلات مشتركة قدمتها على المشروع، هذا الاقتراح بأن هذا النوع من العقوبات يتسم بكونه يمثل آلية حديثة للزجر والعقاب كخيار تشريعي أبان عن فاعليته في مكافحة بعض أنواع الجنح، كما يتميز بالبساطة والسرعة في التنفيذ على مستوى الممارسة، وذلك عكس باقي العقوبات التي تتطلب اتخاذ مجموعة من الإجراءات لضمان التنزيل الأمثل لها.

وحسب مصادر برلمانية تحدثت لـ”مدار21″، فإن هذا الاقتراح الذي اعترضت عليه بعض مكونات الأغلبية البرلمانية تقدم به فريق الأصالة المعاصرة بمجلس النواب، بإيعاز من أمينه العام ووزير العدل، عبد اللطيف وهبي، بعدما اضطر إلى سحب “الغرامة اليومية” من مشروع قانون العقوبات البديلة بسبب رفضه من طرف الأمانة العامة للحكومة، إضافة إلى وجود خلاف بين مكونات أغلبية أخنوش حول هذا المقتضى الذي يفتح المجال أمام “شرعنة الإفلات من العقاب”.

ويرى رئيس الفريق الحركي أن تقديم هذا التعديل عبر بوابة البرلمان من طرف فرق الأغلبية، “يعني أن الحكومة مقتنعة به، لكن تفاديا للحرج أمام الرأي العام، ارتأت تقديمه من طرف أغلبيتها في مجلس النواب”، مردفا أنه “في هذه الحالة، يمكن للحكومة في شخص وزير العدل أن ترفض هذا التعديل، وتترك لنواب ونائبات الأغلبية إمكانية إما سحب التعديل، وإما التشبث به”.

وأوضح السنتيسي ضمن نفس التصريح، أنه إذا تشبثت الأغلبية بتعديلها، فإنه سيمر إلى عملية التصويت، وبالطبع ستتم الموافقة عليه بحكم الأغلبية العددية التي تتوفر عليها وهذا سيناريو ممكن، مؤكدا أن العملية إذا تمت وفق هذا السيناريو  فإنها “تعتبر من حيث الشكل والمسطرة قانونية، لأن البرلمان في نهاية المطاف هو المشرع الحقيقي”.

واستدرك رئيس الفريق الحركي قائلا: “لكن من حيث المضمون، فيمكن إعطاؤها ما شئنا من المسميات، لأننا تعودنا على سحب الأغلبية لتعديلاتها، بمجرد إبداء الحكومة للرفض، وعلى أي لن نسبق الأحداث، سوف نتابع مجريات هذا الأمر أثناء تقديم التعديلات والمصادقة على هذا المشروع”.

وكان وزير العدل عبد اللطيف وهبي، كشف في سابقة من نوعها، إمكانية شراء السجناء أياما من العقوبات السجنية بالمال، وذلك في سياق محاولات التخفيف من معضلة الاكتظاظ في السجون المغربية، مقترحا أداء غرامات مالية تتراوح بين 100 درهم و2000 درهم، عن كل يوم سجن لفائدة الدولة.

وحول ما إذا كان وهبي يعول على الأغلبية لتمرير هذا المقتضىى الذي يفتح الباب لشرعنة الإفلات من العقاب، أوضح السنتيسي أن فريقه لم يتقدم بهذا التعديل، أي أن التعديل تقدمت به فرق الأغلبية، “ولا يمكننا الحكم على خلفيته إلا إذا تم تمريره والتصويت عليه، آنذاك سيكون لنا رأي في الموضوع”.

وأشار رئيس فريق “السنبلة”، إلى أن تقديم تعديلات مشتركة بين أربعة فرق من الأغلبية، “يبين بأن التنسيق المسبق حاصل بين الأغلبية والحكومة، لأن الأغلبية لا يمكنها أن تقدم على أية خطوة من هذا القبيل إذا لم يكن هناك تنسيق قبلي”، مضيفا “قد نتفهم انعدام الانسجام والتنسيق لو تقدم فريق بعينه بهذا التعديل دون غيره من الفرق، والحال أن كل فرق الأغلبية تقدمت به”.

هذا، وحسب مقترحات الأغلبية التي اطلع عليها “مدار21“، يمكن للمحكمة أن تحكم بعقوبة الغرامة اليومية بديلا للعقوبة الحبسية النافذة، وتتمثل الغرامة اليومية في مبلغ مالي تحدده المحكمة عن كل يوم من المدة الحبسية المحكوم بها، ويمكن الحكم بعقوبة الغرامة اليومية على الأحداث في حالة موافقة وليهم أو من يمثلهم.

واقترحت الأغلبية أن يتم إطلاق سراح المحكوم عليه بعقوبة الغرامة اليومية، قبل اكتساب الحكم لقوة الشيء المقضي به إذا وافقت النيابة العامة على ذلك ولـم تمارس حق الطعن، على ألا تحسب مدة الاعتقال التي قضاها المحكوم عليه عند تحديد مبلغ الغرامة اليومية الواجب أداؤها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News