سياسة

غياب التأطير السياسي يُؤثِّر على تماسك مطالب “جيل Z” وضبط سقفها

غياب التأطير السياسي يُؤثِّر على تماسك مطالب “جيل Z” وضبط سقفها

منذ انطلاقها قبل 11 يوما، لم تستقر مطالب احتجاجات “جيل Z” على محاور واضحة وثابتة، فكلما نضج الاحتجاج وتوسعت دائرته، كلما تغيرت لائحة المطالب التي أخرجت فئة واسعة من الشباب للاحتجاج. ولقد انطلقت صرخة الشباب بإعلان تردي الخدمات الصحية والتعليمية واستشراء الفساد والمطالبة بإصلاحات حقيقية تضمن كرامة المواطن المغربي، قبل أن تتحول بعد أيام إلى دعوة لإسقاط الحكومة.

وأجمعت قراءات المحلليين السياسيين لهذه الاحتجاجات على أن من أهم سماتها غياب قيادة معلنة للمحتجين وتنظيم خرجاتها للشارع في فضاءات افتراضية ورقمية، ما يؤثر على تماسك الملف المطلبي وصيانته من التشتت وركوب أطراف خارج دائرة “جيل Z” عليها.

ولعل أبرز ما يزكي التأثير السلبي لغياب قيادة موحدة لحراك شباب “جيل Z” ومحاور مباشر للأطراف المعنية بالانتقادات، وعلى رأسها الحكومة، على فعالية الاحتجاجات، هو الارتباك الذي أعقب، قبل أيام، إعلان مجموعة “Genz212” على فيسبوك عن وثيقة تسطر مطالب المحتجين، قبل أن يتم التراجع عنها من طرف نفس الصفحة والقول بأنها وثيقة غير نهائية.

محمد شقير، محلل سياسي، قال إنه “يبدو أن حركة الاحتجاج الشبابي بعدة مدن بالمغرب، والتي انطلقت بدون تأطير سياسي وبدون أرضية مطلبية أو قيادة موحدة، قد أدت إلى نجاحها في الضغط على الحكومة لدفعها لطلب الحوار مع المحتجين”.

وتابع شقير، في تصريح لجريدة “مدار21” الإلكترونية، أن “غياب قيادة للاحتجاج أدى إلى تغيير المطالب التي رفعت في بداية الاحتجاج من تحسين قطاعي الصحة والتعليم ومحاربة الفساد إلى المطالبة بإقالة الحكومة تحت مبرر فشلها في تدبير هاذين القطاعين”، مبرزاً أن “هذا ما يثير التساؤل حول ما إذا كانت هذه الحركة يتم توظيفها من طرف جهات معارضة للحكومة”.

وأوضح شقير أن “غياب قيادة موحدة لا شك أنه يؤثر على تأطير مطالب الحركة ويضعف تحركاتها حيث ظهر ذلك من خلال دعوات الحكومة للحوار دون أن تلقى أي جواب”، مبرزاً أن “المحتجين يكتفون بالجواب أنهم ليسوا حركة سياسية فحتى الحركات الاجتماعية في مطالبها لابد أن تتوفر على إطار للحوار والتفاوض”.

وتوسل تحليل المصرح نفسه بالاحتجاجات التي قادتها تنسيقيات رجال التعليم أو تنسيقية طلبة الطب والصيدلة حيث عملت هذه الإطارات على التفاوض من أجل انتزاع المطالب، مشددا على أن “عدم تشكيل الحركة الاحتجاجية لقيادة خاصة يقود عملية إسماع المطالب والحوار مع ممثلي السلطة من وزراء وغيرهم”.

ولفت شقير إلى أن “أي حركة شعبية أو حراك شبابي لا يستطيع أن يخلق إطاره التنظيمي وتشكيل قيادة ناضجة سيتحول إلى إطار أجوف يتم توظيفه من مختلف الجهات ويسقط في سقف غير محدود من المطالب بشكل يؤدي في آخر المطاف إلى إفراغ الحركة من زخمها الشعبي”.

وسجل المهتم بالشأن السياسي أن “استغلال عدم ثقة الشباب في السياسيين وضعف التمرس السياسي سهَّل الانسياق وراء هذه المطالب ذات الطابع السياسي المخض”، مبرزاً أن “مطلب إسقاط الحكومة لا يتماشى مع المنطق الديمقراطي بحكم أنه لم يتبقى على ولايتها سوى سنة أخيرة وقد تم انتخابها بإرادة شعبية”.

وواصل المصدر عينه أن “هؤلاء الشباب لا يمثلون كل الهيأة الناخبة من أجل الضغط لتحقيق مطلب إسقاط الحكومة”، مشيراً إلى أن “الذهاب لانتخابات مبكرة سينجم عنه تأثير على تنظيم تظاهرات كروية إقليمية أو تأخير لاسثمارات أجنبية”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News