سياسة

حلوي يستعرض “هفوات” اعتراض المحكمة الدستورية على قانون الدفع بعدم دستورية قانون

حلوي يستعرض “هفوات” اعتراض المحكمة الدستورية على قانون الدفع بعدم دستورية قانون

عاد يحي حلوي، أستاذ التعليم العالي بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بجامعة محمد الأول بوجدة، إلى المراحل التي مر منها القانون التنظيمي رقم 86.15 المتعلق بالدفع بعدم دستورية قانون ملخصا ذلك في كون أنه لم ير النور بسبب اعتراض المحكمة الدستورية عليه في محطتين الأولى كانت في 6 مارس 2018، والثانية كانت في 21 فبراير 2023، مؤكدا أن أن العديد من الحقوق التي ضاعت من أصحابها، منذ دخول الدستور المغربي حيز التنفيذ في يوليوز 2011، بسبب عدم صدور القانون التنظيمي المتعلق بالدفع بعدم الدستورية.

وقال يحي حلوي في مداخلة تحت عنوان “مسلسل القانون التنظيمي رقم 86.15 المتعلق بالدفع بعدم دستورية قانون: أي حق وإلى متى؟” خلال ندوة وطنية في موضوع: “الدفع بعدم الدستورية كآلية لتفعيل الرقابة على دستورية القوانين وحماية الحقوق والحريات”، يوم الجمعة الماضي، إن القانون التنظيمي رقم 86.15 الذي اعترضت المحكمة الدستورية عليه “لم يتم التداول في شأنه أمام المجلس الوزاري إنما تم فقط تقديم عرض حوله، معتبرة أن التداول في المجلس الوزاري يتطلب الحسم بالتقرير”.

وسلط حلوي الضوء على قرار المحكمة الدستورية من خلال نقطتين “الأولى تتعلق بمدى إمكانية ارتقاء العرض إلى المداولة والثانية تساءل من خلالها عما إذا كان التداول يصل إلى التقرير”.

وأوضح الجامعي في الندوة التي نظمتها جمعية المحامين الشباب بتازة بشراكة مع المؤسسة الأورو متوسطية لدعم المدافعين عن حقوق الإنسان، بمقر هيئة المحامين بتازة، حضرها عدد من المسؤولين القضاة وقضاة ومحامين وأساتذة جامعيون وطلبة باحثون وعدد من فعاليات المجتمع المدني المهتمة بمجال حقول المعرفة القانونية والحقوقية، أن المحكمة الدستورية قد ارتكزت في قرارها رقم 207.23م.د على وثيقتين لاعتبار أن المجلس الوزاري لم يتداول في المشروع القانون التنظيمي رقم 86.15 المتعلق بالدفع بعدم الدستورية؛ اكتفاء وزير العدل بتقديم عرض في شأنه أمامه، وبيان صادر عن الأمانة العامة للحكومة.

وتابع بهذا الصدد أن “النقطة الأولى منه انصبت على تقديم السيد وزير العدل عرضا حول ترتيب الأثار القانونية على قرار المحكمة الدستورية رقم 70/18 الصادر في 6 مارس 2018 بشأن القانون التنظيمي رقم 86.15  المتعلق بتحديد شروط وإجراءات الدفع بعدم دستورية قانون”، ومن جهة أخرى، أن النقطة الثانية من بيان الأشغال المتعلقة بمشاريع النصوص التي تمت المصادقة عليها من قبل المجلس لا تتضمن مشروع القانون التنظيمي المعروض؛”، والثانية تتعلق ببلاغ تلاه الناطق الرسمي باسم القصر الملكي”.

وبالعودة إلى الموقع الرسمي، يقول المتحدث، للأمانة العامة للحكومة (الديوان) يتضح فعلا، أنها أصدرت بيانا عن اجتماع المجلس الوزاري المنعقد بالرباط بتاريخ 4 فبراير 2019، وأن هذا البيان تضمن من جهة عبارة “قدم السيد وزير العدل عرضا حول ترتيب الأثار القانونية على قرار المحكمة الدستورية رقم 18/70 الصادر في 6 مارس 2018 بشأن القانون التنظيمي رقم 86.15 المتعلق بتحديد شروط وإجراءات الدفع بعدم دستورية قانون”، ومن جهة أخرى عبارة: “صادق المجلس على النصوص التالي بيانها مشروع قانون تنظيمي رقم 17.19 بتغيير وتتميم القانون التنظيمي رقم 02.12 المتعلق بالتعيين في المناصب العليا تطبيقا لأحكام الفصلين 49 و92 من الدستور”.

وشكك أستاذ التعليم العالي بكلية العلوم القانونية بوجدة في ما اعتمدت عليه المحكمة الدستورية لاعتبار الإجراءات غير مطابقة للدستور إذ إن “البيان” الذي صدر عن “ديوان” الأمين العام للحكومة، حيث أن هذ الأخير لا يرتقي إلى ما له طابع قانوني، كان يفترض على الأقل الاستئناس به، في غياب أي وثيقة أخرى ذات قوة ثبوتية، وليس بالضرورة الاعتداد به، كما أنه لا يمكن الارتكاز بتاتا على “بيان” الأمانة العامة للحكومة و”بلاغ” الديوان الملكي، على اعتبار أن هذه الوثائق التي تروم نقل الخبر إلى عامة الناس قد تكون في بعض الأحيان متباينة بالنسبة للباحثين في حقول المعرفة القانونية فبالأحرى بالنسبة لرجل القانون أو بالنسبة للـ”القاضي الدستوري”.

أمام صعوبة الاستئناس بالبيانات والبلاغات، قال المتحدث إنه كان من المفترض على المحكمة الدستورية أن تبحث عن وثائق أكثر ثبوتية لسير أعمال المجلس الوزاري، مركزا على المرسوم رقم 2.10.677 المتعلق باختصاصات وتنظيم الأمانة العامة للحكومة؛ الذي اتخذ في 10 ماي 2010 أي في ظل الدستور المراجع في 1996 حيث تم التداول فيه بالمجلس الوزاري، مؤكدا أن هذا المرسوم قد أفرد للكاتب العام للأمانة العامة للحكومة وحده تتبع مسلسل أعمال المجالس الوزارية وإعداد محاضر اجتماعاتها، عارضا على الحاضرين ما جاء في المادة 2 منه: “يمارس الكاتب العام، تحت سلطة الأمين العام للحكومة، الاختصاصات المسندة إليه  بموجب المرسوم رقم 2.93.44 …..، كما يسهر، علاوة على ذلك، على إعداد وتتبع جداول أعمال المجالس الحكومية والمجالس الوزارية ومحاضر اجتماعاتها…”.

وتساءل بهذا الصدد: “لا ندري كيف أن المحكمة الدستورية التي دأبت على الارتكاز في العديد من قراراتها، سواء المتعلقة بالبت في الدستورية، أو الطعون الانتخابية، على المحاضر، في الوقت الذي نجدها في قرارها هذا رقم 207.23م.د تستغني عن محاضر اجتماعات المجالس الوزارية التي لها سند قانوني وقوة ثبوتية  وترتكز على بيانات وبلاغات موجهة للعامة قصد التبسيط وتسهيل الفهم؟”.

وخصص أستاذ التعليم العالي بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بجامعة محمد الأول بوجدة الجزء الثاني من كلمته للإجابة عن سؤال “هل التداول في المجلس الوزاري يحتاج إلى التقرير؟”، منطلقا من من نقطة اعتبار تداول المجلس الوزاري يفضي إلى التقرير، موضحا أن المحكمة الدستورية “فسرت التداول يتضمن محطتين، الأولى تتعلق بتقديم معطيات حول النص المعروض، وهذه المحطة لا تناقشها المحكمة، بل تعتبرها ثابتة والثانية تتعلق بالتقرير أي بالحسم، بهذا المعنى تكون المحكمة الدستورية قد أعطت لنا معنى للتداول لا يقف عند العرض الذي يقدم في المجلس الوزاري إنما الحسم بالتقرير، وهي بذلك لا تختلف مع بيانات ديوان الأمانة العامة للحكومة من اعتبار التقرير هو مرادف للمصادقة”.

وشدد على أن القول إن “التقرير أو المصادقة معناه أن هناك الحسم بنعم لمشروع القانون التنظيمي أو لا للمشروع القانون التنظيمي، لا يمكن تقبله إلا في الجهاز الذي يكون منتخبا أو على الأقل في الجهاز المتعدد التمثيليات بتعدد التعيين، وهو سر  عدم ربط المشرع الدستوري المغربي لعبارة “تداول” الواردة في الفصلين 49 و92 بالتصويت وبالتنفيذ، ومنه استنتج أن ما يرد في بيانات ديوان الأمانة العامة للحكومة من أن “المجلس الوزاري صادق” أو أن “مجلس الحكومة صادق” وهو ما تتناقله الصحف ومختلف وسائل الإعلام يظل الهدف منه هو مجرد نقل المعلومة ونشرها للعموم قصد التبسيط لكن، لا يمكن للباحث أو الأكاديمي استعماله فبالأحرى رجل القانون (من محامين وقضاة مختلف الدرجات وأعضاء المحكمة الدستورية)”.

وقدم يحي حلوي مثالا عرض فيه جزءا من حيثيات قراره المحكمة الدستورية رقم 97.19 الصادر في  5 شتنبر 2019 وهي تنظر في دستورية القانون التنظيمي رقم 26.16 المتعلق بتحديد مراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية وكيفيات إدماجها في مجال التعليم وفي مجالات الحياة العامة ذات الأولوية، وقال إنها “حددت في صلب قرارها هذا صيغة المادة 9 من هذا القانون التنظيمي على الشكل الآتي: تستعمل اللغة الأمازيغية إلى جانب اللغة العربية في إطار أشغال الجلسات العمومية للبرلمان وأجهزته، ويجب توفير الترجمة الفورية لهذه الأشغال من اللغة الأمازيغية وإليها. تحدد كيفيات تطبيق أحكام الفقرة السابقة بموجب النظامين الداخليين لمجلسي البرلمان.”، وبتت في دستوريتها”، لكنه أكد أن “الحال أن هذه المقتضيات التي نظرت فيها تتعلق بالصيغة التي عرضت على البرلمان بمجلسيه قصد التصويت عليها، وأن هذا الأخير صوت عليها بعد إدخال في متنها عبارة ‘عند الضرورة’ إذ موضحا أن “الهدف من إعطاء هذا المثال كدليل، أن المحكمة الدستورية وعلى غرار المجلس الدستوري المغربي ونظيره الفرنسي تتابع عن كتب مسلسل مشروع أي قانون تنظيمي بمجرد التداول فيه في مجلس الحكومة”.

واسترسل بأنه “منذ 4 يونيو 2019 تاريخ انعقاد المجلس الوزاري الذي على ضوئه لم تمرر المحكمة الدستورية القانون التنظيمي رقم 86.15 المتعلق بالدفع بعدم دستورية قانون إلى غاية 21 فبراير 2023 تاريخ صدور قرار المحكمة الدستورية رقم 207.23م.د، عرضت على المحكمة الدستورية ست (6) إحالات من رئيس الحكومة لست (6) قوانين تنظيمية (تقضي بالتغيير و/أو التتميم)،، مضيفا أنه “كانت لها إمكانية وهي تنظر في دستورية هذه القوانين التنظيمية، الإشارة في الشق المتعلق بالإجراءات والشكل إلى أن المجلس الوزاري قد تداول في مشاريعها ولم يكتف بالاستماع إلى العرض المقدم من أحد أعضاء الحكومة، وتعد هذه التقنية بمثابة “إشعار مسبق” منها للحكومة التي اكتفت بعرض مشروع القانون التنظيمي رقم 86.15 المتعلق بالدفع بعدم دستورية قانون، بواجب إعادة النظر في مسطرته قبل عرضه عليها أو حتى على البرلمان، ربحا للوقت، ومساهمة منها في الإسراع صدور القانون التنظيمي رقم 86.15 المتعلق بالدفع بعدم دستورية قانون، وحماية لها للحقوق والحريات التي يضمنها الدستور حيث ظل المتقاضي والمحامي والباحث متعطشا لممارستها على مستوى الدفع بعدم الدستورية”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News