البعمري: رغم التطور التكنولوجي مطالب الشباب محصورة في الجيل الأول من الحقوق

قال نوفل البعمري، رئيس المنظمة المغربية لحقوق الإنسان، إن الاحتجاجات الأخيرة التي شهدها المغرب من طرف جيل “Z” لم تأتِ من فراغ، بل هي استمرار للتساؤلات المطروحة منذ وقت طويل حول مدى شعور المواطن المغربي، والشباب بشكل خاص، بتأثير السياسات العمومية على حياته اليومية، سواء في مجال التعليم أو الصحة أو الخدمات العامة.
وأوضح البعمري أن الجديد في هذه الاحتجاجات التي شهدها المغرب أواخر شتنبر الفارط، هو توسع مفهوم الولوج المستنير إلى مختلف القطاعات، ليصبح السؤال المطروح ليس فقط حول الاستفادة من الخدمات العمومية أو الاجتماعية، بل حول إمكانية الولوج إليها بشكل فعلي.
وأضاف الرئيس الجديد للمنظمة، خلال كلمة له في ندوة نظمها قطاع المحاماة لحزب التقدم والاشتراكية تحت عنوان:”احتجاجات الشباب: أية قراءات حقوقية وسياسية؟”، أن النقاش الذي كان دار مع وزير الصحة والحماية الاجتماعية، أمين التهراوي، حول دور حارس الأمن في أبواب المستشفيات يعكس واقعًا ملموسًا وصعوبات فعلية يصنعها التنظيم الإداري والبيروقراطية، مما يعيق المواطن عامة، والشباب خاصة، من الوصول إلى الخدمات العمومية.
وأشار البعمري إلى أن الشباب دائمًا ما شكّل وحدة غير متجانسة، وكان ذلك ينعكس على الاحتجاجات الاجتماعية والفئوية، مثل تلك المرتبطة بالتعليم أو بطالة الشباب (المعطلين)، لكنه أكد أن الاحتجاجات الحالية لجيل “Z” تمثل حالة استثنائية، إذ شارك فيها شباب من مختلف الفئات الاجتماعية، متحدين حول مطالب مشتركة ترتبط بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية، متجاوزين الانقسامات الطبقية المعتادة.
وذكر أن المفارقة في هذه الحركة هي أن الشباب يستخدمون تكنولوجيا متطورة للتنسيق والنقاش، في الوقت الذي ما زالوا يطالبون بالجيل الأول من الحقوق، وهو ما يعيد طرح السؤال حول فعلية السياسات العمومية منذ دستور 2011 في ضمان الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للمواطنين.
كما أشار البعمري إلى أن شرعية هذه الاحتجاجات ترتبط بقانون الحريات العامة، الذي ما زال متخلفًا عن روح دستور 2011، إذ لم تشمل تعديلات القانون الأخيرة سوى بعض الجوانب الجزئية، وما يزال القانون قيد الدراسة لدى الأمانة العامة للحكومة.
وأضاف رئيس المنظمة المغربية لحقوق الإنسان، خلال الندوة، أن هذا النقص يفتح المجال أمام السلطات العمومية لمنع أي وقفة أو تجمع أو تظاهرة، بغض النظر عن سلميتها، وهو ما أكدت عليه عدة منظمات مدنية طالبت أكثر من مرة بإخراج القانون لضمان الحقوق الأساسية للمواطنين.
وتساءل البعمري حول ما إذا كانت الإدارة العمومية، في تعاملها مع الحق الاحتجاجي، مطالبة اليوم بالالتزام بالاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب والدستور، أو تبقى حبيسة مواد قانونية قديمة تعود إلى سنة 1958، بما يضمن حماية الحقوق الفردية والجماعية للمواطنين ويعزز الثقة في المسارات الديمقراطية.