صحة

التوزيع غير العادل للقاحات جدري القرود يفجّر مخاوف من تجربة كورونا

التوزيع غير العادل للقاحات جدري القرود يفجّر مخاوف من تجربة كورونا

حذر مسؤولو الصحة العامة من أن تحركات الدول الغنية لشراء كميات كبيرة من اللقاح المضاد لجدري القرود، مع رفض مشاركة الجرعات مع أفريقيا، قد تترك ملايين الأشخاص غير محميين ضد نسخة أكثر خطورة من المرض وتنذر باستمرار تفشي الفيروس بين البشر.

ويخشى النقاد تكرار مشاكل عدم المساواة الكارثية التي ظهرت خلال تفشي فيروس كورونا، فبحسب الدكتورة بوغوما كابيسين تيتانجي من “جامعة إيموري”: “الأخطاء التي رأيناها أثناء كورونا تتكرر بالفعل”.

وفي وقت طلبت الدول الغنية ملايين اللقاحات للحد من تفشي جدرى القرود داخل حدودها، لم يعلن أي منها عن خطط لمشاركة الجرعات مع أفريقيا، حيث ينتشر شكل أكثر فتكاً من ذلك المنتشر في الغرب.

وحتى الساعة، سجلت أكثر من 22 ألف إصابة بمرض جدري القرود في حوالي 80 دولة منذ ماي، مع حوالي 75 حالة وفاة في أفريقيا، معظمها في نيجيريا والكونغو. وأبلغت البرازيل وإسبانيا يوم الجمعة عن وفيات مرتبطة بالمرض، وهي الأولى يتم الإبلاغ عنها خارج أفريقيا. وأبلغت إسبانيا بدورها عن ثاني حالة وفاة يوم السبت الماضي.

وقالت تيتانجي إن الدول الأفريقية التي تتعامل مع تفشي مرض جدري القرود لعقود هُمشت في المحادثات حول الاستجابة العالمية.

ورأى العلماء أن حملات التلقيح الجماعية ضد جدري القرود لن تكون ضرورية، خلافاً لتلك التي أطلقت خلال كورونا، معتقدين أن الاستخدام المستهدف للجرعات المتاحة، إلى جانب تدابير أخرى، يمكن أن يقضي على انتشار الأوبئة التي صنفتها “منظمة الصحة العالمية” مؤخراً على أنها حالة طوارئ صحية عالمية.

مع ذلك، فيما يبقى تفشي جدري القرود  محدوداً مقارنة بكورونا، يحذر الخبراء من أن انتشار المرض بين السكان في أوروبا وأميركا الشمالية، يزيد الحاجة إلى اللقاحات، لا سيما بعد توسع انتشار الفيروس في مناطق جديدة.

ودعت المراكز الأفريقية لمكافحة الأمراض والوقاية منها، يوم الخميس، إلى منح القارة الأولوية للقاحات، مشدداً على تهميشها مرة أخرى.

وقال أحمد أوغويل، المدير بالإنابة للمراكز: “إذا لم تكن أفريقيا آمنة، فلن تكون بقية العالم آمنة”.

مضاعفات خطيرة

ويعتقد الخبراء أنه قبل ظهور جدري القرود في أميركا الشمالية وأوروبا ربما نشأت في أفريقيا قبل وقت طويل من تفشي المرض عن طريق الجنس في إسبانيا وبلجيكا. واليوم، تسجل أوروبا أكثر من 70 في المئة من حالات جدري القرود في العالم و98 في المئة منها تظهر بين المثليين.

وحذرت كاثرين سمولوود، مسؤولة الطوارئ في “منظمة الصحة العالمية” في أوروبا، من أن جدري القرود قد يسبب مضاعفات خطيرة، منها التهاب الدماغ، مضيفة أن حوالي 8 في المئة من الإصابات المبلغ عنها تتطلب دخول المستشفى.

وتعمل “منظمة الصحة العالمية” على تطوير آلية لتقاسم اللقاحات بين البلدان المتضررة، لكنها أعلنت عن القليل من التفاصيل حول كيفية تحقيق ذلك. ولم تقدم المنظمة أي ضمانات بشأن منح الأولوية للدول الفقيرة في أفريقيا، مكتفية بالقول إن اللقاحات ستوزع وفقاً للحاجة.

ويشعر بعض الخبراء بالقلق من أن الآلية قد تكرر المشكلات التي ظهرت مع “كوفاكس”، التي أنشأتها المنظمة وشركاؤها عام 2020، لمحاولة ضمان حصول البلدان الفقيرة على لقاحات ضد كورونا.

وذكرت شارميلا شيتي، مستشارة اللقاحات في منظمة “أطباء بلا حدود”، أن مطالبة البلدان بمشاركة اللقاحات لن تكون كافية، وأنه كلما طالت مدة تفشي جدري القرود، كلما زاد خطر استهدافه المزيد من الأشخاص.

شركة دنماركية

وحالياً، يظهر منتج واحد فقط للقاح الأكثر تقدماً ضد جدري القرود، وهو شركة الأدوية الدنماركية البافارية الشمالية، التي بلغت طاقتها الإنتاجية هذا العام حوالي 30 مليون جرعة، مع توفر حوالي 16 مليون لقاح.

وفي ماي، طلبت الشركة من الولايات المتحدة التخلي عن أكثر من 215 ألف جرعة كان من المقرر أن تتلقاها استجابة للطلبات الدولية، فوافقت الولايات المتحدة على تلقي جرعاتها في وقت لاحق.

وامتنعت الشركة عن تحديد الدول التي تخصص لها جرعات، وقال بيل هول، المتحدث باسم قسم الخدمات الصحية والإنسانية، إن الولايات المتحدة لم تقدم أي وعود أخرى لمشاركة اللقاحات.

وطلبت الولايات المتحدة حتى الآن أكبر عدد من الجرعات، إذ حجزت 13 مليون جرعة، إلا أنها تلقت حوالي 1.4 مليون فقط.

وشدد سالم عبد الكريم، عالم أوبئة الأمراض المعدية في “جامعة كوازولو ناتال” في جنوب إفريقيا، على ضرورة شراء أفريقيا بعض اللقاحات إذا احتاجت إليها، ومنح الأولوية للتشخيص والمراقبة لتحديد من يجب أن يتلقاها.

ولفتت الدكتورة إنغريد كاتز، من “جامعة هارفارد”، إلى إمكانية السيطرة على جدري القرود إن وزعت اللقاحات المحدودة توزيعاً مناسباً، معتبرة أن تحول الفيروس إلى جائحة لا يزال ممكناً، إلا أن ذلك يتطلب التفكير في استراتيجيات الوقاية والسرعة في الاستجابة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News