رأي

المؤتمر العاشر لشباب البوليساريو.. يأس وإحباط

المؤتمر العاشر لشباب البوليساريو.. يأس وإحباط

افتُتح مساء يوم الجمعة 20 ماي 2022 المؤتمر العاشر لشبيبة الساقية الحمراء ووادي الذهب بمخيم بوجدور بتندوف، الذي “يتنافس” على رئاسته خمس “شبان”، الجامع بينهم هو أنهم خضعوا لتدريب عسكري، ولهم ولاء مطلق للنظام الجزائري، خاصة وأن منهم من تدرب على يد جنرالات الجزائر، منهم من درس في الجامعات الجزائرية التي تخصص مناهج خاصة للطلبة القادمين من مخيمات تندوف لشحنهم ضد كل ما هو مغربي ولخلق جيل من شباب المخيمات مشحون عاطفياً و نفسياً ضد المغرب لضمان الولاء التام و الكلي للنظام الجزائري.

مؤتمر شبيبة البوليساريو لمن تابع جلسته الافتتاحية، خاصة منها كلمة إبراهيم غالي، الذي لم يأتِ على ذكر الكفاح المسلح كجزء من عقيدة الجبهة، ولا أشار لما يسميه بالحرب في الصحراء، عكست ليس فقط أزمة قيادة الجبهة التي تتخبط منذ العملية الأمنية العسكرية التي قام بها الجيش المغربي في الكركرات وما تلاها من انتصارات دبلوماسية، بل عكست أيضا أزمة شباب المخيمات في الخطاب الذي وجهه إليهم، فغالبيتهم كان قد تم الدفع بهم للكركرات وعاشوا صدمة انهيار أطروحة المناطق المحررة، خاصة وأن الجبهة تخلت عنهم وهم يفرون من حيث كانوا قد أرادوا نصب الخيام.

كلمة إبراهيم غالي، التي لم يتم التفاعل معها داخل المخيمات بالشكل الذي كان يتصوره، في ظل الجو الذي أشرنا إليه، أُضيف إليها غياب وفود شبيبات كبريات الأحزاب الأوروبية، خاصة منها الاشتراكية واليسارية، وكذا منظمات المجتمع المدني، التي كانت عادة ما تحضر لهذه المناسبات لإعلان الدعم السياسي والمالي لشبيبة البوليساريو، وهو غياب ناتج بالأساس عن تغير الموقف الأوروبي من النزاع ومن تنظيم البوليساريو.. هذا التوجه الأوروبي الجديد أصبح، بقدر ما هو متوجس من الجزائر ومن تنظيم البوليساريو، أكثر وضوحا وداعماً لمبادرة الحكم الذاتي باعتبارها المبادرة الأكثر جدية وواقعية وصدقية لحل نزاع الصحراء، حيث بدأت تظهر تجلياته في مقاطعة أنشطة تنظيم البوليساريو.

بمتابعة هذا المؤتمر الذي غاب عنه التنافس الديمقراطي، وحضر فيه الولاء القبَلي والعسكري لتنظيم البوليساريو، يمكن الإشارة بوضوح إلى أن ما ظل ينبه إليه المغرب، وما سبق أن تم التأكيد عليه من طرف الأمم المتحدة، سواء في قرارات مجلس الأمن أو تقارير الأمناء العامين للأمم المتحدة، التي أكدت كلها على وجود حالة من الإحباط واليأس في صفوف عموم شباب المخيمات في ظل انسداد الأفق، سواء منه السياسي أو الإنساني نتيجة فشل قيادة البوليساريو في قيادة هذا التنظيم نحو إيجاد حل عادل وديمقراطي للنزاع على قاعدة مبادرة الحكم الذاتي بسبب حالة التحكم المباشر فيها من عسكر الجزائر وعدم قدرتهم على التحرر من قبضة الجنرالات.

حالة الإحباط واليأس هاته التي تعيشها المخيمات تخص شبابها من الشبان والشابات الذين وجدوا أنفسهم في ظل وضع لا هو بالحرب ولا هو بالسلم، وضع مأزوم يبعث على القلق خاصة مع انعدام إمكانيات الترفيه والحياة وكل ما يتطلبه الشباب للعيش الكريم، هي حالة حسب تقارير الأمم المتحدة تغذي الإرهاب والتطرف، وتجعل منهم لقمة سائغة أمام الحركات الإرهابية التي تتحرك بمحيط المخيمات وبتواطؤ من النظام الجزائري.

حالة اليأس هاته، لم تعد فقط باعثة على الإحباط المؤدي إلى استقطاب شباب المخيمات من لدن التنظيمات التكفيرية، بل تحولت إلى وقود الصراع الدائر بين تجار المخدرات الذين أصبحوا يسيطرون على المخيمات ويستغلون حالة الفوضى واليأس التي يوجد عليها الشباب هناك لتجنيدهم من هذه العصابات واستغلال تكوينهم المليشياتي، الذي تلقوه في معسكرات التدريب بالمخيمات في حربهم التي تشتعل في ما بين هذه العصابات التي يقودها أبناء قيادات المخيمات، وما الأحداث الأخيرة التي شهدها مخيم الداخلة والعيون سوى نموذج مُصغر لهذا الصراع، الذي يُستعمل فيه شباب المخيمات كوقود لها لاغتناء أبناء قيادات البوليساريو ممن يسيطرون على تجارة المخدرات.

اليأس الذي يعيشه شباب المخيمات تجلى في مغامرتهم بأرواحهم في سبيل ضمان لقمة العيش ولو أنها غير كريمة، حالات الاعتداءات المتكررة التي يتعرض لها المنقبون عن الذهب من الشباب في محيط المخيمات والذي تعرضوا تارة للحرق، وتارة للاستهداف بالقتل والإعدام خارج نطاق القانون، وللاستهداف بالرصاص سواء من طرف الجيش الجزائري أو ميليشيات البوليساريو، التي تطاردهم، يؤكد على كون هذه الفئة داخل المخيمات تعيش على وقع وضع إنساني وحقوقي واجتماعي خطير يهدد حياتهم ويمس بكل مقومات العيش الكريم، هذا إن عاشوا!!!

نحن أمام مؤتمر سيحضره المجندون قسرا من الشباب، في ظل غياب الشباب من المدنيين، خاصة منهم القاصرين، وأمام مؤتمر يمكن تسميته بكل التسميات غير مؤتمر شبابي، كما هو متعارف عليه في كل المؤتمرات الدولية التي يعقدها الشباب.

مؤتمر لن يكون إلا أداة من أدوات استغلال شباب المخيمات ودفعهم إلى المزيد من التخبط واليأس.

مؤتمر لن يكون إلا تكريسا للواقع الذي يعيشونه داخل المخيمات والذي دفعهم للانتحار الجماعي المعنوي والمادي، سواء عن طريق الارتماء في أحضان التنظيمات الإرهابية أو عصابات تجار المخدرات.

الأمم المتحدة، من خلال أجهزتها المعنية بحماية حقوق الإنسان، يجب أن تتحرك بشكل عاجل لوقف حالة الاعتداء المعنوي التي يتعرض لها شباب المخيمات والاستغلال السياسي والمليشياتي المستمر والمتكرر، الذي حان الوقت لإنهائه بالعمل على تفكيك المخيمات وتنزيل مبادرة الحكم الذاتي باعتبارها الحل الوحيد لطي هذا الملف.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News