سياسة

البرلمان يشرع في مناقشة قانون يُنهي “فوضى” جمع وتوزيع التبرعات

البرلمان يشرع في مناقشة قانون يُنهي “فوضى” جمع وتوزيع التبرعات

تزامنا مع تفجّر قضية توقيف “الطبيب التازي” بسبب الاشتباه في تورّطه في “قضايا لها علاقة بجمع التبرعات”، شرع البرلمان في مناقشة مشروع قانون رقم 18.18 بتنظيم عمليات جمع التبرعات من العموم وتوزيع المساعدات لأغراض خيرية.

وقدّم وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت أمس الأربعاء مشروع القانون، الذي من شأنه إنهاء “فوضى” جمع وتوزيع التبرعات، أمام لجنة الداخلية والجماعات الترابية والبنيات الأساسية بمجلس المستشارين، وذلك بعدما أُحيل المشروع بالأسبقية على الغرفة الثانية للبرلمان، في سنة 2019، لكونه يكتسي صبغة اجتماعية.

ويأتي إعداد هذا النص التشريعي، في أعقاب الفاجعة الإنسانية، التي شهدتها قرية بضواحي إقليم الصويرة في المغرب أواخر سنة 2017، ونجمت عنها وفاة 15 امرأة بسبب التدافع الشديد على نيل حصتهن من الدقيق، وهو ما أعاد ملف معايير وشروط التبرعات الخيرية في المملكة إلى الواجهة.

ومع تواتر عدد من الأحداث والوقائع، آخرها قضية توقيف “الدكتور التازي”، وقبلها واقعة الطفل ريان، وظهور العديد من الأشخاص الذين يسترزقون ويجمعون تبرعات باسم الفقراء والمحتاجين، تجدد النقاش بالمغرب خلال الآونة الأخيرة، حول الإطار القانوني لجمع التبرعات والتماس الإحسان العمومي.

وينظم القانون المغربي عمليات التبرعات من طرف المواطنين أو الجمعيات، وتوزيع المساعدات على الناس لأغراض خيرية، ويضع شروطا لهذه التبرعات المالية والعينية، كما يحدد عقوبات زجرية لمن خالفها، أو أقدم على جمع التبرعات بدون سند قانوني.

وفي هذا الصدد، أكد الناطق الرسمي باسم الحكومة والوزير المنتدب المكلف بالعلاقات مع البرلمان مصطفى بايتاس على خلفية توقيف “الطبيب التازي” بسبب الاشتباه في تورّطه في قضايا لها “علاقة بجمع التبرعات”، أن الحكومة تدرس الآن “قانوناً”، يتعلّق بالاحسان العمومي.

وسجل بايتاس، في الندوة الصحفية التي أعقبت انعقاد المجلس الحكومي، يوم الخميس 7 أبريل الجاري، أن مشروع القانون 18.18، الذي تدرسه الحكومة “يحتوي على أجوبة، فيما يتعلّق بتنظيم جمع التبرعات”

وذكرالمسؤول الحكومي، أن هناك مجموعة من الأشخاص يـُتابعون قضائياً على الصعيد الوطني، في قضايا ترتبط بـ.”جمع التبرعات”، مشيرا إلى أنه يرفض التعليق عليها، نظرا لكونها “معروضة أمام القضاء

ويهدف مشروع القانون الذي صادقت عليه حكومة العثماني، في سنة 2018، إلى تنظيم عمليات جمع التبرعات من العموم وتوزيع المساعدات لأغراض خيرية، وذلك بغاية ضبط الإطار المنظم للعمليات الإحسانية، وملأ الفراغ القانوني الذي يعرفه هذا التقليد المتجذر للتكافل والتضامن عند المغاربة، وخاصة ما يتعلق بالنقص القانوني الحاصل في طرق جمع التبرعات وتوزيع المساعدات ومساهمتها في العمل التنموي، وكذا عدم مواكبة هذا الإطار للتطورات التكنولوجية، وعوزه في مجال قواعد الحكامة والشفافية واحترام القانون، وأحيانا عدم احترام أغراض المتبرع.

وينص مشروع القانون على إخضاع جميع عمليات جمع التبرعات من العموم لأحكام هذا القانون مع استثناء عمليات جمع التبرعات بالطرق التقليدية والعرفية، وتحديد شروط دعوة العموم إلى التبرع، وحصر الجهات التي تدعو إليه، وتحديد قواعد تنظيم عمليات جمع التبرعات وأوجه استخدامها، وشروط وقواعد توزيع المساعدات لأغراض خيرية؛ وعلى إلزامية إيداع الأموال المجموعة من التبرعات في حساب بنكي.

كما ينص مشروع القانون على إلزام الجهة المنظمة لعملية جمع التبرعات وتخصيصها، موافاة الإدارة بتقرير مفصل حول ذلك الفعل، وإخضاع جميع عمليات توزيع المساعدات لأغراض خيرية للتصريح المسبق لدى عامل العمالة أو الإقليم، المزمع توزيعها في دائرة نفوذها الترابي.

وأكد المشروع الحكومي الجديد،  منع دعوة العموم إلى التبرع لأهداف تجارية أو دعائية أو إشهارية أو انتخابية أو من أجل الترويج لمنتجات أو سلع أو خدمات أو بهدف أداء غرامات أو صوائر أو تعويضات صادرة بشأنها أحكام قضائية أو أداء ديون، وكذا تأهيل الإدارة عند الاقتضاء، لتنظيم عمليات جمع التبرعات من العموم وتوزيع المساعدات لفائدة ضحايا الحروب أو الكوارث أو في إطار التضامن الوطني أو الدولي وفق الإجراءات التي تحددها.

وحدَّد مشروع القانون عقوبة لكل من يقوم بعملية جمع التبرعات دون أن تكون له هذه الصفة في الغرامة من 50.000 درهم إلى 100.000 درهم، وفي حالة جمع التبرعات خلافا للأغراض التي حددها مشروع القانون، فإن العقوبة هي الغرامة من 10.000إلى 50.000 درهم.

وحصر مشروع القانون رقم 18.18 الأشخاص الذين لهم الحق في جمع التبرعات في الجمعيات المؤسسة بصفة قانونية؛ الأشخاص الذاتيون المتوفرة فيهم الشروط الواردة بعده، ونص المشروع أنه بالنسبة للجمعيات، لكي يُمنح لها الترخيص للقيام بدعوة العموم لجمع التبرعات يجب على الجمعية أن تكون جمعية مؤسَّسة بطريقة قانونية ومودعة ملفها لدى السلطة المحلية طبقا للتشريع الجاري به العمل، على أن لا يكون  قدر صدر في حق أحد أعضاء مكتبها المسير مقرر قضائي نهائي من أجل ارتكاب جنايات أو  جنح متعلقة بأمن الدولة أو  الارهاب أو  متعلقة بالأموال أو  التزوير أو  الرشوة أو  الاختلاس أو  تبديد المال العام ما لم يرد اعتباره.

ووفق ما نص مشروع القانون، يجب أن يكون الغرض من جمع التبرعات، محددا ويتعلق الأمر حصرا في تمويل أو إنجاز أنشطة أو برامج أو مشاريع ذات صبغة اجتماعية أو انسانية أو تضامنية أو خيرية أو ثقافية أو بيئية أو لأغراض البحث العلمي، أو بهدف تقديم مساعدة أو إعانة لفائدة شخص ذاتي أو أكثر في وضعية هشة أو احتياج أو في حالة استغاثة، أو لفائدة مؤسسة اجتماعية غير ربحية محدثة بصفة قانونية، سواء داخل المغرب أو خارجه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News