مجتمع

خبير يوضح تأثيرات انقلاب الغابون على العلاقات بالمغرب ويعدد أسباب توالي الانقلابات بإفريقيا

خبير يوضح تأثيرات انقلاب الغابون على العلاقات بالمغرب ويعدد أسباب توالي الانقلابات بإفريقيا

لم تكد القارة الإفريقية تخرج بعد من تداعيات الانقلاب العسكري بالنيجر، حتى استفاقت من جديد، اليوم الأربعاء، على انقلاب آخر على علي بونغو بدولة الغابون تزامنا مع الإعلان عن نتائج الانتخابات الرئاسية، وهي الدولة التي تربطها بالمغرب علاقات قوية، تواصلت منذ حقبة حكم الملك الراحل الحسن الثاني، ما طرح تساؤلات حول مستقبل هذه العلاقات في الفترة المقبلة، خاصة في حال استتباب الحكم للانقلابيين بليبرفيل.

وفي أول تفاعل من المملكة المغربية بعد الانقلاب، كشفت أنها تتابع عن كثب تطور الوضع في الجمهورية الغابونية وتؤكد على أهمية الحفاظ على استقرار هذا البلد الشقيق وطمأنينة ساكنته، موضحة أن “المغرب يثق في حكمة الأمة الغابونية، وقواها الحية ومؤسساتها الوطنية، للسير قدما نحو أفق يتيح العمل من أجل المصلحة العليا للبلد، وصون المكتسبات التي تحققت والاستجابة لتطلعات الشعب الغابوني الشقيق”.

وأثار هذا الانقلاب الأخير اهتماما عالميا، لا سيما كونه ثامن انقلاب عسكري في ظرف سنتين، إضافة إلى ارتباط الانقلابات العسكرية برفض متصاعد للوجود الفرنسي بإفريقيا، هذا الأخير الذي بات محفزا لتسارع حركات انقلاب وتمرد راغبة في تغيير الخريطة السياسية، ما يطرح تحديات أيضا على المغرب الذي يرغب في ترسيخ مكانته على المستوى الإفريقي أكثر فأكثر، وتعميق الشراكات مع القيادات الإفريقية، خاصة في ظل التحديات التي يطرحها ملف الصحراء المغربية.

لا تأثير على المغرب

وعن التأثيرات المحتملة لهذا الانقلاب بدولة الغابون بالنسبة للمغرب قلل الخبير في العلاقات الدولية أحمد نور الدين، في حديث لجريدة “مدار21″، موضحا أنه بالفعل “هناك استثمارات ضخمة في مجالات متنوعة جدا منها الإسمنت، والأسمدة الزراعية، والبناء والأشغال العمومية، والمناجم، والبنوك والتأمينات، وغيرها، ولكن في النهاية المغرب يتعامل مع الدولة وليس مع الاشخاص حتى وإن كانوا أصدقاء حميميين”.

وأشار نور الدين إلى أن “الاستثمارات المغربية محمية باتفاقيات وقوانين دولية”، مضيفا كذلك أنه “حتى الجنرال الذي يقود الانقلاب هو خريج الأكاديمية الملكية العسكرية بمكناس، وبالتالي لا أظن أن هناك أي تهديد للمصالح المغربية”.
وأكد الخبير نفسه أنه “بالعكس يمكن للمغرب أن يلعب دورا في إيجاد مخرج مشرف للرئيس علي بونغو أوندينبا ومنحه اللجوء أو التقاعد المريح مع عائلته في المغرب”.

توالي الانقلابات

في هذا الصدد، يؤكد أحمد نور الدين، الخبير في العلاقات الدولية، أن “هذا الانقلاب هو الثامن من نوعه داخل إفريقيا خلال سنتين، وهي مدة زمنية قصيرة نسبيا، مما يوحي بأن هناك ترابطا مباشرا أو غير مباشر بين هذه الانقلابات”، مؤكدا أن “غياب الديمقراطية الحقيقية في معظم الحالات أدى إلى تحرك الجيش لإزاحة رؤساء فرضوا أنفسهم ثلاث انتدابات متتالية او أكثر متسترين وراء نتائج الصناديق التي تتم فبركتها للحفاظ على ديمقراطية الواجهة التي ترضي نفاق الدول الغربية على الخصوص”.

ويوضح نور الدين لجريدة “مدار21” أن “هذه الحالة تنطبق مثلا على الغابون وتشاد، وهما حالتان متشابهتان من حيث توريث الحكم للابن بعد سيطرة الأب على السلطة لمدة تتراوح بين الثلاثين والأربعين سنة”، مفيدا أن هذا “ما اعتبرته الشعوب الافريقية إهانة واستهتارا بها، إذ لم يكتف الرؤساء بالحكم الديكتاتوري مدى الحياة بل حولوا الجمهوريات إلى “جملكيات” أو جمهوريات وراثية!”.

وأشار الخبير نفسه أن القاسم المشترك الثاني بين دول الانقلابات “هو الفساد السياسي للنخب والهشاشة الاقتصادية للشرائح العريضة للمجتمع، رغم الثروات الطبيعية الكبيرة في بعض الحالات مثل الغابون، فهو بلد يتوفر على النفط والغاز وعلى معادن نفيسة وعدد السكان لا يتجاوز ثلاثة ملايين نسمة، ولكن سوء التوزيع وسوء الحكامة جعل الثروة والسلطة تتركز بيد فئة قليلة”.

التحريض الخارجي

واستدرك نور الدين “لكن هناك عوامل جيوسياسية خارجية ساعدت على تأجيج الاحتجاجات الشعبية وتحريض الجيش على الانقلابات، وعلى رأسها الصراع بين روسيا والصين من جهة والدول الغربية من جهة أخرى”، مؤكدا أنه “مع الأسف كلا الطرفين لا تهمه مصلحة الشعوب الإفريقية أكثر مما تهمه السيطرة على الثروات الطبيعية والطاقية للقارة، ولذلك نلاحظ تدخل روسيا مثلا بعد كل انقلاب بشكل مباشر أو غير مباشر عبر مرتزقة “فاغنر” في إفريقيا الوسطى ومالي وبوركينافاسو وغينيا”.

وتابع أن إفريقيا قد تصبح “بمثابة متجر الخزف الذي تتقاتل داخله الفيلة، مما يؤدي إلى ضياع السلعة وإفلاس صاحب المحل التجاري أيا كانت نتيجة الصراع وأيا كان المنتصر في الصراع”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News