فن

لماذا تفشل الأجزاء الجديدة من المسلسلات في إقناع المغاربة؟

لماذا تفشل الأجزاء الجديدة من المسلسلات في إقناع المغاربة؟

تعيش بعض السلسلات زمناً مديداً على الشاشة الصغيرة وقد تصير جزءاً من الذاكرة الجمعية للمجتمع، بشكل أقرب مما حققته شخصية “كبور” التي اجتاحت الضمير الجمعي للمغاربة برأي ناقدين وكتاب، فيما يكون الجزء الثاني من سلسلات أخرى بمثابة شهادة وفاة للعمل وشخصياته.

وتصل أعمال مغربية اليوم لجزئها الخامس أو الثاني في رمضان أو خارج رمضان مثل مسلسل “سلمات أبو البنات” أو “لمكتوب”، لكنها لا تنجح جميعها في الاستمرار في الإمتاع والترفيه والإبداع في الأحداث وتقلباتها. فما الذي يجعل أعمالاً تتمتع بنفَسٍ أطول من أخرى؟

الجزء الثاني من لمكتوب: سقوط مبكر

بعد الضجة الكبيرة التي أحدثها الجزء الأول لمسلسل “لمكتوب” بسبب اختياره قصة “الشيخة” والمشاهدات التي حصدها، ظلت عين النقاد والمشاهدين على ما سيقدمه العمل في جزئه الثاني. غير أن هذا الموسم إلى حدود الساعة لم ينجح في إيجاد أحداث جديدة وسقط في فخ “السطحية” إلى جانب تراجع أداء أبطاله بحسب الناقد مصطفى الطالب.

وأكد الطالب في تصريح لجريدة “مدار21” أن إخفاق الجزء الثاني يعود بالأساس إلى عدم ارتكازه على قاعدة صلبة في ما يخص الكتابة والحوار والإخراج واختيار الديكورات وقوة التشخيص، والإدارة الفنية.

كما أن المسلسل يواجه أزمة حقيقية في المضامين، إذ يتعاطى مع مواضيع هامشية لا تهم المجتمع أو تمسه، ويناقش قضايا سطحية لا تعكس الواقع المغربي، يضيف الناقد مصطفى الطالب.

من جانبه، يرى الناقد عبد الكريم واكريم أن هذا الجزء يميل لتقليد المسلسلات التركية المعروفة التي تركز على تشابك العلاقات العاطفية بالخصوص مع عدم إيلاء أي أهمية للجانب الاجتماعي، ودون طموح درامي كبير.

والملاحظ أن الشخصيات في هذا المسلسل انقلبت بمئة وثمانين درجة دون التمهيد لتحولاتها النفسية والانفعالية دراميا بشكل جيد، وفق تصريح واكريم.

ولى زمن الأجزاء!

ولى زمن نجاح أجزاء المسلسلات الدرامية مع إسدال الستار على عدد من الأعمال الناجحة مثل “ليالي الحلمية” التي تفوقت لاعتمادها على “رواية” تحكمها كتابة دقيقة وتُحدد إطار الشخصيات والزمان والمكان والموضوع، وفق مصطفى الطالب.

وأكد الناقد أن الاستمرار في إنتاج موسم جديد يتطلب جهودا مضاعفة وتركيزا كبيرا في الكتابة التي ينبغي أن تغوص في عمق القضايا المعالجة، إضافة إلى الإخراج الذي يستوجب أن ينبني على رؤية فنية قوية ومختلفة، مع الابتعاد عن إضافة بهارات فنية تُفقد مصداقية المسلسل.

ويضيف المتحدث ذاته أن مواصلة رحلة أجزاء للقصة تتطلب أيضا رفع الإيقاع في الأداء واختيار ديكورات جيدة، فالنظرة النقدية للأعمال المطروحة تصب في كونها لا تستوفي شروط التفوق على المستويين التقني والفني.

مشاهدات غير حقيقية

في وقت تضج فيه مواقع التواصل الاجتماعي بالمؤاخذات على مسلسل لمكتوب وأعمال درامية أخرى معروضة على القنوات المحلية، تظهر أرقام قياس نسب المشاهدة أن هذه الأعمال تحظى في عمومها بإقبال وتحقق مشاهدات عالية.

ويفسر الناقد مصطفى الطالب هذه المفارقة بكون العمل أحدث ضجة خلال السنة الماضية، جعل المشاهد يبحث عن إشباع فضوله في الجزء الثاني.

وتلعب الدعايات التي تسبق شهر رمضان دورا مهما في ترسيخ المسلسلات المخصصة لهذا الشهر، لدى المشاهد ليجد نفسه مضطرا لمتابعة الحلقات الأولى، لا سيما وأن قانون السمعي البصري أصبح يعطي الأولية للمنتوج المغربي منذ سنة 2003 مع تحرير هذا القطاع، يضيف الطالب.

وتابع المتحدث ذاته أن مرد هذه النسب، اعتياد المغاربة على مشاهدة التلفزيون المغربي في وقت الإفطار، أي وقت الذروة، ما يفسر أن نسب المشاهدة تبقى نسبية وليست حقيقة.

بدوره، الناقد الفني عبد الإله الجوهري، يؤكد هذا الطرح في تصريح لجريدة “مدار21” بالقول إن ارتفاع نسب المشاهدة لا يعكس فعلا رغبات الجمهور، لأنها تعرض في وقت الذروة، فمعظم المغاربة يفتحون إحدى القناتين وقت الإفطار دون متابعتهما بالضرورة، زيادة على أن متابعة المتفرج للمادة التلفزيونية لا تعني أنه راض عنها.

سلامات أبو البنات: إخفاق في التشويق وسناريوهات مهلهلة

وإذا كان “لمكتوب” وصل إلى الجزء الثاني وأخفق في تطوير قصته، فهل نجح صناع مسلسل “سلمات أبو البنات” في تقديم الجزء الخامس؟

في نظر النقاد، لا يختلف هذا العمل المذكور عن “لمكتوب” كثيرا، إذ أخفق بدوره في الحفاظ على الوتيرة نفسها على مستويات الإيقاع والتشويق والعمق في مناقشة المواضيع المطروحة.

ويربط نقاد فشل هاته الأعمال بضعف السيناريو الذي يعتمد على كتابة آنية تنبني على نص الموضوع لتصبح قريبة من الإنشاء المدرسي، إضافة إلى أنها كتابة خالية من الحس الإنساني.

وهذا الإخفاق مرده لهفة شركة الإنتاج أو تنفيذه للربح، إذ تطغى على الأعمال القيمة المادية أكثر من أي قيمة فنية إبداعية أخرى، بحسب الباحث في المجال الفني محمد مجاهد.

وتشكل الكتابة السريعة التي تُسابق الزمن لكي تصل إلى النهاية في أقل من الوقت الكافي أزمة إبداع، نظرا للبحث عن مواضيع جاهزة، أو استنباط الكاتب أفكاره انطلاقا مما يشاهده من أعمال أخرى وهذا ينطبق على هاته الأعمال الدرامية المثقلة بأفكار ومشاهد غربية وتركية، وفق الباحث ذاته في تصريحه للجريدة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News