مجتمع

الداكي: النيابة العامة لم تدخر جهدا لتحقيق الحماية القانونية للأطفال ونحتاج وقفة تأمل لتشخيص دقيق

الداكي: النيابة العامة لم تدخر جهدا لتحقيق الحماية القانونية للأطفال ونحتاج وقفة تأمل لتشخيص دقيق

أكد الحسن الداكي، الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض رئيس النيابة العامة، أن رئاسة النيابة العامة لم تدخر جهدا منذ تأسيسها في أكتوبر 2017 كسلطة مستقلة وباعتبارها الجهة القائمة على تنفيذ مضامين السياسة الجنائية الوطنية لتحقيق الحماية القانونية اللازمة للأطفال في سعي دائم لتكريس مفهوم العدالة الصديقة، مشيرا إلى أن الرقي بحماية الطفولة بالمغرب يتطلب وقفة تأمل وتشخيص دقيق لواقع هذه الحماية من خلال التعرف على مواطن القوة والاجتهادات المتميزة والممارسات الجيدة.

وأكد الداكي في كلمة بقصر المؤتمرات بالصخيرات خلال بمناسبة المناظرة الوطنية حول موضوع حماية الأطفال في تماس مع القانون – الواقع والآفاق، في الفترة ما بين 19 و21 يونيو الجاري، أن رئاسة النيابة العامة بادرت إلى اتخاذ عدة إجراءات سواء على مستوى البناء المؤسساتي، أو على مستوى تنفيذ السياسة الجنائية الخاصة بحماية حقوق الطفل، من أجل ضمان التفعيل السليم للمقتضيات القانونية الحمائية الواردة في التشريع الوطني، وتكريس المعايير الدولية المتعارف عليها في هذا الشأن.

وأوضح أن النيابة العامة خصصت ضمن هياكلها التدبيرية قطبا يختص بتتبع قضايا الأسرة والفئات الهشة عموما وقضايا الطفولة بوجه خاص، إن على مستوى تعزيز الولوج للحماية القضائية وفق المعايير النموذجية أو على مستوى الرصد وتجميع الإحصائيات والمعطيات ذات الصلة أو على مستوى ضمان تعزيز القدرات ومواصلة التحسيس وتأطير النقاش بين قضاة النيابة العامة وشركائها.

وأبرز المتحدث أن خلايا التكفل بالأطفال والنساء بمختلف النيابات العامة بمحاكم المملكة، التي تشرف عليها رئاسة النيابة العامة، تعبتر آلية فعالة لتيسير ولوج الأطفال إلى العدالة، وتعكس رقيا في تعاطي المؤسسة القضائية مع هذه الفئة”، موضحا أنها “أعضاء النيابات العامة يسهرون، إلى جانب باقي مكونات هذه الخلايا، على استقبال الأطفال الوافدين عليها، في حرص شديد على تقديم ما تتطلبه أوضاعهم من دعم ومساعدة ومرافقة واستحضار للبعد الاجتماعي والإنساني.

وشدد الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض على أن النيابة العامة تعمل على تفعيل دورها التنسيقي مع مختلف المتدخلين من قطاعات حكومية وغير حكومية، عبر اللجن المحلية والجهوية للتكفل بالنساء والأطفال، بما “يضمن تكفلا فعالا وناجعا يتلاءم وخصوصية وضعية الطفل في تماس مع القانون واحتياجاته”.

ومن أجل تحقيق أكبر قدر من النجاعة في تطبيق القوانين ذات الصلة بحقوق الأطفال، يضيف المتحدث، بادرت رئاسة النيابة العامة إلى توجيه العديد من الدوريات إلى النيابات العامة بمختلف محاكم المملكة، تحثهم فيها على تعزيز الحماية القانونية للأطفال من كل أنواع العنف والاستغلال وإساءة المعاملة، وكل ما من شأنه إهدار كرامة الطفل، وفقا لما ينص عليه القانون الوطني، مع الحرص على التشخيص القانوني السليم لوضعياتهم وعلى تقصي مصلحتهم الفضلى والتطبيق الصارم للقانون في مواجهة كل من يرتكب أفعالا جرمية في حقهم لضمان عدم إفلاتهم من العقاب.

وأشار الداكي إلى أن رئاسة النيابة العامة تعتمد نهج الانفتاح على مختلف الأوراش الوطنية الداعمة لحقوق الأطفال سعيا منها إلى تفعيل المبادئ الدستورية الرامية إلى ضرورة التعاون بين السلط، ووعيا منها بأهمية الالتقائية بين تدخلات الفاعلين في مجال حماية الطفولة، وضرورة تظافر جهود الجميع لتحقيق حماية ناجعة وفعالة للأطفال.

ولفت في هذا الإطار إلى رئاسة النيابة العامة انخرطت في عدة مبادرات منها الحملة الإفريقية من “أجل مدن بدون أطفال في وضعية الشارع” تحت رعاية الملك محمد السادس، والرئاسة الفعلية للأميرة للا مريم، المعلن عنها بمدينة مراكش بتاريخ 24 نونبر 2018، والتي عبأت مختلف الفاعلين لانتشال الأطفال من الشارع، يضيف الداكي.

وأردف “كما انخرطت في “الخطة الوطنية لحماية الأطفال من الاستغلال في التسول” منذ 04 دجنبر 2019 بشراكة مع وزارة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة، وأعدت خطة مندمجة انخرط فيها كافة المتدخلين المعنيين من أجل الحد من زواج القاصر والتصدي لأسبابه استجابة لغاية المشرع الذي حدد سن الزواج للفتى والفتاة على حد سواء في 18 سنة كاملة من منطلق التسليم بأن الزواج دون هذه السن مساس بحقوق الطفل وعرقلة لنموه وتنشئته.

وقادت رئاسة النيابة العامة، يشير المصدر ذاته، استشارة وطنية حول التكفل بالأطفال المهاجرين غير المرفقين أفضت إلى إعداد خطة عمل مشتركة لتطوير الخدمات وتجويدها، مبرزا أن رئاسة النيابة العامة، أولت أهمية بالغة لقضايا الطفولة وجعلتها ضمن أولوياتها الاستراتيجية مكرسة بذلك البعد الحمائي للأطفال جميعا بغض النظر عن وضعياتهم.

وشدد الداكي في كلمته على أنه “رغم ما راكمته بلادنا من إنجازات ومكتسبات في هذا المجال بفضل المجهودات المبذولة من طرف كل المتدخلين، إلا أنه لازال أمامنا طريق مليء بالتحديات والصعاب للوصول بأطفالنا إلى مستوى يحقق الغايات والمقاصد السامية المتمثلة في منع كل الأفعال والممارسات الماسة بسلامتهم”.

وأوضح بهذ الصدد أن “آليات الحماية المتاحة تسائلنا عن مدى احترام المعايير المتعارف عليها للتكفل بالأطفال فيطرح التساؤل مثلا عن ضرورة تصنيف الأطفال المودعين متى علمنا أن مراكز حماية الطفولة تضم في آن واحد الأطفال المخالفين للقانون والأطفال في وضعية صعبة، بل إن هؤلاء يشكلون نسبة 65 % مقابل 35% من الأطفال في وضعية مخالفة للقانون.

في السياق ذاته، لقت الداكي إلى أن “من جهة أخرى مازالت الإحصائيات بالمحاكم تسجل حالات متعددة من قضايا العنف الموجه ضد الطفل، كما ترصد لنا أعدادا مهمة من الأطفال الذين يتورطون في جرائم تتسم في بعض الأحيان بالخطورة، كما لازالت تطالعنا الأرقام المقلقة للأطفال في وضعية صعبة أو في وضعية الشارع المعرضين لمظاهر متعددة من العنف والاستغلال”، الأمر الذي ينبغي معه إحاطة هذه الفئات بمزيد من الاهتمام على مستوى منظومة العدالة لضمان أنجع السبل الكفيلة بحمايتهم وفتح أفق الإدماج أمامهم.

ونبّه الحسن داكي إلى أن الرقي بحماية الطفولة بالمغرب “يتطلب حتما وقفة تأمل وتشخيص دقيق لواقع هذه الحماية من خلال التعرف على مواطن القوة والاجتهادات المتميزة والممارسات الجيدة من أجل تعميمها والاستفادة منها، ومن خلال الوقوف كذلك على مختلف التحديات والإكراهات التي تواجهها، من أجل استشراف الحلول والوصول إلى مقترحات عملية ناجعة لتكريس الحماية الشاملة لهذه الفئة”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News