فن

أزمة “تكرار الوجوه نفسها” وتهميش الرواد” تتجدد في الموسم الرمضاني الجديد

أزمة “تكرار الوجوه نفسها” وتهميش الرواد” تتجدد في الموسم الرمضاني الجديد

عادت أزمة تكرار الوجوه نفسها في المسلسلات والسيتكومات المغربية المنتظر عرضها في شهر رمضان إلى الواجهة من جديد، بعد إزاحة الستار عنها والكشف عن ملامح أبطالها من خلال الترويح لها في القنوات التلفزيونة ومواقع التواصل الاجتماعي، إذ يلاحظ استقطاب الوجوه ذاتها من جديد.

وطفت على السطح أخيرا أيضا ظاهرة استقطاب مشاهير “السوشل ميديا” إلى شاشات التلفزيون وإسناد أدوار رئيسية لهم بمعايير اختلفت عن السابق، إذ لم يعد “التكوين” شرطا أساسيا ضمن سلسلة الشروط، إنما أعداد المتابعين على صفحاتهم أصبح معيارا كافيا، أو وجوه جديدة تتقاضى أجورا زهيدة، مما يساهم في تغييب شريحة واسعة من الفناين.

وفي هذا الإطار، قالت الممثلة المغربية منال الصديقي، التي استُبعدت عن شاشة التلفزيون في السنوات الأخيرة، إن مجموعة من المنتجين والمخرجين يرغبون في الاشتغال مع أصدقائهم، واستقطاب مشاهير “الانستغرام”، مردفة “أنا لست تابعة إلى أي “شلة” أو “كليكة”، ولا يهمني نفسي بقدر الفنانين الذين يعيلون أسرهم، والجمهور أيضا أصبح يعي ما يجري ويعبر في عدة مناسبات عن افتقاده إلى عدد كبير من الممثلين”.

وعن استقطاب مشاهير “الإنستغرام”، قالت الصديقي في تصريح لجريدة “مدار21” إن “موقع هؤلاء المشاهير في “الويب”، فالأستاذ مكانه الجامعة والسيناريست اختصاصه صياغة السيناريو، والطبيب موقعه المستشفى، فأنا مثلا لا يمكنني أن أكون جراحة أو أدرس في الجامعة”.

وتابعت الصديقي: “مع الأسف عالم الشهرة أصبح سورا قصيرا سواء في مجال الغناء أو التمثيل أو الرياضة أو الإعلام، إذ كل من يبحث عن الشهرة وعالم الأضواء يلج إليها”.

وشددت الصديقي، على أنها لا يمكنها أن تشتغل في مجال آخر بعيدا عن التمثيل لأنها درسته وتكونت فيه، وحصلت فيه على شهادة الإجازة في المسرح.

وما تزال قضية تهميش الرواد واستبعادهم من الأعمال التلفزيونة، تثير الكثير من الاستياء في الوسط الفني، ويترك فجوة لدى الجمهور الذي يتساءل باستمرار عن سبب غيابهم.

وفي هذا الصدد، تطرقت الممثلة المغربية أمال التمار تطرقت إلى “تهميش” رواد الفن و”استبعادهم” من الأعمال التلفزيونية في السنوات الأخيرة، على الرغم من عطاءاتهم الكثيرة وإسهاماتهم الغنية في مجالات المسرح والدراما والسينما، وحاجة الجمهور الذي يتعطش إلى مشاهدة أهرام الشاشة الصغيرة، في خطوة “تحجّم” من نجوميتهم، ولا تقدر مسارهم.

وقالت أمال التمار، في تصريح لجريدة “مدار21″، إنه “لا بد من رد الاعتبار إلى مجموعة من الفنانين الذين افتقدهم الجمهور وأصبح يتساءل عن غيابهم باستمرار، ويدعو إلى إشراكهم في الأعمال التلفزيونية”، مضيفة: “مع الأسف أصبحنا نجد تكرار الوجوه نفسها، وهذا الأمر يُسائل المنتجين، خاصة وأنه لدينا فنانون كبار أمثال محمد الخلفي، وعبد القادر مطاع، والشعيبية العذراوي، وصفية الزياني، ومليكة العماري، وعائشة ساجد”.

وتابعت التمار: “هؤلاء الفنانون الكبار أعطوا الكثير للفن المغربي، ولم نعد نشاهدهم في الأعمال التلفزيونية، علما أنه لا بد أن يكونوا حاضرين، ومن الضروري أن يعرف الجيل الجديد قيمة الرواد”.

وأكدت المتحدثة ذاتها أن الفنان قادر على تجسيد مختلف الشخصيات، وكل الفنانين يتمتعون بكفاءات عالية ومن حقهم الوجود في الصف الأول، لكن ينبغي منحهم فرصة المشاركة.

ويوضح الناقد الفني فؤاد زويرق، في هذا السياق، أنه ليس من الضروري أن يكون هناك ما يسمى بـ”الكليكة” أو “الشلة” في تكرار نفس الوجوه في الأعمال الفنية المغربية، فقد يكون الأمر صحيحا في بعض الحالات لكن ليس في معظمها، مردفا: “المصلحة هي التي تحكم في النهاية ما دمنا نتحدث عن الفنين الدرامي والسينمائي باعتبارهما صناعة يتحكم فيهما ميزان الربح والخسارة، وخصوصا الدراما في بلادنا. أنا هنا أتكلم في العموم وليس عن بعض الحالات الشاذة، فطبعا سنجد صديقة أو صديق فلان، أو زوجة علان لكنها تبقى حالات متفرقة في بعض الأعمال”.

ولفت المتحدث ذاته إلى أنه إذا أردنا أن نتحدث عن هذا الموضوع لا بد أن نفرق بين العمل الدرامي والسينمائي، مبرزا أن “الأعمال الدرامية في معظمها لديها موسم خاص بها يقام في شهر رمضان، حيث تصل ذروة المشاهدات إلى أقصاها، وهنا يعود اختيار الطاقم الفني إلى المنتجين أي القنوات التلفزيونية، وكذا للمعلنين حسب مصالحهم التجارية، فآخر شيء يُهتم به في هذه الأعمال الجانب الفني والإبداعي، واختيار الوجوه وتكرارها يخضع لهذا المنطق وخصوصا إذا كانت هذه الوجوه لها شعبية وحققت نجاحا جماهريا، إذ يتم استخدامها واستغلالها إلى أن تستهلك أو تختفي، وقد حدث هذا الأمر مرارا”.

وبالنسبة للمجال السينمائي، يقول زويرق إن الأمر يختلف نوعا ما، كون للمخرج مساحة حرة يستطيع من خلالها تنفيذ مشروعه واختياراته بكل أريحية بما يتناسق ورؤيته وقناعته، إذ يسعى في الأغلب هنا مادام هو المسؤول الأول والأخير عن فيلمه إلى النجاح الفني أولا، لهذا نجد أن أغلب الأفلام المغربية هي أفلام فنية مهرجاناتية أكثر منها تجارية، بما يتناسب وسياسة المركز السينمائي المغربي، باعتباره الجهة الوصية والداعمة للأفلام المغربية.

وواصل الناقد الفني في سياق حديثه عن الأعمال السينمائية قائلا: “يبقى للمخرج المغربي حرية التصرف واختيار مايراه مناسبا له، فهناك من المخرجين من يستعينون بطاقم فني كل أسمائه متواجدة على الساحة باعتبارها عناصر محترفة ومتمرسة لن تكلفه أي مجهود أثناء التصوير، حتى لو لم تكن صالحة للدور، وهذا استسهال يضر بطبيعة الحال بهذا المجال، وهناك البعض الآخر الذي اعتاد الاشتغال في أعماله مع أسماء بعينها وارتاح لها وتماهى مع عملها ومهنيتها، إلى درجة استحضارها من الأول في كتابة السيناريو، وأتكلم هنا بالخصوص عن أدوار البطولة، وهذا من حقه ما دامت ستخدم العمل ولن تؤثر عليه سلبا”.

وأضاف زويريق: “لابد أن نذكر أن هذا الأمر جاري به العمل عالميا وعربيا أيضا، فهناك مخرجون يكررون نفس الوجوه إذ يفضلون ممثلين بعينهم يرافقونهم طيلة مشوارهم الفني أو في معظمه، فنجد مثلا المخرج مارتن سكورسيزي واستعانته المتكررة بالنجم ليوناردو دي كابريو في ستة من أفلامه حققت نجاحا كبيرا، ونفس الشيء مع روبرت دي نيرو التي اشتغل معه في تسعة أفلام ومعه جو بيشي أيضا، كما نجد المخرج كوينتن تارانتينو الذي استعان في الكثير من أعماله بالنجم صامويل جاكسون والممثلة زوي بيل ومعهما أسماء أخرى، عربيا قد أضرب المثل بالمخرج المصري الراحل محمد خان الذي كان يحب الاشتغال مع النجم أحمد زكي حيث شاركه في ستة من أفلامه، رغم عدم توافقهما وعصبيتهما أثناء التصوير، لكن في الأخير هناك تغليب للجانب الفني على الجانب الشخصي، وهذا ما يجب أن يكون، هناك أيضا المخرج عاطف الطيب والمبدع نور الشريف اللذان اشتغلا معا في تسعة أفلام”.

واختتم زويريق حديثه للجريدة بالقول: “إذاً هناك الكثير من الأمثلة التي كرست نفس الوجوه في معظم أعمالها ونجحت، فتكرار نفس الوجوه لا يكون بالضرورة خاضع لمنطق الشللية، فالإستعانة بهذا الممثل أو ذاك فقط لأنه صديقي أو ينتمي إلى شلتي قد يُخسرني كمخرج الكثير، وهذا فخ لا ينبغي أن يسقط فيه المخرج الذكي”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News