مجتمع

تقرير برلماني ينتقد ضُعف تقييم برامج محو الأمية وتَعثُّر التنسيق مع الجمعيات

تقرير برلماني ينتقد ضُعف تقييم برامج محو الأمية وتَعثُّر التنسيق مع الجمعيات

نبه تقرير برلماني إلى غياب التقييمات الكافية لورش محو الأمية بالمغرب الذي انطلق قبل 25 سنة ما يحول دون استدامة نتائج برامجه وتحقيقه للأهداف المتوخاة منها، مشيراً إلى أن غياب تطوير آلية فعالة لإشراك جمعيات المجتمع المدني في تنفيذ هذه البرامج قد يضعف من استمراريتها وفعاليتها.

وأوضح تقرير مجموعة العمل الموضوعاتية بمجلس النواب، حول تقييم برامج محو الأمية بالمغرب، أنه بعد أزيد من 25 سنة على انطلاق ورش محاربة الأمية ببلادنا بتوجيهات ملكية، وعلى 11 سنة من إحداث الوكالة الوطنية لمحاربة الأمية لم تحظ برامج محاربة الأمية بتقييم كاف من طرف الجهات الفاعلة.

وأشار التقرير، الذي اطلعت عليه جريدة “مدار21” الإلكترونية، إلى أن تقييم البرامج تم في مناسبتين، الأولى عندما أنجز المجلس الأعلى للتعليم سنة 2009 دراسة أسماها بـ”دراسة استشرافية حول حالة برامج التربية غير النظامية ومحاربة الأمية”، بينما همت الثانية المجلس الأعلى للحسابات، في تقريره السنوي لسنة 2024 في محور تقييم البرامج والمشاريع العمومية.

وبخصوص العلاقة بين الجهات الرسمية وجمعيات المجتمع المدني، أوضح التقرير ذاته أن السياسة المتبعة من طرف الوكالة الوطنية لمحاربة الأمية، رغم نواياها في فرز الجمعيات الجادة، فإنها تُظهِر نوعا من الجمود في العلاقة مع الجمعيات، لافتاً إلى غياب التواصل الأفقي الفعال وتعويضه بأسلوب عمودي في التدبير، مما يؤدي إلى ضعف الثقة والتنسيق بين الطرفين، ويجعل مشاركة الجمعيات شكلية وغير مبنية على مقاربة تشاركية حقيقية.

وشدد معدو التقرير على أن الجمعيات تواجه صعوبات تنظيمية وزمنية متعددة، من أبرزها الجدولة غير الملائمة لتنفيذ البرامج، مؤكدين أن التأخر في الحصول على التراخيص والمقررات الدراسية لا يترك إلا حوالي ثلاثة أشهر فعلية من الزمن الدراسي، وهي فترة غير كافية لتحقيق الأهداف التربوية المنشودة، مما يعرض البرنامج لخطر الفشل وعدم الاستمرارية.

وفي الشق المادي، أوضح المصدر عينه أن المقابل المالي المقدم (350 درهم عن كل مستفيد) لا يتناسب مع حجم الجهد والمسؤولية الملقاة على عاتق الجمعيات، مبرزاً أن هذه الأخيرة تلزم بإعداد مشاريع متكاملة دون توفير الدعم التقني والإداري اللازم الأمر الذي يضعف من قدرتها على التخطيط والابتكار في تنفيذ البرامج.

وبخصوص الجانب البيداغوجي، انتقد التقرير اعتماد الوكالة على مقررات موحدة لا تراعي الخصوصيات الثقافية واللغوية لكل منطقة، مبرزاً أن هذا التوجه يضعف من قدرة المتعلمين على التفاعل مع المحتوى، ويقلل من فاعلية التعلم، وبالتالي من فرص الاستمرار في البرنامج وتحقيق نتائجه المرجوة.

وسجل التقرير أن بعض الجمعيات تتحول إلى فاعلين يوجهون اهتمامهم نحو تحقيق الربح عوض تحقيق الأثر التعليمي في غياب آليات رقابية فعالة ومواكبة بناءة، مبرزاً أن هذا التوجه يهدد جودة المحتوى، ويضعف من الإشراف، بل وقد يؤدي إلى توفير بيئة تعليمية غير ملائمة، تفرغ البرامج من أهدافها.

وتابع التقرير الذي تم تقديمه صباح الثلاثاء الماضي، بمجلس النواب، أن غياب تطوير آليات مرنة ودامجة لتأطير العلاقة بين مختلف الفاعلين، بما في ذلك دور المجتمع المدني، قد يؤدي إلى نتائج عكسية تتجلى في ضعف الجودة، وتراجع الفعالية، وانعدام الاستمرارية. ومن ثم، فإن تطوير هذه الآليات يعد ضرورة ملحة لضمان نجاحواستدامة برامج محو الأمية، وتحقيق الأثر التنموي المطلوب في المجتمعات المستفيدة.

ولفت المصدر عينه إلى أن استدامة برامج محاربة الأمية في المغرب تقوم على مقاربة شمولية تتقاطع فيها الأبعاد الاستراتيجية والمؤسساتية، مع التزامات وطنية ودولية واضحة، مشددا على أنه تم إيلاء أهمية كبرى للمرجعيات العليا، في مقدمتها التوجيهات الملكية التي اعتبرت التعلم مدى الحياة حقا إنسانيا أصيلا، ومحركا أساسيا للتنمية المستدامة، مع التركيز على تمكين المرأة وإدماج الفئات الهشة في النسيج الاجتماعي والاقتصادي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News