سياسة

دبلوماسية المغرب تبطل مفعول “غاز الجزائر” وبوريطة ينتزع دعما أوروبيا جديدا للحكم الذاتي

دبلوماسية المغرب تبطل مفعول “غاز الجزائر” وبوريطة ينتزع دعما أوروبيا جديدا للحكم الذاتي

مرة أخرى، نجحت الدبلوماسية المغربية في إبطال مفعول غاز الجارة الجزائر، التي كانت تحاول عبر استغلاله، كسب داعمين لمواقفها العدائية تجاه المملكة وسيادتها، وخلافا لما كانت تحاول أن تروج له أبواق الجزائر حول وجود “توافق وانسجام في الرؤى في القضايا الإقليمية بين الجزائر وروما”، أشادت الأخيرة بالمغرب وجهوده في قضية الصحراء المغربية.

وبتوجيهات من الملك محمد السادس، سافر وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، أمس الأربعاء، إلى روما في زيارة عمل، نتج عنها مباحثات مثمرة بين الطرفين تم التعبير من خلالها عن “إرادة مشتركة متعددة الأبعاد”.

ورحبت إيطاليا تزامنا مع زيارة بوريطة، بـ”الجهود الجادة وذات المصداقية” التي يبذلها المغرب من أجل التوصل إلى حل لقضية الصحراء، وذلك في خطة العمل من أجل تنفيذ الشراكة الإستراتيجية بين المملكة المغربية والجمهورية الإيطالية.

وجاء في خطة العمل هذه، التي وقعها وزير الخارجية، ناصر بوريطة، ونظيره الإيطالي، أنطونيو تاجاني، أن “إيطاليا ترحب بالجهود الجادة وذات المصداقية المبذولة من طرف المغرب”، كما أكد على ذلك قرار مجلس الأمن رقم 2654 لـ 27 أكتوبر 2022.

وحسب الوثيقة، وفي إشارة إلى مبادرة الحكم الذاتي التي تقدم بها المغرب، جددت إيطاليا التأكيد أيضا على “دعمها لجهود الأمين العام للأمم المتحدة من أجل مواصلة العملية السياسية الرامية إلى التوصل إلى حل سياسي، عادل، واقعي، براغماتي، مستدام، ومقبول من الأطراف لقضية الصحراء، يقوم على التوافق طبقا للقرارات 2654”.

وضمن نفس خطة العمل، تشجع إيطاليا “جميع الأطراف على مواصلة التزامها بروح من الواقعية والتوافق، في سياق تسويات تنسجم مع الأهداف والمبادئ المنصوص عليها ضمن ميثاق الأمم المتحدة”.

وبحسب محمد سالم عبد الفتاح، رئيس المرصد الصحراوي للإعلام وحقوق الإنسان، تأتي هذه المباحثات في ظل محاولات ابتزاز للقرار الأوروبي بشكل عام والقرار الإيطالي بشكل خاص، كانت تعكف عليها قيادات الجزائر من خلال توظيف حاجة هذه البلدان لمادة الغاز، خاصة في فصل الشتاء المنصرم، مع تراجع إمدادات الغاز الروسي والارتفاع الكبير الذي شهدته أسعار هذه المادة الحيوية على المستوى الدولي.

وبعد القطيعة الإسبانية الجزائرية، سارعت الجزائر لإغراء الجزائر، عبر إمدادها بـ3 مليارات متر مكعب إضافية في 2022 إضافة إلى 3 أخرى في عام 2023، وأعلنت مجموعة إيني الإيطالية للطاقة أن الجزائر ستزيد ضخ الغاز إلى إيطاليا ليصل إلى 28 مليار متر مكعب بحلول العام 2024.

ويؤكد عبد الفتاح، في تصريح لجريدة “مدار21” الإلكترونية، أنه ورغم محاولات التأثير في القرار الأوروبي، التي عكفت عليها الجزائر، إلا أن هذا الموقف الإيطالي المسجل على هامش المباحثات التي جمعت وزيري خارجيتي المغرب وإيطاليا تؤكد فشل المناورات الجزائرية.

كما يعتبر رئيس المرصد الصحراوي، أن ما عبرت عنه إيطاليا، يؤكد وبشكل واضح تفهم روما للموقف المغربي خاصة مع إشادتها للجهود التي تبذلها الرباط لإنجاح الوساطة الأممية الرامية لإنهاء هذا الملف الذي عمر أكثر من اللازم.

وأشار في سياق متصل إلى أن الموقف الإيطالي المعبر عنه على هامش هذه المباحثات، يشكل دعما ضمنيا للمبادرة المغربية للحكم الذاتي، خاصة وأن روما أشادت بالمجهودات التي يبذلها الرباط لإنجاح الوساطة الأممية، فضلا عن إشارتها للقرار مجلس الأمن رقم 26-54 الصادر بأكتوبر الفارط، وهو القرار الذي يشيد بالمبادرة المغربية للحكم الذاتي ويصفها بالمصداقية والجدية، وبذات أولوية.

وقال إن إيطاليا وعبر موقفها، أعادت التأكيد على طبيعة الحل السياسي التفاوضي العملي المتوافق عليه، وكلها إشارات تتقاطع مع المبادرة االمغربية للحكم الذاتي.

وتشكل خطة العمل، المبرمة كامتداد للإعلان المشترك الموقع بالرباط في 1 نونبر 2019، تنزيلا ملموسا للشراكة الإستراتيجية متعددة الأبعاد القائمة بين المغرب وإيطاليا، وهي شراكة موجهة نحو الحوار الدائم والتعاون الملموس الذي يعود بالنفع على البلدين.

وأوضح بوريطة، في تصريح للصحافة عقب مباحثاته مع تاجاني، أن “هذه الزيارة تهدف إلى تنويع وتعزيز الشراكات داخل أوروبا والاتحاد الأوروبي وتوطيد العلاقات مع القوى الأوروبية ذات المصداقية”.

وشدد الوزير على أن العلاقات بين المغرب وإيطاليا هي “تقليديا قوية” وتقوم على تعاون “مثمر” في جميع المجالات.

وأضاف أن اللقاء مع رئيس الدبلوماسية الإيطالية شكل مناسبة للتوقيع على خطة عمل لتنفيذ الشراكة الاستراتيجية متعددة الأبعاد، الموقعة في العام 2019، مسجلا أن خطة العمل هذه تحدد أربع أولويات للعلاقات المغربية-الإيطالية للسنوات المقبلة، وهي تعزيز الحوار السياسي حول القضايا الإقليمية في إفريقيا والشرق الأوسط والبحر الأبيض المتوسط​​، وترسيخ التعاون الاقتصادي والثقافي، وتعزيز التنسيق الأمني، وإنشاء آلية استشارية حول الهجرة والشؤون القنصلية.

وأعلن بوريطة أن تاجاني سيزور قريبا المغرب للتشاور حول الإجراءات الملموسة بشأن المجالات الأربعة ذات الأولوية المحددة في خطة العمل.

وأشار الوزير، في السياق ذاته، إلى أن إيطاليا، الفاعل الرئيسي في الحوض المتوسطي​، تطمح إلى أن تصبح فاعلا مهما في إفريقيا، مبرزا أن المغرب فاعل مؤثر في القارة الإفريقية.

وأكد رئيس الدبلوماسية المغربية، أن روما أيضا راغبة في العمل في إفريقيا مع المغرب الذي تعتبره فاعلا رئيسيا في منطقة البحر الأبيض المتوسط​​، بفضل استقراره والمبادرات التي يقوم بها، بناء على توجيهات الملك، في مختلف المجالات”.

وبعد أن وصف الشراكة الاقتصادية بين البلدين بأنها “واعدة”، أشار بوريطة إلى أن إيطاليا هي من بين أكبر عشرة شركاء تجاريين للمغرب مع 200 شركة إيطالية موجودة في المملكة في العديد من القطاعات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News