افتتاحية

تبون وبريكس.. الحقائق الاقتصادية لا تصمد أمام العنتريات

تبون وبريكس.. الحقائق الاقتصادية لا تصمد أمام العنتريات

قبل اجتماع مجموعة “بريكس” الاقتصادية، المقام في جنوب افريقيا، استبق الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون الجميع وأعلن انضمام بلاده للمنظمة التي تقودها روسيا والصين.

وقبل هذا توسلت الجزائر، روسيا خلال الزيارة التي قام بها تبون إلى موسكو ومعها الصين خلال زيارة مماثلة، متسلحا بالعلاقة القوية التي تجمع بلده بهما، ومعتبرا نفسه الصديق المقرب لجنوب إفريقيا.

لكن الاجتماع جاء بما لا يريد تبون، فمن بين 20 دولة تقدمت لعضوية مجموعة “بريكس” الاقتصادية، اختيرت 6 دول للعضوية، بينها 3 دول عربية، وهي المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وجمهورية مصر العربية، في حين فشلت الجزائر في الانضمام رغم إعلان جنوب إفريقيا، التي ترأس المجموعة، في وقت سابق، دعمها لها.

إن منظمة مثل “بريكس” التي تعد تكتلا سياسيا واقتصاديا يضم كلا من البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا، تحتاج إلى أرقام ومؤشرات وليست عنتريات مثلما دأب على ذلك الرئيس الجزائري، فالحقائق الاقتصادية لا تصمد أمام الخزعبيلات.

لكن في مقابل كل ذلك وعوض اهتمام الجزائر بمؤشراتها الداخلية لجعلها قوية وفي تطلعات تكتل اقتصادي، والاهتمام بالجزائريين عبر فرص الشغل وتشجيع الاستثمار لتتمكن من دخول نادي الكبار، كان همها التسويق لإبراهيم غالي كبير الانفصاليين، في اجتماعات جوهانسبورغ، في توجه يعكس عدائها الدائم للمغرب حتى عندما يتعلق الأمر بمصالحها الخاصة.

فإذا كانت مؤشرات الجزائر الاقتصادية مبنية على صادرات النفط والغاز، فإن رفض بريكس انضمامها لهذا التكتل دليل على أن هذه الدولة على حافة الإفلاس لأن لا اقتصاد لها ولا أرقام تدفع دول طموحة إلى قبول دولة لا تنتج شيئا على الاطلاق، وهو ما يتطلب منها استخلاص العبر.

وأولى العبر التي على “نظام تبون” استخلاصها من هذا الرفض أنه قبل إبداء الرغبة في الانضمام لتكتل عالمي كبير مثل بريكس، التي تمثل 41 بالمئة من سكان العالم، و40 بالمئة من مساحته و24 بالمئة من الاقتصاد العالمي و16 بالمئة من التجارة العالمية، عليه السعي إلى بناء تكتل إقليمي في إطار المغرب الكبير، عوض السعي نحو إضعاف أحد شركائه وبذل الغالي والنفيس لمهاجمته وهو المغرب.

العبرة الثانية، التي على تبون القبول بها وهي أن الجزائر ليست لا قوة إقليمية ولا قوة ضاربة مثلما يحاول جاهدا الترويج له في كل مناسبة، مما يتطلب معه خفض منسوب تضخم الأنا، والسعي إلى بناء دولة بمؤشرات اقتصادية بعيدة عن البترول، عوض إلهاء شعب بالكامل بمؤمرة الخارج وربطها في كل وقت وحين بالمغرب.

أما العبرة الثالثة فهي أن العالم يزن الدول بالعقلانية والأرقام وما يزن الاقتصاد في تكتل مثل بريكس، ليس أرقام “الطبيعة” التي تجود بالغاز والبترول، ولكن بعدد السيارات التي تصدرها للعالم وطبيعة العرض السياحي المقدم، وتحويلات العمال من الخارج، وتسهيل فرص الاستثمار الخارجي وفتح فروع بنكية في دول أخرى.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News