تحقيقات | مجتمع

مختبر واحد لاحتياجات المغاربة.. الصيادلة يخرقون القانون بسبب فيتامين “سي”

مختبر واحد لاحتياجات المغاربة.. الصيادلة يخرقون القانون بسبب فيتامين “سي”

تشتكي صيدليات المملكة من استمرار النقص “الحاد” في الأدوية والعقاقير التي تدخل في علاج الحالات البسيطة والمتوسطة للمصابين بفيروس كورونا المستجد، على غرار عقاري “فيتامين سي” و”الزنك”، اللذين يستخدمان في البروتوكول العلاجي لـ”كوفيد-19″، وذلك بالتزامن مع ارتفاع عدد المصابين بالوباء في الفترة الأخيرة وتخطي المغرب سقف 10 آلاف حالة بصفة يومية مع ارتفاع عدد الوفيات والحالات الحرجة والخطيرة.

وكشفت جولة استطلاعية لـ”مدار21″، عبر عدد من الصيدليات بمدينتي الرباط وتمارة، ارتفاع الطلب على مختلف الفيتامينات والعقاقير المعتمدة في البروتوكول العلاجي للوباء، خاصة الوقائية منها، حيث ارتفع الطلب بشكل كبير، بحسب ما أكده الصيادلة في الآونة الأخيرة، على بعض المكملات الغذائية والفيتامينات المقوّية للمناعة، ما تسبب في خصاص كبير في هذه المادة وشحٍ حتى بالنسبة للأشخاص المصابين بالفيروس ومن هم في حاجة ماسة لهذه الفيتامينات وفق متطلبات البرتوكول العلاجي المعتمد في المملكة.

ووفق العاملين في ميدان الصيدلة، ممن تواصت معهم “مدار21″، فإن مخزون هذه الأدوية كان متوفرا بشكل عادي منذ أشهر، غير أن ارتفاع حالات الإصابة رفع من منسوب مخاوف المواطنين ودفعهم إلى التهافت على اقتناء هذه الأدوية، ما تسبب في نفاذها من صيدليات المملكة، مقابل انتعاش السوق السوداء التي تقوم على بيع نفس المواد المستوردة لكن بأثمنة أغلى ودون مراقبة أو تقنين من طرف وزارة الصحة.

تهاون الوزارة أوصلنا لهذه الحالة

وفي هذا الإطار، أكد الدكتور سعيد، أحد صيادلة مدينة تمارة لـ “مدار21″، على أن هذا النقص الحاد الذي تشهده صيدليات المملكة يرجع أساسا إلى “تهاون وزارة الصحة في التعامل مع حالة الطوارئ الاستثنائية التي تعيشها البلاد”، مشدّدا على أن “الوزارة الوصية على القطاع بالرغم من توقعاتها دخول المغرب في موجة ثالثة من الوباء إلا أنها لم تتحضر لوجيستيكيا وبشريا وكمنظومة صحية لهذه المرحلة الحرجة التي تعيشها البلاد”.

وأوضح المتحدث أن الوزارة “كانت تعي جيدا بأن المغاربة، وأمام ارتفاع الحالات، سيلجؤون مباشرة إلى الأدوية والعقاقير الوقائية كالفيتامين “سي” و”الزنك” وغيرهما، وبالتالي سيرتفع الطلب مقابل انخفاض العرض”، مضيفا: “الوزارة الوصية للأسف لم تتعلم من درس الأمس أو السنة الماضية عندما ارتفعت الحالات، وكنا قد حذرنا مرارا من نفاذ مخزون هذه المواد، واليوم يحدث نفس الأمر.”

الصيدلي سعيد، وفي حديثه لـ”مدار21″، حمل المسؤولية كاملة لوزارة آيت الطالب التي “تتهاون في التعامل مع الحالة الوبائية التي تعيشها البلاد، وتَعْمَدُ إلى الصمت وتجاهل تحذيرات المهنيين”، على حد تعبير الصيدلي الذي لفت إلى أن كل صيدلية تتوصل بعدد محدود من العقاقير “وهو الأمر الذي لم تحيّنه الوزارة بالرغم من ارتفاع الحالات، وبهذا يجد الصيادلة أنفسهم في حرج كبير أمام الزبناء والمرضى، خاصة عندما تتعاظم الحالات في الحي الواحد أو الأسرة الواحدة. كيف سيوفر الصيدلي علاج كوفيد للمرضى وهو عاجز عن إقناع الوزارة بضرورة توفير الإمدادات تناسبا مع الحالة الوبائية؟”

مختبران فقط ينتجان الفيتامين واحد منها في عطلة

من جانبه، أكد محمد حواشي، نائب رئيس الفيدرالية الوطنية لنقابات صيادلة المغرب، أن الكمية التي يحصلون عليها من بعض الأدوية التكميلية التي تدخل في علاج فيروس كورونا، بشكل أسبوعي من طرف المزودين الرئيسين للأدوية “شحيحة جدا وغير كافية لتلبية حاجات المواطنين، خاصة مع ارتفاع حالات الإصابة بشكل لافت”، مضيفا: “لا نفهم أيضا كيف أن المختبرات المصنّعة لـ”فيتامين سي” اتخذت قرارا يحدد الكمية التي تزوّد بها الصيدليات، وفق “كوطا” لا تتجاوز عشرين وحدة في الطلبية الواحدة دون أن ترفعه وفق الحالة الوبائية.”

وأوضح المتحدث في تصريحه لـ”مدار21″ أن نفاذ مخزون الفيتامينات في الأسواق راجع أيضا إلى أن هناك مختبرين فقط يقومان بتصنيع “فيتامين سي” في المملكة ويحظيان بترخيص الوزارة الوصية، ويتعلق الأمر بـ”لابروفان” و”جالينيكا”، اللذين يوفران مخزونا لجميع القطاعات، سواء المستشفيات العمومية أو العيادات الخاصة أو المختبرات أو الصيدليات أو وزارة الصحة، غير أن  هذا الأخير (أي جالينكا) في عطلة سنوية منذ نهاية شهر يوليوز، وبالتالي مختبر واحد (لابروفان) لا يسعه إمداد الجميع بحاجيات المغرب في هذه الفترة الحساسة.

ونبّه الدكتور حواشي إلى أن المهنيين الصيادلة اليوم باتوا يعتمدون على مصدر واحد هو “لابروفان” باعتباره الوحيد حاليا في المملكة الذي يزوّد ويموّل سوق الصيدلة بالدواء والعقاقير و”الفيلاكسين” أو “فيتامين سي”، وذلك طبعا وفق “الكوطا” نفسها، ووفق معايير تقنية غير معقولة لدى وحدات الإنتاج ذلك أنه لا يسعنا أن نطلب أكثر، حسب تعبيره.

الصيادلة يخرقون القانون: الوصفة مقابل الفيتامين

ولجأ صيادلة المغرب إلى “الاجتهاد” بحسب حواشي، الذي أكد أنهم باتوا يطلبون وصفة الطبيب مقابل اقتناء الفيتامين “سي”.

وحول مدى مشروعية هذا القرار قانونيا، خاصة وأن الفيتامين “سي” والعقاقير تدخل في إطار المكملات الغذائية، يقول الدكتور حواشي: “للأسف الوزارة لم تترك لنا حلا آخر غير خرق القانون، نحاول جاهدين من موقعنا مساعدة الناس، فنحن نطلب الوصفة على اعتبار أن الأولوية هي للمرضى المصابين بفيروس “كوفيد19″، ذلك أن العقار يدخل في علاجهم.”

وتابع المتحدث: “أما بالنسبة لمن يأخد الفيتامين كوقاية من الإصابة، فهؤلاء ننصحهم بالمواد الطبيعية، في الليمون أو الحامض أو غيرها من الفواكه والخضر التي تحتوي هذه المادة، لا نملك خيارا غير هذا لأن الظرفية لا تسمح، أو يكون المريض إذا توفرت إمكانياته أن يقتني عقار متعدد الفيتامينات ومكملات غذائية أخرى، لكن يكون ثمنها باهضا، فعوض أن يقتني بالعادة فيتامين سي بثمن لا يتجاوز 20 درهما، يكون مضطرا إلى اقتناء هذه الفيتامينات المستوردة بـ100 درهم أو أكثر، وهذا ليس في مقدور الجميع.”

الوزارة مطالبة بتقنين سوق المكملات الغذائية

وشدّد حواشي على أن “الصيادلة يحاولون بشتى الطرق ترشيد اقتناء المواطنين لهذه العقاقير ومساعدة المواطنين، غير أن الوزارة اليوم وأكثر من أي وقت مضى مطالبة بالتدخل العاجل لتقنين أثمنة العقاقير والأدوية والفيتامينات المستوردة، وتحديد العملية بما لا يضر الصناعة المحلية”، مضيفا: “يعترضنا أيضا من نصطلح عليهم بالشناقة، هؤلاء ممن يقتنون كمية من هذه العقاقير في الصيدليات ثم يعاودون بيعها بأثمنة مرتفعة عند الخصاص وهذا أمر مرعب.”

وحذّر الصيدلي أيضا وزارة الصحة من شركات توزيع المواد الصيدلية التكميلية، على اعتبار أنهم يقتنون ثم يبيعون بأثمنة مرتفعة للمواطنين، وهو ما يتطلب أيضا دخول الوزارة الوصية على الخط من أجل المراقبة عبر لجان بصفة دورية، خاصة وأن ربح الصيدليات يكون في حدود 30 بالمائة، لكن بالنسبة لهم هي تجارة مربحة فلا حدود للنسبة.”

وإلى حين تجاوز هذه الأزمة نصح حواشي المواطنين بتعويض هذا النقص الذي يعرفه الفيتامين سي، في الأسواق الصيدلية ببعض الأغذية التي تقوي المناعة.

الفيتامينات متوفرة في صيدلية المنزل

وفي هذا السياق، شدد البروفسور الأخصائي في علم الفيروسات، المصطفى الناجي، في حدثه لـ”مدار21″، على أن المواطنين اليوم وإلى جانب الإجراءات الاحترازية والوقائية من خطر الإصابة، وأمام النقص الحاد في الفيتامينات على مستوى الصيدليات، هم مطالبون فقط باللجوء إلى الصيدلية المنزلية، التي تكمن في اتباع نظام غذائي متوازن غني بالفيتامينات لتقوية الجهاز المناعي.

وأكد الأخصائي أنه يسع المواطنين البحث عن الفيتامينات في المواد الطبيعية، فمثلا الفيتامين “سي” يمكن الحصول عليه من الحوامض مثل البرتقال والكيوي والليمون والفراولة، كما يعتبر الفلفل الأحمر من الخضروات الغنية بالفيتامين “سي” أيضا.

وحول الفيتامينات التي تقوّي الجهاز المناعي، قال الناجي إن أبرز هذه الفيتامينات هي “أ” و”د”، ومصدرهما اللحوم الحمراء والبيضاء والسمك والحبوب الكاملة، مشيرا إلى أن الفيتامين “د” أصبح مؤخرا يوصف للمصابين بفيروس كورونا لما له من فوائد كبيرة من ناحية تحسين مناعة الجسم.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News