اقتصاد

هـل أظهرت هفوة “غوغل” حجم المفاجآت الممكن أن تصاحب التعويم الكامل للدرهم؟

هـل أظهرت هفوة “غوغل” حجم المفاجآت الممكن أن تصاحب التعويم الكامل للدرهم؟

تفاجأ المغاربة، الأربعاء، بانخفاض شديد في سعر الدرهم، بعد أن أصبحت قيمة الأورو تعادل 18 درهما على محركات البحث “غوغل”، وهو المستوى غير المسبوق، ما جعل عددا من رواد مواقع التواصل الاجتماعي يبدون تخوفاتهم من السيناريوهات التي قد ترافق التعويم الكامل لسعر الدرهم وربطه الكلي بالأورو والدولار.

وبالرغم من أن بنك المغرب خرج لتأكيد أن سعر صرف الأورو مقابل الدرهم يبلغ حوالي 11 درهم مقابل الأورو ليوم الأربعاء 18 يناير 2023، موضحا أن السعر المتداول بمواقع التواصل الاجتماعي الذي يظهر أن قيمة العملة الأوربية الموحدة الأورو تساوي ما يناهز 18 درهما، غير حقيقي بتاتا، إلا أن العديد من المتفاعلين أبدوا تخوفهم من أن هذه المفاجآت قد تصبح شائعة في حال التعويم الكامل للدرهم المغربي.

وكانت محركات البحث “غوغل” قد فاجأت المغاربة بحركة لتعويم الدرهم المغربي، جعلته يتجاوز 18 درهما مقابل كل من الدولار والأورو، في وقت لم يكن يتجاوز فيه الأورو 11.01 وفقا للمعطيات الرسمية لبنك المغرب، والشراء 10.99، ما جعل بنك المغرب يدخل على الخط للتأكيد بأن المصدر الوحيد الموثوق به للاستعلام حول أسعار صرف العملات الأجنبية مقابل الدرهم المغربي بالاضافة الى مواقع Bloomberg وRefinitive خلال ساعات افتتاح.

وحول ما إن كانت هذه الهفوة قد أظهرت حجم المفاجآت التي يمكن أن تصاحب التعويم الكامل بالمغرب، قال الخبير الاقتصادي والمالي زكرياء الكارتي، في “مدار21″، أنه “لا وجود لتعويم الدرهم بالمغرب وحتى السلطات المغربية لم تتحدث عن تعويم الدرهم، وإنما تحدثت عن توسيع هامش تحرك الدرهم في نطاق تذبذب بـ5 في المائة صعودا وهبوطا، والإجراءات التي يتم القيام بها في هذا السياق دائما ما تكون بشكل مدروس ومتدرج”.

التعويم مفهوم خاطئ

وأفاد الكارتي أن “مفهوم تعويم الدرهم مفهوم خاطئ ولم يتم الحديث عن أبدا في المغرب، بل تم الحديث عن توسيع نطاق التذبذب فقط، وتعويم الدرهم يعني أنه سيخضع مئة بالمئة لقانون العرض والطلب على العملة، وهذا هو الموجود في مجموعة من الدول الأخرى”.

وأشار الخبير الاقتصادي والمالي بأنه كانت هناك طلبات من أجل التعويم الإضافي للدرهم، لكن بنك المغرب رفض، والمغرب دولة لها سيادة وتتخذ الخطوات وفق أجندتها وليس وفق أجندات مؤسسات دولية.

وأفاد الخبير بأن ما حدث بخصوص قيمة الدرهم على محركات البحث “غوغل” ربما يتعلق الأمر بخلل ما أو هجوم معلوماتي، لكن تلك المعطيات لا علاقة لها بالحقيقة، وحتى لو كان هناك تخفيض قوي لقيمة عملة الدرهم ستكون هناك إرهاصات تسبقه، ومنها تراجع خطير في مدخرات العملة الصعبة بالمغرب”.

وتابعه الكارتي أنه على العكس من ذلك فإن احتياطات العملة الأجنبية لم يسبق أن كانت أعلى من المستوى الحالي، الذي هو الأعلى تاريخيا بالنسبة للمغرب، ذلك أن يصل إلى ما بين 320 و340 درهم، بينما لم يكن يتعدى خلال السنوات الماضية 250 مليار درهم”.

احتياطات العملة الصعبة مرتفعة بالمغرب

وأورد أن هذا المستوى الذي بلغته احتياطات العملة الأجنبية يعود إلى ثلاثة أسباب، أولها الارتفاع الكبير في صادرات الفوسفاط التي سوف تصل هذه السنة إلى أكثر من 110 مليار درهم، في مقابل أن المكتب الشريف للفوسفاط لا يتعدى 60 مليار درهم كرقم معاملات، ثم من جهة أخرى الارتفاع الكبير في تحويلات المغاربة المقيمين بالخارج التي تصل هي الأخرى إلى 100 مليار درهم، بالإضافة إلى تحسن صادرات عدد من القطاعات ومن بينها قطاع السيارات الذي سوف يصل هذه السنة إلى 80 مليار درهم”.

وأردف الخبير الاقتصادي والمالي أن كل هذه المعطيات بجعل الاحتياطات من العملة الأجنبية مرتفعة، وبالرغم من وجود ارتفاع في أسعار الواردات فيما يخص المحروقات وغيرها من المواد، لكن ليس هناك انهيار في احتياطي العملة الصعبة في المغرب، وبالمقابل هناك ارتفاع في العملة.

تقلبات غير ممكنة

وأشار الكارتي إلى مثل هذه التقلبات العنيفة في قيمة سعر الدرهم لا يمكن أن تقع إلا في حالة التعويم الكامل للدرهم، ولم يسبق للمغرب أن تحدث عن تعويم كامل، بل الرفع نطاق التذبذب إلى 5 في المئة صعودا وهبوطا، وقد يتم في المدى المتوسط رفع نطاق التذبذب إلى 7.5 في المئة، لكن التحرير الكامل لسعر الدرهم فهو غير موجود.

وقال الخبير أنه من غير الممكن أن تكون هناك تقلبات بهذا الشكل، وحتى لو كان في يوم من الأيام التحرير الكامل للدرهم، فسيكون وفق قانون العرض والطلب على العملة الأجنبية بالمغرب، وبما أن هذه العملة الأجنبية متوفرة بشكل جيد جدا في المغرب فلا يمكن أن يحدث حتى لو كان الدرهم محرر بالكامل.

رفض التحرير الإضافي للدرهم

وكان عبد اللطيف الجواهري، والي بنك المغرب، قد أكد أن المغرب رفض مقترحات من صندوق النقد الدولي للبدء في المرحلة الثانية من تعويم الدرهم، لأسباب مرتبطة بالاقتصاد وعدم استعداد الشركات المغربية حتى الآن لخطوة إضافية من التعويم.

وأضاف الجواهري، في حوار مع إحدى القنوات الدولية، أن “90 في المائة من الشركات في المغرب هي شركات صغيرة ومتوسطة، وبالتالي فهي غير جاهزة لتعويم الدرهم”، مؤكدا أن “دور البنك المركزي الرئيسي هو تشجيع الاستثمار ودعم النمو الاقتصادي”، وأن “الأزمات الحالية جعلت اقتصاد البلاد غير مستعد لخطوة التعويم الثانية”.

وشرع المغرب تحرير سعر صرف الدرهم سنة 2018 بعدما كان يعتمد نظام ثابتا، حيث يتحرك النظام اليوم في نطاق تذبذب بـ5 في المائة صعودا وهبوطا، ويدعو صندوق النقد الدولي إلى توسيع النطاق أكثر لكن المغرب يفضل تأجيل مثل هذه الخطوة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News