سياسة

السكوري: انتقلنا بالحوار الاجتماعي من التشاور إلى اتخاذ القرار الملزم

السكوري: انتقلنا بالحوار الاجتماعي من التشاور إلى اتخاذ القرار الملزم

قال وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات، يونس السكوري، إن الحوار الاجتماعي اليوم أمام أهداف مختلفة عن الأجيال السابقة من الحوار، مفيدا أن الهدف الأساسي أن لا يكون الحوار عبارة عن منتدى للسياسات العمومية للتشاور عوض المفاوضة، لأن النقابات لديها حساسية من الأمر، مفيدا أن ما يجري هو الانتقال بالحوار من “حيز للتذاكر دون إلزام إلى ساحة لاتخاذ القرار الملزم”.

وتابع السكوري، خلال ندوة بمعرض الكتاب حول “الحوار الاجتماعي.. من أجل مقاربة متجددة لمفهوم الوساطة السياسية”، أن الحكومة ملتزمة بمخرجات الحوار الاجتماعي فيما يتعلق بقانون الإضراب ومدونة الشغل وإصلاح التقاعد وقانون النقابات والانتخابات، وغيرها من الإصلاحات الكبرى الملزمة، وذلك حتى يتم استقطاب التعبيرات من “مجتمع التعادلية” إلى “مجتمع النظام” عبر الحوار الاجتماعي.

وأشار إلى أن الطريقة التي تمت بها معالجة قانون الإضراب مثلا كانت “حتى لا يتم إقصاء التعبيرات غير المتخندقة ضمن اتجاه وإدخالها ساحة الحوار”، مضيفا أن جميع المؤشرات قبل سنتين كانت حمراء سواء تعلق الأمر بمنسوب الثقة أو المكتسبات، مضيفا أن الجواب كان عبر حوار اجتماعي منذ بداية الولاية الحكومية وحل معضلات كثيرة قد لا يبدو أن بينها علاقة.

ولفت المسؤول الحكومي إلى أن الحكومة شرعت، في إطار رؤية ملكية شاملة للدولة الاجتماعية، في استهداف الفئات الهشة عبر الدعم الاجتماعي المباشر، والحماية الاجتماعية، ودعم السكن، بالإضافة إلى دعم الطبقة الشغيلة، إضافة إلى دعم الطبقة المتوسطة.

مكسب مأسسة الحوار

السكوري أورد في مداخلته أنه في التجربة المغربية “حاولنا العمل على مأسسة الحوار الاجتماعي، بمعنى وجود انتظام ودورية غير شكلية بل تخلق إشكالا للحكومة وأرباب العمل والنقابات لأنها تفرض إعداد الملفات وتحيينها بحسب المستجدات”، موردا أن الحرب الروسية الأوكرانية وتأثيراتها مثلا فرضت طرح القدرة الشرائية بالحوار، متابعا أن المأسسة مكسب مهم لكن واجهته في البداية أزمة الثقة بسبب غياب الحوار خلال العشر سنوات السابقة.

ولفت إلى أن تحدي الثقة فرض ضخ مخرجات دقيقة ومكلفة ضمن الحوار الاجتماعي تُخاطب من سيستفيدون في آخر المطاف، وإلا سيظل الحوار بناء مؤسساتيا بيننا “لا يسمن ولا يُغني من جوع”، مستحضرا في هذا السياق ما تم ضخه خلال الحوارات القطعية من ميزانيات مهمة، مستحضرا احتجاجات النظام الأساسي بقطاع التعليم وكيف تم حلها، ثم الأمر نفسه في عدد من القطاعات وصولا إلى توقيع اتفاق 29 أبريل وما جاء به من زيادات غير مسبوقة وإجراءات فيما يتعلق بالضريبة على الدخل والحد الأدنى للأجور.

الحوار والتوافق الديمقراطي

ولفت السكوري إلى أن المغرب وصل إلى الإجماع السياسي على النظام والدستور والتوجه العام للبلاد، وجميع القوى مجمعة على المغرب كما نراه، ما يجعل العقبات المطروحة عند مجموعة من البلدان غير مطروحة عندنا.

الوضعية التي يوجد بها المغرب والتحديات التي أمامه، يضيف السكوري، “تجعلنا بحاجة إلى إرساء طبقة جديدة داخل البناء المؤسساتي، وتتعلق بالتوافق الديمقراطي، والذي يعني أن جانب من التنافس الممكن يمكن أن نتذاكر حوله أو نضعه جانبا بشكل جزئي في مرحلة تاريخية لأن الحديات التي أمامنا تتطلب أن نُقدم للمجتمع الذي انتظر طويلا”.

في السياق ذاته، يتابع السكوري أن جزء من التنافس الديمقراطي “ديمقراطي في صوريته بينما يمكن أن يكون عقيما في جوهره حول مواضيع محط إجماع دولي”، مفيدا أن المطلوب أكثر هو “الاشتغال والأداء لفائدة المجتمع أكثر من إعادة التشخيص بشكل غير متناهي، وهنا تبدأ الوساطة السياسية تأخذ معناها لتحقيق التوافق الديمقراطي حتى لا يكون هذا الأخير ضد الديمقراطية ب مُرسخا لها ويدعمها وليس تراجعا عنها”.

واسترسل الوزير أن هذه هي فكرة النموذج التنموي الذي يعد “مجهودا وطنيا استثنائيا لمجموعة من مكونات البلاد والذي يعطي بناء هو بمثابة ركيزة التوافق الديمقراطي، ذلك أنه يُحدد الأهدف الكبرى ويجعل النقاش منصبا حول طرق تحقيقها، مضيفا أن هذا التوافق يحل إشكالية كبيرة متعلقة بطبيعة المصلحة العامة، التي يمكن أن لا يكون هناك نوافق على تحديدها بين القوى السياسية”.

ويشدد الوزير أن الوساطة السياسية ضرورية لتدليل الصعاب والمرور من التوافق السياسي إلى التوافق الديمقراطي، مفيدا أن آلية الانتقال تجعلنا أمام مآزق أولها مرتبط بجودة التمثيلية، التي تسقط ببعض البلدان أمام إشكاليات مجتمعية، موضحا أن الديمقراطي الحقيقي لا يجب أن يكتفي بميكانيزمات التمثيلية ولكن يجب عليه الإنصات للتعبيرات المجتمعية والتي ليس بالضرورة تدخل ضمن ميكانيزمات الديمقراطية الصورية.

وأوضح أن المجتمع به ديناميتين، أولها دينامية “مجتمع النظام” التي تشتغل بها المؤسسات، ثم دينامية “مجتمع التعادلية” الذي يطمح إلى المساواة، مفيدا أن الحوار الاجتماعي يأتي كآلية لامتصاص نقص الفعالية والتغطية على إشكاليات التمثيلية للبناء السياسي لما قبل الحركات الاحتجاجية والتعبيرات المجتمعية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News