سياسة

تقليص نسبة المشاركة ..هل يهييء “البيجيدي” نفسه لخسارة الانتخابات؟

تقليص نسبة المشاركة ..هل يهييء “البيجيدي” نفسه لخسارة الانتخابات؟

بالرغم من أن حزب العدالة والتنمية، ظفر برئاسة أغلب المدن الكبرى، بالإضافة إلى تسييره لأكثر من 200 مجلس جماعي على صعيد مختلف أقاليم المملكة، خلال آخر انتخابات جماعية جرت في شتنبر 2015، إلا أنه بدا لافتا تقليص “البيجيدي” لنسبة تغطية الدوائر المحلية برسم انتخاب أعضاء مجالس الجماعات والمقاطعات، خلال اقتراع الثامن من شتنبر القادم.

وفيما يرى عدد من المتتبعين للشأن الحزبي المغربي، أن خلفيات تراجع تغطية العدالة والتنمية للدوائر الانتخابية على صعيد مجالس الجماعات والمقاطعات، يُمكن أن يعود إلى استعداد الحزب الإسلامي إلى تقبّل الخسارة التي يتوقع أن يُمنى بها عقب اقتراع شتنبر المقبل، يفسر إخوان العثماني أسباب تقليص مشاركتهم في الانتخابات الجماعية بـما يصفونه بـ”ممارسة ضغوطات كبيرة على عدد من مناضلي ومرشحي الحزب، لثنيهم عن الترشح باسم لوائح “المصباح”.

وكانت وزارة الداخلية، كشفت عن تفاصيل الترشيحات المودعة برسم انتخابات أعضاء أعضاء مجالس الجماعات والمقاطعات وأعضاء مجالس الجهة، وذلك في إطار الاستحقاقات العامة المقرر إجراؤها يوم الأربعاء 8 شتنبر 2021، بعد انتهاء الفترة المخصصة لإيداع التصريحات بالترشيح برسم الانتخابات المذكورة.

وأظْهرت مُعطيات وزارة الداخلية،  تصدّر حزب التجمع الوطني للأحرار، عدد الترشيحات المقدمة برسم الانتخابات الجماعية، بمجموع 25.492 ترشيحا بنسبة 16,18 في المائة من مجموع الترشيحات المُودعة، في مقابل تقليص نسبة تغطية العدالة والتنمية للدوائر المحلية الجماعية، حيث حلّ الحزب في المركز الثامن بـ8681 ترشيحا بنسبة 5,51 في المائة.

دواعي تقليص المشاركة

ويُعزِي “البيجدي”، أسباب ودواعي تقليص مشاركته لنسبة تغطيته للدوائر الانتخابية المحلية برسم انتخاب أعضاء مجالس الجماعات والمقاطعات إلى ما يسميه  بـ”الانزال المكثف للمال والتدخل في الحُرية الانتخابية ضدا على المقتضيات الدستورية التي تنص على أن الانتخابات تكون حرة ونزيهة”، معتبرا في الإطار نفسه، أن “هذه الحرية مست بشراء المرشحين عبر ترغيبهم وترهيبهم خاصة مرشحي العدالة والتنمية”.

وقالت الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية، في بيان لها إن ما وصفته بـ “الضغوطات التي مورست من قبل بعض المنافسين، والتي انخرط بعض رجال وأعوان السلطة المحلية،” هي التي تقف وراء تقليص مشاركة الحزب في الانتخابات الجماعية”، معتبرة أن ذلك  “يتنافى مع الحيّاد الذي يجب أن يطبع تعاملهم مع مختلف الهيئات السياسية المشاركة في هذه الاستحقاقات”.

وفي مُحاولة منها لتبرير أسباب تقليص مشاركة الحزب في انتخابات مجالس الجماعات والمقاطعات، أكدت أمانة “البيجيدي”، أنه “كان لهذه الضغوطات بالوسط القروي أثرها الواضح على نِسبة ترشيحات الحزب، جراء ما تعرّض له مناضلوه ومرشحوه سواء من خلال التهديد والترهيب أو من خلال الوعود والإغراءات من بعض المنافسين وبعض رجال وأعوان السلطة”.

وفي الوقت الذي كان يُنتظر فيه أن تصل ترشيحات العدالة والتنمية، برسم الانتخابات الجماعية إلى أكثر من 14 ألف ترشيح على غرار انتخابات 2015، أكد عبد الله بوانو المدير المركزي للحملة الانتخابية بحزب العدالة والتنمية، لـ “مدار 21” أن تراجع ترشيحات “البيجيدي”، يعود إلى أن مناضلي الحزب والناخبين الراغبين في الترشح باسمه، خاصة بالوسط القروي، “تعرضوا لضغوط رهيبة بواسطة الإغراءات المالية أو الوعود أو الضغوطات التي وصلت لحد الترهيب والتهديد في الأرزاق أو ضغوطات من خلال أفراد أسرهم وأقاربهم، وذلك للحيلولة دون الترشح باسم العدالة والتنمية”.

محاولة تبرير الإخفاق

وفي تفسيره لأسباب تقليص العدالة والتنمية لنسبة مشاركته في تغطية الدوائر الانتخابية برسم انتخاب أعضاء مجالس الجماعات والمقاطعات، قال أستاذ الجرافيا السياسية وتقييم السياسات العمومية بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء مصطفى يحياوي، “لعّل أهم تبِعات عدم تقديم “البيجيدي” لمرشحين في الجماعات القروية خلال استحقاقات 8 شتنبر المقبل أن 12 في المائة من المقاعد أصبحت شاغرة للمنافسة بالمقارنة مع نتائج 2015 حيث حصل الحزب أنذاك على 2905 مقعدا من بين مجموع 24127 مقعدا، بالمقابل حصل “البام” على 4850 الاستقلال على 4038 مقعدا.

وأضاف يحياوي، في حديثه لـ “مدار21” أن حزب التجمع الوطني للأحرار، حصل حينها على نسبة 15في المائة بمجموع 3645 مقعدا قرويا، موضحا أن حاصل هذه المقارنة الإحصائية أن بين 20في المائة كأعلى نسبة حصل عليها “البام” متبوعا بـالاستقلال الذي حصل على 17في المائة احتل العدالة والتنمية، المرتبة الرابعة في حجم المقاعد القروية قبل الحركة الشعبية المعروف تاريخيا بأنه حزبا قرويا.

واعتبر المحلل السياسي ذاته، أن ‏السؤال المطروح حاليا ، هو لماذا اختار العدالة والتنمية التضحية بهذا الحجم المهم من كتلته الناخبة؟ أو بالأحرى هل طوعا ضحى بكتلته الناخبة القروية؟ أم فقط بمنتخبيه في المجالس الجماعية؟ أم أن ترشيحاته كانت براغماتية تؤكد أن تراجعه الترابي بدا أمرا واقعا؟ مسجلا في المقابل أنه” في كل الأحول سيكون لذلك وقع على نتائج حزب العدالة والتنمية وطنيا”.

وأكد يحياوي، أن  حزب “البيجيدي” يحاول أن يستبق تبرير إخفاقه في إيجاد مرشحين قادرين على المنافسة في الجماعات ذات نمط الاقتراع الفردي”، مضيفا “بمعنى آخر، البيجيدي يفشل في الزحف نحو المدن الصغرى والجماعات القروية، وقيادته تحاول أن تتهرب من مسؤوليتها على ذلك بتعليق ذلك على الضغط الذي مورس من قبل ‘أطراف سياسية ما’ على الحزب”.

مؤشرات تغطية الانتخابات

في المقابل، يرى  أستاذ علم السياسة والقانون الدستوري في كلية الحقوق السويسي جامعة محمد الخامس الرباط، عبد المنعم لزعر، أنه “يجب التمييز على مستوى المؤشرات بين المجال الحضري والمجال القروي، حيث يُلاحظ أن مؤشرات التغطية للانتخابات الجماعية  على مستوى المدن  الخاضعة لنمط الإقتراع باللائحة ظلت ثابتة نسبيا على مستوى الرقمي”.

وأضاف لزعر في حديثه لـ “مدار 21″، أن هذه المؤشرات جاءت متغيرة على المستوى النوعي في حين تم تسجيل تقلص نسبة التغطية على مستوى الجماعات التي يجري فيها الانتخاب بالاقتراع الفردي ، موضحا أن التراجع على مستوى المجال الحضري كان تراجعا نوعيا أما على مستوى التغطية في المجال القروي فإن التراجع كان رقميا ونوعيا”.

وبخصوص تفسير هذا التراجع، قال أستاذ العلوم السياسية، أن “هناك العديد من المداخل التفسيرية، أولا أن الحزب لم يعد مركز جذب طاقي، حيث ظهرت مراكز أخرى أصبحت تفرض تصوراتها ووجودها الطاقي”، مردفا ” وهنا أنا اتحدث عن حزب التجمع الوطني للأحرار وكذلك حزب الاستقلال، ثانيا”.

وسجل لزعر، أن حزب العدالة والتنمية، شهد العديد من الاستقالات والانتقالات إلى أحزاب سياسية أخرى وهذه الانتقالات أثرت على روابط الحزب إقليميا ومحليا، لافتا في السياق ذاته، إلى  أن أغلبية قيادات الصف الأول تراجعت عن الترشح أو اعتذرت بعدما تمت تزكيتها لخضو غمار الاستحقاقات الانتخابية القادمة”.

واعتبر أستاذ العلوم السياسية بجامعة محمد الخامس بالرباط، أن ”  في هذا التراجع أو الاعتذار رسائل ضمنية بكون رهانات الحزب قد تغيرت، وهذا يظهر من خلال الشعار المرفوع خلال هذه الإستحقاقات الانتخابية مصداقية- ديمقراطية – تنمية، والبروفايلات التي تمت تزكيتها للانتخابات التشريعية.

هذا، وأعلنت وزارة الداخلية أنه فيما يتعلق بانتخاب أعضاء مجالس الجماعات والمقاطعات، فقد بلغ عدد الترشيحات المقدمة على الصعيد الوطني 157.569 تصريحا بالترشيح منها 62.793 تصريحا في شكل لوائح و94.776 تصريحا في شكل ترشيحات فردية، أي بمعدل وطني يقارب  5 ترشيحات عن كل مقعد، مقابل 130.925 ترشيحا سنة 2015 أي بزيادة تفوق 20 في المائة.

وبخصوص الترشيحات النسوية لعضوية المجالس الجماعية، فقد سجلت ارتفاعا هاما مقارنة مع انتخابات سنة 2015، حيث بلغ مجموع المترشحات لانتخاب مجالس الجماعات والمقاطعات ليوم 8 شتنبر 2021 ما مجموعه 47.060 مترشحة أي بنسبة تقارب 30 في المائة من العدد الإجمالي للترشيحات، منها 23.191 مترشحة في الجماعات التي ينتخب أعضاء مجالسها عن طريق الاقتراع باللائحة و23.869 في الجماعات الخاضعة لأسلوب الاقتراع الفردي.

وسجلت معطيات وزارة الداخلية، التي جرى الكشف عنها بعد يوم من انطلاق الحملة الانتخابية لاقتراع الثامن من شتنبر المقبل، أن عدد المستشارين الجماعيين الذين تقدموا بترشيحهم للاقتراع الجماعي ليوم 8 شتنبر 2021 يبلغ 21.744 مستشارا جماعيا أي بنسبة 69 في المائة من مجموع الأعضاء المزاولين مهامهم حاليا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News