سياسة

الدخول السياسي الجديد..”ملفات حارقة” تختبر جدية الحكومة لتخفيف وطأة الأزمة

الدخول السياسي الجديد..”ملفات حارقة” تختبر جدية الحكومة لتخفيف وطأة الأزمة

يطرح الدخول السياسي المقبل مجموعة من التحديات التي تنظر الحكومة وهي تستعد لاستقبالها العام الثالث من ولايتها تحديات ذات طبيعة اقتصادية واجتماعية أفرزتها مجموعة من التحولات على المستويين الوطني والدولي، بفعل تداعيات الجائحة واستمرار موجة الجفاف الحرب الأوكرانية مع ما نجم عنها تأثير على امدادات الطاقة وتأمين المواد الأولية.

يفرض الدخول السياسي الجديد في المغرب  رهانات كبيرة معقدة وملفات ثقيلة سياسيا واقتصاديا، أشار إليها خطاب العرش الأخير، الذي حمل توجيهات كبرى يجب ان تؤطر عمل مختلف الفرقاء والفاعلين في الحياة السياسية خلال السنوات القليلة المقبلة وركز على قيمة الجدية لربح رهان التنمية والتقدم على جميع المستويات.

وتُشكّل هذه التحولات اختبارا جديدا للنخب السياسية، وخاصة الفاعل الحكومي حول مدى قدرته على مواكبة هذه التحولات، في ظل سياق دولي متقلب يستوجب منها اعتماد مقاربة جديدة وتفعيل آليات عمل مبتكرة، قصد إغناء النقاش السياسي العمومي، واقتراح حلول تستجيب لتطلعات المواطنين.

وضع غير مريح

العياشي الفرفار عضو الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية بمجلس النواب، أكد أن الدخول السياسي القادم سيجعل الحكومة أمام مجموعة من التحديات الصعبة والمعقدة نتيجة استمرار نفس أسباب الأزمات المركبة نتيجة توالي الاضطرابات الجيواستراتيجية وسط تأثيرات معضلة الجفاف وقلة التساقطات وارتفاع الأسعار إضافة إلى تداعيات جائحة كورونا.

ويرى الفرفار ضمن تصريح لـ “مدار21″، أن استمرار هذا الوضع وهذا السياق يجعل الحكومة في وضع “غير مريح” مما يرفض عليها رفع درجة الجاهزية وتعبئة كافة مواردها وكفاءاتها من أجل الوفاء بالتزاماتها وميثاق الأغلبية إضافة إلى البرنامج الحكومي الذي نال ثقة البرلمان، مسجلا أن الحكومة ستكون خلال الدخول السياسي الجديد مطوقة بتنزيل التوجيهات الملكية الواردة في ذكرى عيد العرش الأخير بكل الجدية المطلوبة، خاصة ما يتعلق بأزمة الماء وإخراج التعويضات العائلية إلى حيز الوجود.

وأوضح البرلماني الاستقلالي أن الحكومة ستكون أمام أربع خيارات ورهانات أساسية وفي مقدمتها مواجهة التداعيات الناتجة عن السياق الدولي والمناخي والوبائي وتعزيز ركائز الدولة الاجتماعية المحددة في الخطاب الملكي لسنة 2022 وفي البرنامج الحكومي المؤسس على ثلاث محاور الصحة و التعليم و الشغل مع ضرورة استمرار الإصلاحات الهيكلية في المجالات ذات الطابع الاستراتيجي لاسيما في الماء والطاقة والإدارة والحكامة واستدامة التوازنات المالية العمومية.

رفع درجة اليقظة

وأكد الفرفار أن الحكومة مطالبة بالحرص على تفعيل هذه الخيارات الاستراتيجية بما يستلزمه ذلك من رفع درجة اليقظة والجاهزية و تعبئة كافة الموارد المالية الضرورية لذلك، مشددا على أن الرهان الأساسي يبقى  أن مؤشرات الانجاز والأداء للعمل الحكومي ينبغي أن تكون واقعية وليست مجرد أرقام معلقة، وأن تنزيل العمل الحكومي عليه أن يكون ذات تأثير ايجابي لدى المواطن و لدى الاقتصاد الوطني في إطار الماكرواقتصادي، لأن الأهم أن يصبح الأداء الحكومي أداء مؤثرا في الواقع حتى يشعر به ويلمسه المواطن المغربي.

وزاد قائلا: “وهو ما يستلزم نوعا من السرعة والنجاعة في تنزيل البرامج لاسيما ما يتعلق بتدعيم الدولة الاجتماعية إضافة إلى برنامج الاستهداف الاجتماعي وتقديم الدعم المباشر للفئات المستهدفة والتعويضات الاجتماعية لملايين المغاربة وتحفيز الاستثمار المنتج لفرص الشغل بما يخفف من حدة البطالة ويحافظ على التماسك الاجتماعي”.

وسجل الفرفار أن الحكومة ستكون مطالبة أيضا بانجاح رهان “الجيل الأخضر” بما يضمن توفير الأمن الغذائي وتأمين اجتياجات المواطن المغربي بالمواد الغذائية، إضافة إلى الحد من تأثيرات الجفاف والتغيرات المناخية من خلال التسريع بانجاز محطات لتحلية مياه البحر بما يضمن الاكتفاء الذاتي من هذه المادة الحيوية ويوفر كميات أخرى تخصص للسقي والانتاج الزراعي

في جانب آخر، شدد النائب الاستقلالي أن  الحكومة مطالبة بقديم نصوص ومشاريع قوانين من أجل التفاعل مع الواقع ومع المستجدات التي يطرحها الراهن المغربي، لاسيما ما يتعلق بمدونة الأسرة وبالقانون الجنائي والمسطرة المدنية ونظام السجون، داعيا الحكومة التي يشارك فيها حزب الاستقلال إلى استلهام المستجدات الواقعية ومحاولة التلاؤم معها بتقديم مشاريع قوانين تستوعب هذه التحولات و تسعى إلى تأطيرها في نصوص تشريعية قادرة على إحداث الفارق.

من جانبها أكدت البرلمانية نعمية الفتحاوي عضو المجموعة النيابية للعدالة والتنمية، أن الحكومة تنتظرها تحديات كبيرة بعد فترة راحة صيفية وأمامها إشكاليات تتعلق بتغير المناخ التي أصبحت واقعا معاشا، يؤثر بشكل مباشر على كل مناحي حياة المواطن ، خصوصا شح المياه وتداعيات الجفاف  وكذلك الفيضانات المرتقبة خلال الشتاء المقبل،” وهي إشكاليات تتطلب  استعدادات جدية وقبلية لمواجهتها وابتكار حلول بديلة”.

الأمن الغذائي والمائي

وسجلت الفتحاوي ضمن تصريح لـ”مدار21″ أن الحكومة سجلت تأخرا واضحا في تحقيق الأمن المائي والغذائي، من خلال تركيزها على الفلاحة التصديرية وتخليها عن الفلاحة المعيشية التي تهم المواطن في معيشه اليومي يبين عدم تناغم السياسة الحكومية مع التحديات الكبرى التي بدأت ملامحها تظهر، مضيفة أن “الحكومة لم توفق في جذب الاستثمارات بالمستوى المطلوب لخلق فرص التشغيل، علما أن معدلات البطالة المسجلة عالية”.

كما سجلت الحكومة، تردف برلمانية العدالة والتنمية، ” تعثرا في تنزيل سياسات عمومية طموحة على مستوى القطاعات الاجتماعية ذات الأولوية، في مقدمتها التعليم والصحة والتشغيل”، مشيرة إلى أنه من المرتقب أن يكون هناك “دخول تربوي متعثر بسبب عدم توافق الحكومة مع الفرقاء الاجتماعيين على النظام الأساسي الجديد لموظفي التعليم”.

ولفتت الفتحاوي إلى أن هناك تأخرا في وضع النصوص التنظيمية لتنزيل مجموعة من القوانين المتعلقة بعدة قطاعات اقتصادية وسيادية، مسجلة  “تأخر الحكومة في تنزيل ورش الحماية الاجتماعية الذي بدأته الحكومة السابقة وخصوصا السجل الاجتماعي الموحد وتنزيل المنظومة الصحية، وكذا ملف السكن عموما وكذا السكن الخاص بالطبقة المتوسطة كما جاء ضمن برانامجها”.

وأشارت إلى أن هناك إشكالية غلاء المعيشة الذي يغديه ارتفاع أسعار الوقود بسبب وبغير سبب والاغتناء الفاحش للوبي المحروقات على حساب تدهور القدرة الشرائية للمواطنين، ونبهت إلى أن  غشت الجاري، شهد أربع زيادات متتالية في أسعار الوقود رغم أن الأسعار في السوق الدولية لم تعرف أي زيادة، وهذا خلافا لقرار تحرير أسعار المحروقات الذي ينص على مراجعة الأسعار بداية ومنتصف كل شهر .

وخلصت الفتحاوي إلى أن الحكومة تنتظرها خلال الدخول السياسي المقبل، ملفات مهمة وأوراش كبرى، لكن يبدو أن عملها يطبعه الارتباك في تفعيل مختلف السياسات العمومية التي التزمت بها في البرنامج الحكومي، منهبة إلى أنها سجلت خلال السنتين المنصرمتين من ولايتها تأخرا في مواجهة التأثيرات الظرفية، وفي تعزيز ركائز الدولة الاجتماعية، وفي مواصلة تنزيل الإصلاحات الهيكلية التي بدأتها الحكومات السابقة، وفي وضع آليات وتدابير ناجعة لتعزيز استدامة المالية العمومية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News