تربية وتعليم

الإناث يكرسن تفوقهن على الذكور في الامتحانات الإشهادية وخبراء يرصدون الأسباب

الإناث يكرسن تفوقهن على الذكور في الامتحانات الإشهادية وخبراء يرصدون الأسباب

تستمر نتائج امتحانات الباكلوريا في السير نحو “التأنيث”، إذ جاءت دورة يونيو لهذه السنة لتكرس ارتفاع نسبة نجاح الإناث وتفوقهن على الذكور، حيث بلغت 63,83 في المئة من مجموع الممدرسات اللواتي اجتزن امتحانات الباكلوريا، بينما وصلت النسبة ذاتها لدى الذكور إلى 54,89 في المئة؛ بحسب معطيات وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة.

وفي السنة الماضية، بلغت نسبة نجاح الإناث 70,87 في المئة من مجموع المتمدرسات اللواتي اجتزن هذا الاختبار، بينما شكلت نسبة الذكور الذين اجتازوا هذه الدورة بنجاح 61,01 في المئة من مجموع المتمدرسين.

وقد تمكنت هذه السنة التلميذة شيماء البوحياوي من الحصول على أعلى معدل في امتحانات نيل شهادة الباكالوريا برسم هذا الموسم الدراسي في شعبة علوم فيزيائية خيار فرنسية، فيما تمكنت التلميذة هبة القاسمي من الحصول على ثاني أعلى معدل في امتحان الباكلوريا وطنيا بمعدل 19.51 في شعبة علوم فيزيائية – خيار فرنسية.

المناخ العائلي سبب التفوق

وفي تفسيره لهذه الظاهرة، قال الاختصاصي الاجتماعي والباحث في علم النفس، محمد حُبيب إن “هذه النتائج التي أصبحت سنويا تطفو على السطح وتظهر تفوق الإناث على الذكور في النتائج الدراسية وخصوصا في الامتحانات الإشهادية، يعزى بالأساس إلى التزام الإناث بمستوى عال من التحصيل الدراسي، وتفانيهن في تحقيق النجاح الأكاديمي وتحقيق أعلى الدرجات”.

وأضاف حبيب في تصريحه لجريدة “مدار 21” الإلكترونية، أن “المناخ العائلي والاجتماعي أصبح يساعد على تفوق الإناث، من خلال الدعم الاجتماعي الذي يوفر للإناث، والذي يعزى للاعتقاد السائد اليوم بأن الاستقلال المادي والمعنوي للفتاة لا يمكن أن يكون إلا بالتفوق الدراسي، من خلال تشجيع العائلة على التحصيل وتوفير الفرص والموارد اللازمة للنجاح الأكاديمي”.

بالإضافة إلى ذلك، يشير الخبير إلى “الدعم الذي تحظى به الإناث من طرف الأسرة التعليمية التي تشجع الفتيات في إطار الدعم المدرسي المقدم من قبل المدرِّسين والعاملين في هذا المجال، من خلال توفير برامج ومبادرات خاصة تهدف إلى تعزيز تحصيل الإناث وتعزيز ثقتهم في قدرتهم الأكاديمية”.

من جهة أخرى، يرى المصدر ذاته، أن “الاستراتيجية الانتقائية في البرامج ونجاح إستراتيجيات توفير الفرص والمساواة في الوصول إلى التعليم من قبل المؤسسات وجمعيات المجتمع المدني، التي تسعى إلى تشجيع تمدرس الفتاة بشكل عام وتمدرس الفتاة بشكل خاص ونحو تمكين الإناث وتشجيعهن على التفوق الدراسي، عززت مكانة وتفوق الإناث على الذكورفي هذا المجال”.

ومن الجانب النفسي، أوضح حبيب أن الفروقات الفردية بين الإناث والذكورفي النضج العقلي سبب كذلك في هذا التوفق، بحيث أن “الإناث يتمتعن بنضج عقلي أسرع يساعدهن على التركيز والتحصيل الأكاديمي بشكل أفضل، وهو ما يظهر من خلال اهتمامهم وميولاتهم إلى التفوق الأكاديمي، بحيث يتّسمن بميل أكبر للتحصيل الدراسي والنجاج الأكاديمي يعكسه تفانيهن والجهد المبذول في الدراسة الذي تظهرنه أكثر من الذكور”.

وأضاف الباحث في علم النفس أن “الإناث يتميزن بمستوى إدراك اجتماعي أكبر من الذكور، يظهر من خلال إدراكهن الأعمق بأهمية التعليم ودوره في تحقيق النجاج الشخصي والاجتماعي، الذي يدفعهن للعمل بجد لتحقيق أعلى درجات ومستويات التحصيل الدراسي”. كما أكد ذات المتحدث أن “الإناث يتميزن باهتمام بالتفاصيل ومهارات لغوية جيدة تمكنهم من تحقيق هذا التفوق، حيث يعتبر الانتباه بالتفاصيل وحسن استخدام اللغة جانب مهم للنجاج الأكاديمي الذي قد يتمتع به الإناث”.

وأشار حبيب إلى أن “تفوق الإناث على الذكور في بعض السياقات الدراسية، لا يعني عدم وجود ذكور يحققون نجاحا أكاديميا ممتازا”، مضيفا أن “التفوق الأكاديمي قد يتغير بين الجنسين من سياق إلى آخر ومن فرد إلى آخر، حيث يتأثر بعوامل متعددة مثل العوامل الثقافية والاجتماعية لكل فرد على حدة في سياقات متعددة ومختلفة”.

رغبة في تحقيق الذات والخروج من دائرة الخوف

ومن جهتها، قالت بشرى عبده، مديرة جمعية التحدي للمساواة والمواطنة، إن “للإناث قدرة كبيرة للوصول إلى مبتغاهن نظرا للضغوط التي تواجههن في المجتمع والتمييز الذي يطالهن، وإحساسهن في بعض الأحيان بالدونية وبعدم رغبة الآخرين في وصولهن لأهدافهن، والذي يدفعهن لبذل مجهود أكثر ليبرهن للآخر أحقيتهن بهذا النجاح”.

وأضافت عبده في تصريح لجريدة “مدار21” الإلكترونية، أن “هذا التفوق هو نتيجة رغبة في تحقيق الذات، فالعديد من الفتيات اللواتي يكرسن وقتهن للتحصيل العلمي والأكاديمي ويصلن للمراتب الأولى، يعتبرن أن نجاحهن من الدراسة هو السبيل الأمثل للهرب من الأوضاع السيئة التي قد تلحق بهن في حال انقطعن عن الدراسة، كالعمل في أوضاع غير ملائمة وبأجور زهيدة. كما يعتبرن الدراسة حلا مناسبا للتحرر من القيود المجتمعية التي قد يكون تكون معيقة لهن أمام تحقيقهن لأحلامهن”.

واعتبرت المتحدثة ذاتها أن هذه النجاحات تظهر أن الفتيات يرغبن في الخروج من أوضاع أسرهن الهشة، كما يرغبن في إنقاذ أسرهن كذلك من هذا الوضع والخروج من الضيق ودائرة الخوف الدائم التي تحاصرهن وتمنعهن من تحقيق أحلامهن”.

وأكدت عبده أن أحلام الفتيات المغربيات اليوم تصل إلى مستويات عالية، إذ تطمحن للوصول لمراكز القرار والمسؤولية، لكن هذا لن يتحقق، بحسب عبده، إلا ب”تدخل الجهات المعنية لتسهيل وصلوهن لأحلامهن عبر تيسيير ولوجهن للمدارس والمعاهد العالية، وضمان استفادتهن من المنح، فالنقط العالية والشهادات الجامعية ليست ضامنا لوصول الفتيات لأحلامهن”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News