مجتمع

تسمّمات غذائية بالجملة.. السلطات تسحب بساط المراقبة من “أونسا”

تسمّمات غذائية بالجملة.. السلطات تسحب بساط المراقبة من “أونسا”

شهدت الأسابيع الماضية توالي حالات التسمم الغذائي في المملكة بشكل مريب تزامنا وارتفاع درجات الحرارة وفصل الصيف والعطل، الذي يشهد إقبالا مكثّفا على المطاعم والفنادق ومحلات الوجبات الخفيفة، وهو ما يطرح علامات استفهام كثيرة حول مراقبة المطاعم الجماعية، وحماية المستهلك المغربي من التجاوزات التي تهدد سلامته الصحية.

وسجلت منطقة تطوان، خلال الأيام الأخيرة حالات تسمم معوي في صفوف أشخاص من أعمار مختلفة، غالبيتهم لا يعرفون مصدر ما أصابهم، حيث تختلف الأعراض وحدتها بين أفراد الأسرة الواحدة.

وفي وقت تجهل الأسباب الحقيقية لحالات التسمم المتزايد التي جرى تسجيلها في المنطقة، أكد مصدر طبي ليومية “الأحداث المغربية”، تزايد أعداد الوافدين على المستشفيات هاته الأيام بسبب تسممات معوية، محذرا من إمكانية تفاقم بعض الحالات، خاصة بالنسبة من لديهم مناعة ضعيفة، مبرزا أنه لا يجب التهاون عندما تستمر حرارة الجسم في الارتفاع مصحوبة بآلام في البطن.

وأوضح المصدر الطبي، أن الفترة الصيفية تعرف انتشارا لمثل هاته الحالات لعدة أسباب، وأن بكتيريا السلمونيا تتنامى بشكل كبير خلال فترات الحرارة، وتنتقل أحيانا عبر العدوى، ما يستدعي أخد الحيطة والحذر.

ولا تُعد واقعة تطوان، الأولى من نوعها، فقد أصيبت أكثر من 300 شخص نهاية شهر يوليوز الماضي، بتسمم غذائي في أحد أكبر فنادق السعيدية الفاخرة، عقب تناولهم وجبة العشاء.

وأكدت مصادر من عين المكان لـ”مدار21″، أن مطبخ الفندق، المصنف، تسبّب في إصابة نزلائه بالتسمم الغذائي، حيث عانوا من أعراض “الحرارة” و”الإسهال”، مشددة على أنه لولا التدخل السريع للأطقم الطبية لوقعت كارثة، حيث عاشت مدينة السعيدية تلك الليلة حالة استنفار قصوى عقب هذه الواقعة، إذ تم إغلاق مطاعم الفندق المعني ومصادرة الأكل الموجود فيه.

المجالس تسحب بساط المسؤولية من “أونسا”

وتكرُّر حالات الإصابة بالتسمم الغذائي، يضع الرقابة الصحية على المطاعم ومحلات بيع اللحوم والحلويات والألبان وغيرها من الأطعمة، المخولة قانونيا للمكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية (أونسا)، في قفص الاتهام، خاصة وأن عشرات من المطاعم والفنادق، بما فيها المصنفة والتي يرتادها عشرات من المواطنين يوميا تفتقر للمعايير الصحية الموصى باعتمادها.

وبالرغم من كون القانون المؤطر، يمنح المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية (أونسا)، الترخيص أو الاعتماد الصحي لمؤسسات الصناعة الغذائية ويتتبعها في إطار برنامج التتبع والمراقبة، يؤكد بوعزة الخراطي، رئيس الجامعة الوطنية لحماية المستهلك، أن مجالس المدن سحبت بساط “الترخيص” من هذه المؤسسة ما دفعها إلى التخلي عن دورها الأساسي في المراقبة وبالتالي تعريض المواطنين لخطر الإصابة بالتسمم الغذائي والمعوي.

وسجّل الخراطي، في تصريح خص به “مدار21″، تزايدا متواترا في أعداد المطاعم والأكلات السريعة في المغرب، مشبّها إياه بـ”الفطر بعد المطر”.

وأوضح رئيس جمعية حماية المستهلك، أن الترخيص لهذه المطاعم والمؤسسات من اختصاص المجالس أو السلطات المحلية، التي تمنحها بناء على ثلاث عوامل وشروط رئيسية تتمثل في أن “يتوفر المحل على المواصفات الضرورية، أو يعطي الرشوة أو محاباة سياسية أو عائلية”، موردا في الآن ذاته، أن رئيس المجلس يحق له حصرا إعطاء الترخيص حتى لو رفض أعضاء اللجنة ذلك، وهذا بموجب قانون الجماعات المحلية الذي “وجب تغييره” على حد تعبير الخراطي.

الخراطي: مطاعم المغرب لا تخضع أبدا لمراقبة “أونسا”

وأكد المصدر ذاته، أن “أونسا”، لا تملك أحقية الترخيص للمحلات والمطاعم، “وبالتالي ما دامت لا ترخص فهي لا تعطي رأيها وترفض أن تقوم بمهام المراقبة، إذن المطاعم في المغرب لا تخضع لأي مراقبة بتاتا وهذا حيف في حق المستهلك المغربي”.

وشدّد المتحدث، في تصريحه لـ”مدار21″، على أنه مادامت “أونسا” قد حُرمت من الترخيص للمطاعم لصالح المجالس، فهي بالمقابل “لن تراقب” لأنه مبدئيا يجب أن تعطي رأيها وتراقب الماء والكهرباء والمعايير الصحية، ومدى خضوع العمال للمراقبة الصحية مرتين في السنة، وكذا تتبع آثار المواد قبل أن تمد المعنيين بترخيص من عدمه.

وأشار المتحدث إلى أن قانون 1977، يحتم على المصالح البيطرية المراقبة كون الرقابة آنذاك كانت ترخص صحيا في مصالحها التقنية، لكن اليوم هذه الاختصاصات باتت لدى المصالح الإدارية للمجالس وبالتالي أونسا لا يمكنها أن تراقب محلات لم ترخص لها.

وحاولت “مدار21″، التواصل مع “أونسا” للاستفسار حول هذه النقطة التي أثارها الخراطي، غير أن هواتف المسؤولين ظلت ترن بلاش مجيب.

هل تزور “أونسا” المطاعم؟

ويشارك المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية “أونسا” في أشغال اللجان المحلية المشتركة للمراقبة التي يترأسها الولاة والعمال بإبداء رأيه في حدود المهام المنوطة به.

وفي إطار المهام الموكلة إليه طبقا للقانون 28-07 والنصوص التطبيقية له، يمنح “أونسا” التراخيص والاعتمادات على مستوى المؤسسات والمقاولات العاملة في قطاع الصناعة الغذائية والأعلاف الحيوانية، وذلك لضمان منتجات سليمة يتم إنتاجها وفق شروط النظافة والسلامة الصحية.

إلى جانب ذلك، وفي إطار برنامج تتبع ومراقبة المقاولات والمنشآت الغذائية المرخصة أو المعتمدة، يقوم المكتب عبر مصالحه الخارجية بزيارات دورية لها للتأكد من مدى احترامها المعايير الصحية.

توصيات لتجنب التسمم الغذائي

ويرى الخراطي، أن تسجيل حالات عديدة من التسممات الغذائية في مختلف جهات ومناطق المملكة، تعطى له الأهمية في فصل الصيف بالنظر للتغيير الحاصل في العادات الاستهلاكية للمواطنين، تزامنا مع العطل التي تدفع الأسر لأخد وجباتها الغذائية في الشارع من خلال اللجوء إلى المطاعم المختلفة، سواء المصنفة أو العصرية أو التقليدية وما يعرف بـ”الفاست فود” أو مطاعم الأزقة للمأكولات الخفيفة.

وأرجع المصدر ذاته، الأسباب الرئيسية للتسمم للمواد الغذائية من أصل حيواني، سواء تلك التي تكون من مصدر بحري كالأسماك وفواكه البحر، أو الألبان، ومشتقات الحليب والقشدة وغيرها، أو من اللحوم البيضاء أو الحمراء، مشيرا في الآن ذاته، إلى أن التسممات الغذائية متنوعة ومزمنة وحادة تظهر أعراضها بعد انتهاء من الوجبة الغذائية فورا خاصة في المطاعم الآسيوية وأخرى تذهب إلى 72 ساعة.

وأوصت جمعية حماية حقوق المستهلك على لسان رئيسها، بأن يحرص المواطن على الحفاظ على فاتورة الأطعمة التي يتناولها، والتي تثبت العلاقة بينه وبين المطعم، مشيرا إلى أن “العلاقة التجارية ما يضبطها هو الإثبات عن طريق الفاتورة وهو إلزامي على التاجر المورد ليعطي الورقة للمستهلك، واذا لم يعطها فمن حق المستهلك أن يقدم شكواه لدى القيادة أو جمعيات حماية المستهلك وهذه الشكاية يُعاقب عليها، لأن تسليم الفاتورة ضروري للمستهلك”.

ولفت المتحدث، إلى أن المستهلك مطالب باعتماد “الوقاية أفضل من العلاج”، ويجب أن يحرص على ملاحظة هندام العمال، ونظافة المكان، ووجود مبرد يعمل بحيث أنه غالبا بعض التجار يفضلون عدم تشغيله اقتصادا للكهرباء.

وأوصى الخراطي المستهلكين، بضرورة القيام بزيارة لمرحاض المطاعم وأصحاب الوجبات السريعة التي يرتادونها وذلك قبل تقديم طلبهم، لأن المرحاض على حد تعبيره “مرآة لمطبخ المطعم، فإذا وجده نظيفا يجلس وإذا كان متعفنا نشدد على ضرورة أن يغادر المكان فورا”.

وشدّد الخراطي، على ضرورة أن يلتزم المستهلك عند اطلاعه على قائمة الطعام بتنويع وجبات الغذاء بمعنى أن “يطلب كل فرد وجبة مغايرة للآخر، لاحتمالية أن تكون وجبة من أصل اثنين أو أكثر مسممة، وبالتالي لا يُعرض أكثر من فرد نفسه للخطر وهذا يدخل في إطار الوقاية”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News