حوارات

مدير معهد الجيوفيزياء: الهزات الارتدادية سترافق المغاربة لمدة وهذه دروس زلزال الحوز

مدير معهد الجيوفيزياء: الهزات الارتدادية سترافق المغاربة لمدة وهذه دروس زلزال الحوز

بعد أسبوع من أعنف زلزال ضرب المغرب، والذي خلف لحدود الساعة، ما يقارب 2946 حالة وفاة و5674 إصابة، وهدم 50 ألف مسكن، ونتج عنه العشرات من الأسئلة التي أضحى كل مغربي يطرحها، سواء من تضرر بالزلزال، أو من شعر به، وحتى أولئك الذيم لم يفعلوا وشاهدوا فقط آثاره الوخيمة في مقاطع الفيديو، ناصر جبور، مدير مدير المعهد الوطني للجيوفيزياء، يقدم إجابات عن بعض منها في حوار مع جريدة “مدار21” الإلكترونية، خاصة تلك المتعلقة بإمكانية تكرار الزلزال، ومدى خطورة الهزات الارتدادية المسجلة، وأيضا طريقة وكيفية ووسائل رصد الزلزال بالمملكة.

فيما يلي نص الحوار كاملا :

بماذا يتميز زلزال الحوز مقارنة بباقي الزلازل؟
زلزال الحوز لن يتكرر بعد وقت قصير، هو زلزال يعود إلى دورة زلزالية طويلة، لذيك فإنه من الممكن أن يعود بعد 700 أو 1000 سنة، لأنه ليس زلزالا عاديا، والدليل على ذلك قوته ( 7 درجات على سلم ريختر)، وآثاره غير الموصوفة في الوثائق التاريخية، فبعد البحث تبين أن أي زلزال بالمنطقة لم يخلف دمارا يقارب 100 كلم حول البؤرة، الوصف السابق المتوفر يتحدث عن تضرر بعض المناطق المجاورة فقط، لكن زلزال الحوز كانت آثاره استثنائية.

وجيوفيزيائيا، وسائل المراقبة والحسابات أظهرت أن هذا الزلزال قام برفع سلسلة جبال الأطلس ببضع سنتمرات، وهذا يحيلنا على منشأ السلسلات الجبلية، فهي تعود إلى زلازل متكررة في الزمن الجيولوجي، منذ مئات وآلاف وملايين السنين. هذه الزلال الكبرى هي التي رفعت من علو جبال الأطلس، ونتج عنها السلسلة الجبلية التي نشاهدها الآن بتضاريسها الوعرة، وهذا ليس مفاجئا من حيث الموقع، فجبال الأطلس عرفت حركة زلزالية مستمرة، وكنا نشاهد عن طريق الرصد، بعضها من حين لآخر، لأنها سلسلات نشطة، لكن ومقارنة بالسلاسل العالمية الأخرى، نشاطها بين الضعيف والمتوسط.

هل الهزات الإرتدادية المسجلة بعد زلزال الحوز عادية؟

نعم بالتأكيد، الهزات الارتدادية المسجلة عادية، وكان حدوثها ضروريا، فلو لم تحدث لكان هناك مشكل، النموذج العالمي هو هزة رئيسية، أحيانا يسبقها هزات استباقية وأحيانا غير موجودة، وهذه كانت الحالة بالنسبة لزلزال الحوز، يليها سلسلة من الهزات الارتدادية الضرورية لإعادة التوازن في الصفائح الجيولوجية، وكل هذه الطبقات الجيولوجية التي تشوهت بفعل الزلزال.

ما هي الدروس التي تعلمها المغرب من زلزال الحسيمة وزلزال الحوز؟
هذه الزلازل تمنحنا الثقافة الزلزالية، وتحديدا تدفعنا للإجابة عن سؤال تدور رحاه حول كيفية مجابهة الزلالزل.
فمنذ زلزال الحسيمة، رأينا قوانين للبناء المضاد للزلازل تدخل حيز التطبيق، ورأينا المهندسين المعماريين يبحثون عن معلومات حول التعامل مع الزلازل وكيفية تهيئة المواقع للبناء، وما هي أشكال البناء المناسبة والمواد التي يستحسن استعمالها لمقاومة الزلازل. هذه المعلومات كانت غائبة شيئا ما قبل زلزال الحسيمة، الآن أظن أنها أصبحت في متناول الهيئات الهندسية في المغرب.

وبعد زلزال الحوز، سنشهد تطورا جديدا، وسيقوم المغرب بإعادة النظر في الدراسات السابقة لكل المواقع في المغرب على ضوء ما حدث في الثامن من شتنبر
إذا كان هناك سوء فهم للبنية الجيولوجية أو لرد فعل هذه البنية الجيولوجية أمام الزلازل، والحركية الأرضية إجمالا، فسيتم تدارك ذلك عبر وضع خرائط جديدة، فحتى في البلدان الأخرى في العالم، وبعد كل هزة كبيرة يتم إعادة النظر في قوانين البناء المضاد للزلازل، ويظهر أن بعض الأرضيات غير صالحة للبناء، فيتم الابتعاد عنها، وتظهر أن هناك أخرى جيدة لذلك يتم التركيز عليها.

هل من المنطقي إعادة إعمار بؤرة الزلزال “إغيل”؟
في العالم دائما، نرى طرق إعادة الإعمار، تعتمد على خصوصيات المنطقة، فلا نجد أن الناس تبتعد عن المنطقة المنكوبة، الساكنة تحاول إعادة البناء مع تحسين نوعيته، لا يمكن إخلاء المناطق المتضررة بشكل أبدي ، وإلا لشاهدنا نصف الكرة الأرضية فارغ من السكان.

بل نرى أحيانا أن هذه المناطق الزلزالية هي المفضلة للساكنة، ونرى ذلك في كل أنحاء العالم، كأمريكا (ولايتي كاليفوريا وأوريغن) وأيضا في منطقة البحر الأبيض المتوسط (إيطاليا وجنوب إسبانيا وجنوب فرنسا واليونان)، هذه المناطق تعرف كثافة سكانية كبيرة منذ قرون، وأهلها لا يبتعدون عنها رغم الخطر، يتأقلمون معه ويحسنون من نوعية المباني ولكن لا يتبعدون.

 

كم من محطة يعتمد عليها المغرب في رصد الزلازل؟
المحطات التي يتوفر عليها المغرب في الوقت الحالي تقدر ب 35 محطة، وهي تشكل الشبكة الوطنية للرصد الزلزلالي.
هناك مواقع نحضرها في الوقت الحالي لاحتضان محطات جديدة المستقبل القريب، مع إضافة محطات جديدة أخرى تقيس الحركات الاهتزازية القوية، وأيضا نتوفر على محطات gps تقيس التشوهات البطيئة، ومحطات لقياس مستوى سطح البحر، مهمتها قياس موجات تسونامي، حتى تلك الصغيرة، نقوم بقياسها لنعرف تجاوب الخطوط السواحلية المغربية مع أمواج تسونامي القادمة من عرض المحيط.

حدثنا عن كيفية رصد المرصد للزلزال وما هي المراحل المتبعة لذلك؟
حاليا تتم المتابعة باعتماد الوسائل الحديثة، محطات تسجل النشاط الزلزالي في الزمن الحقيقي بواسطة الأقمار الاصطناعية هنا بالمرصد الوطني للجيوفيزياء بالرباط، ونتوفر أيضا على جهاز حاسوب متطور يتابع بشكل أوتوماتيكي، حيث في غضون دقيقتين بعد النشاط الزلزالي تكون لدينا النتيجة (موقع الزلزال وبؤرته وقوته)، وعن طريق وسائل الاتصال الحديثة يتم إبلاغ السلطات، وبعد مرور 20 دقيقة تكون كل الجهات المعنية بتدبير المخاطر الطبيعية، المحلية والوطنية، على علم (عن طريق الهاتف والفاكس والإميل).

كيف تشتغل المحطات التي ترصد الزلازل؟
المحطات التي يتوفر عليها المغرب ذاتية التشغيل، وبالتالي فهي لا تحتاج لمراقبة من طرف الإنسان، ويتم تزويدها بالطاقة عن طريق الألواح الشمسية، وعن طريقها نتمكن من تبادل المعلومات مع مراصد عالمية في الزمن الحقيقي، وحاليا يتبادل المغرب المعلومات مع البرتغال وإسبانيا، خصوصا فيما يتعلق بالمجال البحري (المحيط الأطلنتي والبحر الأبيض المتوسط)، لأنه مجال مشترك ونعتمد على المراقبة المشتركة.

هل يمكن القول أنه حان الوقت لتطوير المغرب لوسائل رصد الزلازل، وبالتالي رفع ميزانية البحث العلمي في هذا المجال؟
بالفعل، يجب الاستثمار في البحث العلمي، وكذلك تقوية وسائل الرصد والتتبع، لأن هذه الأخيرة تعطينا معلومات حول كل منطقة، وهذه المعلومات هي التي تستعمل في الخرائط المعتمدة للبناء فيما بعد.
كل منطقة نعرف عليها أكثر، نتمكن من معرفة وسائل الاحتياط المناسبة لها أكثر وتقنيات البناء المعتمدة فيها تكون أحسن وملائمة لها بالضبط.

ما ردك على “التنبؤات” المنتشرة على منصات التواصل الاجتماعي بحدوث زلزال آخر بالمغرب؟
بعض ما يروج لا يتوفر على الشروط الواجب توفرها في “التنبأ”، حيث أن تعريف هذا الأخير يشترط إعطاء موقع الزلزال وعمقه وتوقيته وقوته قبل وقوعه، لذلك هي مجرد توقعات ويجب الفصل بينها وبين “التنبؤات”.

التوقعات تبقى مفتوحة لا حد لها، وبالنسبة للباحث الهولندي فرانك هوغربرت في هذا الموضوع، والذي وضع علاقة بين ترتيب الكواكب والحركات الزلزالية، لا يحدد موعد حدوث الزلزال ولا إحداثيات البؤرة وقوة الزلزال، ويتحدث في عموميات (خلال أسبوع أو خلال شهر)، وحتى إن لم يقع شيء لا أحد يحاسبه.
في الجانب العملي، الأمر له أبعاد أخرى، ويجب التأكيد هنا أن الأحسن من التنبأ بالزلزال هو الاستعداد له، وأحسن وسيلة لتحقيق ذلك هو البناء المضاد للهزات الأرضية.

ما ردك على أنه من يقول إنه من المحتمل أن يضرب “تسونامي” السواحل المغربية؟
هناك بعض التوقعات التي أشارت للمغرب، وأيضا أشارت للبرتغال وإسبانيا، لكننا لا نرى موجه هلع بإسبانيا ولا البرتغال.. ما يمكنني قوله أن هناك مستويات من المعرفة ولا بد من نشر التوعية عوض المعلومات المغلوطة و”الكلام غير المنطقي”.
هذه التوقعات المنتشرة تبقى مجهودات فردية، رغم أن هناك فرق للبحث العلمي تشتغل على التنبأ، لكن تظهر النتائج دائما في المنشورات العلمية، ولا يتم تداولها على منصات التواصل الاجتماعي لأنها لا زالت تمحص ويتم التأكد منهاونشكر جهود كل الباحثين والأكاديميين في هذا الميدان، وننتظر المستقبل، لعلنا نتمكن من التوصل لطريقة أكيدة للتنبأ.

#image_title

هل من الممكن استخدام الذكاء الاصطناعي للتنبأ بحدوث الزلزال ؟
نعم يمكن ذلك، وهناك طرق علمية لوضع نماذج للتنبأ، لكن لحدود الساعة، مازالت في المراحل الأولى وقيد التجريب.

هل خروج الماء من باطن الأرض بالمناطق المتضررة بزلزال الحوز كان متوقعا؟
بالفعل، كان ذلك متوقعا، لأن هذه الظاهرة تحدث في كثير من الأحيان عقب الزلازل الكبرى، لأن هذه الأخيرة تحدث ضغطا إضافيا على القشرة الأرضية، وهذا الضغط يكون بشكل خاص على المياه الجوفية، فتضطر للبحث عن أي منفذ للوصول إلى سطح الأرض بفعل الضغط.

أحيانا بعض المياه تنضب في بعض الينابيع وتظهر في ينابيع أخرى، حسب الطرق والمسالك والفجوات والانكسارات الموجودة في القشرة الأرضية، ومفعول هذا الضغط يكون أيضا على مسافات بعيدة، وليس بجوار بؤرة الزلزال فقط.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News