فن

بسبب نضالاتهم..فنانون يتهمون وزارة الثقافة بـ”الإقصاء” من الدعم والتظاهرات

بسبب نضالاتهم..فنانون يتهمون وزارة الثقافة بـ”الإقصاء” من الدعم والتظاهرات

يبدو أن القانون رقم (25.19) المتعلق بالمكتب المغربي لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة، والذي أثار جدلا واسعا في أوساط الهيئات النقابية المهنية، خلق أزمة و”صراعا” بين وزارة الثقافة والفنانين، إذ يزعم بعضهم أن جهات رسمية “تحارب” عدد من الفنانين النقابيين في الخفاء والمساهمة في “الحجر” عليهم، بسبب نضالهم في الساحة الفنية والتنديد بهذا القانون، حسب ما أكدت النقابة المهنية لحماية الفنان ودعمه، حيث إنها كشفت لجريدة “مدار21 “توصلها بمجموعة من الشكايات، التي تفيد باستبعادهم من التظاهرات الفنية الرسمية.

النضال يقابله “إقصاء ممنهج”

في هذا السياق، قال أيوب ترابي، رئيس النقابة المهنية لحماية الفنان ودعمه، إن مجموعة من الفنانين النقابيين الذين ناضلوا بشأن القانون رقم (25.19)، الخاص بالمكتب المغربي لحقوق المؤلفين، تعرضوا لـ”الإقصاء الممنهج” من طرف القطاع الوصي على المجال الفني، من خلال إبعادهم من جميع التظاهرات الفنية التي أقيمت، مشيرا إلى أنهم لا يعرفون من وراء ذلك، خاصة وأن هؤلاء الفنانين، كانوا دائما ما يشاركون في المهرجانات، وبمجرد خوضهم معركة نضالية تم “تهميشهم” وإبعادهم، حسب تعبيره.

وأكد ترابي، في تصريح لجريدة “مدار21” ، أن نقابته توصلت بشكايات عدة عبر الهاتف من قبل فنانين ونجوم داخل أرض الوطن وخارجه، يشتكون هذا “الإقصاء الممنهج”، سواء داخل التلفزة المغربية، التي أغلقت أبوابها بـ”تعليمات مجهولة”، أو من خلال المهرجانات المنظمة في المملكة.

سجل المتحدث نفسه أنه يتم اليوم محاربة الفنانين المعارضين للقانون المذكور، لأول مرة في تاريخ الفن المغربي وتاريخ النقابات الفنية، مشددا على أن القطاع الوصي أغلق أبوابه في وجه النقابات، ولم يتم التواصل أو الاجتماع مع رؤساء الهيئات النقابية، خصوصا تنسيقية النقابات الفنية التي تضم تسع نقابات فنية”، ومشيرا إلى أن ثقافة الحوار انعدمت مع القطاع وزارة الثقافة، لذلك لم يتم التوصل إلى حلول لقضايا تهم المجال الفني.

من جهته، قال الفنان سي مهدي، في تصريح لجريدة مدار21، إن غيابه عن التظاهرات الفنية “غير مفهوم”، خاصة وأنه أصدر العديد من الأعمال خلال السنة الجارية، وشارك أيضا في أول حف نظمته وزارة الشباب والثقافة والتواصل، في شهر مارس الماضي، بمسرح محمد الخامس، مستغربا “استبعاده” من عدة مهرجانات، بالإضافة إلى عدم حصوله على الدعم الذي يخصص للفنانين.

اتهام مسؤول “مجهول” 

وكان الفنان عصام كمال، رئيس نقابة الكتاب والملحنين المستقلين المغاربة (SACIM)، قد اتهم مسؤولا”مجهولا” بوزارة الشباب والثقافة والتواصل، التي يرأسها محمد المهدي بنسعيد، بالوقوف وراء منع حفلات كان مبرمجا إقامتها بالمغرب مرجعا السبب لترافعه عن قضايا الفنان، ما دفع مسعود بوحسين، رئيس النقابة الوطنية لمهنيي الفنون الدرامية، للتضامن معه والمطالبة بفتح تحقيق في الموضوع.

وأعلن الفنان عصام كمال، وهو مغني وكاتب كلمات وملحن وموزع وعازف مغربي، عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، أنه تلقى مؤخرا دعوات من مجموعة من المهرجانات الموسيقية الممولة أو المدعمة من طرف وزارة الثقافة المغربية، مضيفا أنه “بعدما تم الاتفاق مع مدير أعمالي على كل التفاصيل، قمنا بالاستعداد رفقة فريق عملي لملاقاة جمهوري الحبيب بعد أكثر من سنتين من الجمود الثقافي بالبلاد. فإذا بنا نتلقى اتصالات من طرف المنظمين لإلغاء الحفلات بعد تدخل مسؤول مجهول بقطاع الثقافة”.

وتابع عصام كمال، العضو المؤسس لفرقة مازاغان المغربية، “هكذا تم إبعادي من مجموعة من التظاهرات الفنية هذه السنة بأمر من مسؤول مجهول بقطاع الثقافة بحجة أنني أزعج البعض عندما أترافع عن قضايا الفنان وخصوصا قضية حقوق التأليف والحقوق المجاورة”.

وتساءل كمال “من هو هذا المسؤول المجهول؟ وهل تدخل محاربة الفنانين المغاربة الموشحين من طرف صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله ضمن اختصاصاته؟ هل نحن فعلا بمملكة صاحب الجلالة راعي الفن والفنانين؟ هل نحن فعلا بالمغرب العريق الذي يخطو خطوات عملاقة نحو المستقبل أم نحن على كوكب آخر، كوكب يتصرف فيه المسؤول الثقافي كدكتاتور شيوعي؟”.

واعتبر كمال بصفته رئيسا لنقابة الكتاب والملحنين المستقلين المغاربة (SACIM)، هذه الواقعة “سابقة خطيرة وتعسفا ممنهجا على حقوق دستورية أساسية: حق الشغل، حق التعبير وإبداء الرأي، حق العمل النقابي والدفاع عن حقوق الفنانين المشروع”.

وأفاد مصدر مطلع لجريدة مدار21، بأن عصام كمال تلقى اتصالا من طرف الوزارة مباشرة بعد تداول التدوينة التي نشرها عبر صفحتها الخاصة، وأوضحت له موقفها من الأمر.

قانون لا يساير الفنانين

وبخصوص قانون 25.19 المتعلق بالمكتب المغربي لحقوق المؤلفين، الذي أحدث ضجة في الأوساط المهنية في الأشهر الماضية، أوضح ترابي بصفته رئيس هيئة نقابية فنية، استمرار  رفضهم التام لتمرير هذا القانون لأنه “يتنافى” مع مصالح الفنان المبدع المغربي، إضافة إلى كونه نسخة من قانون يعود لدولة مجاورة، علما أن تلك الدولة رفضت بدورها تلك النسخة التي خضعت لتعديلات، مؤكدا أن هذا القانون يضم عدة “خروقات” ولا يساير مقتضيات الدستور.

وشدد المتحدث ذاته، في تصريحه للجريدة، قائلا: “حاولنا بكل الطرق التوصل إلى حل من خلال حضور يوم دراسي بقبة البرلمان رفقة فريق المعارضة قصد التداول حول اقتراحات بديلة، إلى جانب مراسلتنا لوزير التواصل والثقافة والشباب بصفة مباشرة، وكذلك رئيس الحكومة المغربية، لكن لم نتوصل بأي إجابة رسمية، ليتم المصادقة عليه دون أي تعديل في نهاية المطاف”.

وواصل ترابي انتقاده للقانون، معتبرا إياه لا “يتماشى” مع المعايير الدولية، لأنه يفرض على المكتب أن يصبح عموميا، غير أنه في المعايير الدولية، فإنه ينبغي لهذا المكتب أن يكون مستقلا، مضيفا أنه بمجرد أن يصبح المكتب عموميا، ويقوم الوزير بالتعيينات سيصير مسيسا”.

وأشار النقابي ذاته، إلى أن هذا القانون خلق أزمة بين الوزارة الوصية والفنانين والهيئات النقابية قبل تطبيقه، من خلال عدم التواصل والإجابة عن المراسلات التي الموجهة إليها، ناهيك عن “إقصاء” مجموعة من الفنانين المناضلين من المهرجانات الوطنية التابعة لوزارة الثقافة، و”إقصاء” آخرين من الدعم الذي تخصصه الوزارة سنويا، لافتا إلى أن وزير الثقافة الحالي فشل في إشراك الفنانين والمبدعين المغاربة والمهنيين المعنيين ذوي الحقوق في تنزيل هذا القانون.

الأمر ذاته يؤكده سي مهدي، الذي يرأس النقابة الفنية للحقوق المجاورة، في تصريحه للجريدة، حيث أفاد بأن نقابته  قدمت اقترحات للوزارة والبرلمان بشأن هذا القانون المثير للجدل، إلى جانب عدد من النقابات، لكنها، غي نظره، لم تؤخذ بعين الاعتبار، إذ تم تمرير النسخة القديمة لسنة 2019، التي تخالف مقتضيات الدستور، ولا تتسم بالدمقراطية، مشيرا إلى أنه لن يجد فعاليته حين تطبيقه، كونه لا يساير متطلبات الفنانين.

تضييق على الحريات

بعد تداول تدوينة الفنان عصام كمال عبر مواقع التواصل الاجتماعي، عبر الفنان مسعود بوحسين، رئيس النقابة الوطنية لمهنيي الفنون الدرامية، عن تصامنه مع الفنان عصام كمال إثر المنع الذي تعرض له، مطالبا بفتح تحقيق في الموضوع، مشيرا إلى أنه “لو لم يكن إلغاء برمجة الفنان في آخر لحظة ولمرات عديدة كما جاء في تدوينته، لكان للمأزق مخرج، قد يكون أن أسلوبه الغنائي لا يتوافق مع الخط الفني لهذا الحفل أو ذاك. ولكن بما أن الإلغاء تكرر ولمرات عديدة وفي مناسبات تتماشى وأسلوب الفنان وطبيعة جمهوره ودرجة شهرته، فالأمر فيه إنّ”.

وأضاف بوحسين أن “الموضوع لا يتعلق فقط بتكافؤ الفرص وحق الشغل، بل في الموضوع شبهة تضييق على الحريات. حريات وليست حرية واحدة: حرية التعبير وحرية الإبداع والحريات النقابية”.

وأورد بوحسين أن عصام كمال اختار أن “يدافع عن حقوق الفنانين وفق ما يضمنه دستور المملكة عبر عمله النقابي. وليس من حق أي كان أن “يعاقبه لمواقفه”، مشيرا إلى أن “هذا مبدأ حقوقي لا ينبغي أن يكون ضحيته أي فنان سواء كان نقيبا أو لم يكن. وما دام الأمر يتعلق بمال عمومي فمن الخطير أن يكون هناك حجر على حريات الفنان بتوظيف مال عمومي لإقصاء فنانين، كما من المرعب أن يوظف حتى بالعكس: مجازاة فنانين ونقابيين اختاروا الاصطفاف”، يضيف بوحسين.

وأفاد نقيب مهنيي الفنون الدرامية أنه “هكذا يميع الفن ويميع العمل النقابي وينقسم المشهد الفني إلى فريق الموالاة وفريق المعارضة والنقابات الفنية إلى نقابات موالية ونقابات مارقة”، مضيفا أن النقابات كانت على حق لما ناضلت من أجل استقلالية المكتب المغربي لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة، مشيرا إلى أن هذا النضال هو سبب “العقوبة المحتمل”.

وأردف بوحسين أنه “لم نبخس دور السياسة ولم نزدر أدوار الدولة. على العكس من ذلك. ولكن فقط لتجنب توظيف مجال للتعبير والابداع لأهداف سياسوية ضيقة. هذا رغم أن في المجال الفني كغيره مسيسون ومحزبون وبرلمانيون”.

وتابع المتحدث نفسه، أن “الدولة من خلال الحكومة لها كامل الصلاحيات أن تشرف على قطاع الثقافة شأنه شأن بقية القطاعات. لكن عبر قوانين ومساطر ولجن لا تترك مجالا للعبث. الحكومة تؤطر وتدعم وتقنن عبر مؤسسات وقوانين وأجهزة ملائمة لمجال لا يشكل فضاء للشغل فقط، بل فضاء للتعبير. وهو بهذا يحتاج سياسة لا مجال فيها للمزاجية”.

وزارة الثقافة توضح

وتفاعلا مع هذا الأمر، أكد مصدر من وزارة الشباب والثقافة والتواصل، أن هذه الأخيرة لا تهدف إلى إقصاء أي فنان من التظاهرات الفنية المبرمجة، لأن هذه المشاركات لا تدخل في إطار دعم، أو تقديم ترشيحات كي يتم إبعاد أي فنان.

وبخصوص الدعم، كشف المصدر ذاته، في تصريح لجريدة مدار21 ، أنه يخضع لمعايير وضوابط، وتختص في منحه لجنة دعم الموسيقى المغربية بناء على المشاريع الفنية المقدمة،  مشددا على أنه اتسم هذه السنة بشفافية عالية، بتعليمات من الوزير.

وأشار المصدر نفسه، إلى أن الوزارة مستمرة في تنشيط قطاع الثقافة في المغرب، من خلال تنظيم عدد من التظاهرات الفنية، بإشراك جميع الفنانين المغاربة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News