سياسة

خبير: غزو أوكرانيا خيار بعيد ولا ناقة للمغرب في هذا الصراع

خبير: غزو أوكرانيا خيار بعيد ولا ناقة للمغرب في هذا الصراع

يرى  أستاذ العلاقات الدولية بجامعة  القاضي عياض – مراكش، محمد نشطاوي، في حوار مع مدار 21، حول الأزمة الأوكرانية أنها استمرار للحرب الباردة بآليات أخرى وفي مناطق مختلفة.

ويعتبر أننا أمام صراع بل وبدون أيديولوجيات وإنما بمصالح متعددة، وتنافس قوي للتموقع على الساحة الدولية.

وبخصوص موقع المغرب من هذا الصراع الغربي -الروسي على أرض أوكرانيا يرى الأستاذ نشطاوي أن المغرب بعيد كل البعد عن هذا الصراع ولا ناقة له فيه.

دكتور نشطاوي بداية  ما قراءتكم  لسياق الأزمة  بين أوكرانيا و روسيا ؟

الأمر مرتبط بالصراع الأمريكي الروسي، إضافة إلى التغييرات التي تشهدها أوكرانيا منذ سنوات. ولطالما قاومت روسيا تحرك أوكرانيا نحو المؤسسات الأوروبية، ومطلبها الرئيسي هو عدم انضمامها إلى الناتو أو امتلاك بنية تحتية للناتو على أراضيها.

وهي مسألة تمثل خطاً أحمر  بالنسبة لروسيا التي تعتبر أوكرانيا جزءاً من دائرة نفوذها الطبيعي ومجالاً لأمنها القومي، بل إنها تعتبر أوكرانيا موطن نشأة الأمة الروسية، إضافة إلى وجود أقلية كبيرة من الأوكرانيين الروس في البلاد.

وتأتي التحركات الجديدة للقوات الروسية في المنطقة في الوقت الذي بات الكرملين يتبنى خطاً أكثر تشدداً تجاه أوكرانيا، وصعد المسؤولون الروس بمن فيهم بوتن نفسه من لغتهم تجاه كييف، حيث هاجموا علاقاتها مع الغرب وشككوا في سيادتها. ومن بين أسباب التوتر بين روسيا وأوكرانيا مصير خط أنابيب الغاز نورد ستريم 2 (السيل الشمالي 2) إلى ألمانيا، والذي تريد كييف وواشنطن إيقافه، لأنه سيحرم أوكرانيا من الإيرادات الأساسية للغاز الروسي.

حذر بوتين الغرب من تجاوز “الخطوط الحمراء” لروسيا بشأن أوكرانيا. وفي يوليوز من سنة 2021، نشر بوتين تقريرًا مطولًا على موقع الكرملين على الإنترنت، يشرح بالتفصيل تاريخ البلدين معًا ويصف قادة أوكرانيا الحاليين بأنهم يديرون “مشروعًا مناهضًا لروسيا”. وقال إن أولئك الذين سعوا إلى قلب أوكرانيا ضد روسيا، “بهذه الطريقة سوف يدمرون بلادهم”. تشعر روسيا بالإحباط لأن اتفاق مينسك للسلام لعام 2015 الذي يهدف إلى وقف الصراع في أوكرانيا لم يتحقق بعد. ولا توجد حتى الآن ترتيبات لإجراء انتخابات تتم مراقبتها بشكل مستقل في المناطق الانفصالية.

روسيا بحاجة إلى وسيلة جديدة لممارسة “الضغط على الغرب” والتهديد بشن حرب ضد أوكرانيا هو أحد السبل للقيام بذلك، لكن لا يمكن أن يكون هناك أي نشاط عسكري في منطقة دونباس قبل منتصف مايو بسبب طبيعة التضاريس، إذ من غير الممكن شن هجوم هناك قبل أن تجف السهوب (يؤدي ذوبان الجليد إلى تشبعها بالمياه).

وصول العلاقات الروسية الأمريكية لأسوأ مستوى لها منذ سنوات عقب وصول بايدن للسلطة ووصفه لبوتين بأنه قاتل، وتوجهه لتعزيز المواقف الأمريكية ضد روسيا.

مع مجيء بايدن أصبح لدى بوتين مزيد من الحوافز للعب بالورقة الأوكرانية خاصة بعد توعد أمريكا بالثأر من التدخل الروسي الأخير في انتخاباتها الرئاسية، وهو ما عزز مخاوف بوتين من محاولة الغرب فرض مزيد العقوبات على موسكو والتلاعب بورقة المعارضة الروسية الداخلية.

هل تعيدنا  هذه  الأزمة الى أجواء  مرحلة الحرب الباردة؟

إن خروج الاتحاد السوفياتي سابقا من سياق الحرب الباردة عبر تفتته، وضياع هيبته، لم يستسغها حتى الآن الشعب والقيادة الروسيتين. لكن عليها الخروج منها عبر مراحل رغم ضياع عدد من المناطق التي تأسست عليها جمهوريات اصبحت شيئا فشيئا تابعة للغرب ومنه إلى حلف الشمال الأطلسي.

ورغم تعهد الغرب بعدم ضم هذه الجمهوريات الى الحلف سنة 1990 أثناء ولاية الرئيس الروسي بوريس يلتسين، إلا ان الغرب سرعان ما شجعها على الانضمام، مما مكنه من الاقتراب شيئا فشيئا من حدود روسيا الجديدة، بل وباث يشكل تهديدا استراتيجيا لها في ظل نشره لصواريخ باليستية في عدد من هذه الجمهوريات مثل بولونيا، بل وحرض بعضها على التنكر لتاريخها ومصالحها المشتركة مع الاتحاد السوفياتي سابقا. ومن ثمة بدأت مظاهر العداء تكثر في عدد منها، وهنا يثير بوتين مسألة الاقليات الروسية في منطقة الدونباسك، والمضايقات التي يتعرض لها عدد من رجال الاعمال الموالين لروسيا، كما فرضت أوكرانيا مؤخراً قيود كبيرة على اللغة الروسية التي يتكلم بها نسبة كبيرة  من السكان خاصة في الشرق والجنوب (وإلى حد ما الشمال)، حيث يعتقد أنه في عام 2001 كان نحو 30% من السكان  أي حوالي ثمانية ملايين يتكلمون الروسية، كلغة أولى.

وهناك من يعتبر أن مرحلة الحرب الباردة لم تنته، وإنما خمدت لفترة حتى تستعيد روسيا عافيتها، وتقتنص فرص الضعف لدى الغرب عامة والولايات المتحدة خاصة، لتظهر قوتها وهو ما تم في سوريا عندما لم تتجرأ الادارة الأمريكية على مزاحمتها، او في الملف الليبي، وحاليا في مالي من خلال قوات فاغنر.

إذن الأزمة الاوكرانية هي استمرار للحرب الباردة بآليات أخرى وفي مناطق مختلفة، بل وبدون أيديولوجيات وانما مصالح متعددة، وتنافس قوي للتموقع على الساحة الدولية. إنا العالم حاليا يمر في مرحلة متعددة القطبية، حيث تتنافس القوى على أهداف مختلفة وأجندة متباينة، مما يزيد من خطر التوتر.

هل  توافق الرأي المتداول  إعلاميا و سياسيا  أن  العالم يتجه لحرب عالمية ثالثة   أم  أنه سيتم التوجه   لحل سلمي ؟

أظن بأن الحرب خيار بعيد، لأنه سيناريو غير مقبول من كل الأطراف، لكن التوترات بين روسيا والغرب بشأن أوكرانيا في ذروتها ، وتثير مخاوف من بدء نزاع مسلح حقيقي.

فبينما تظهر الولايات المتحدة خطابا قويا من خلال الوعد بالرد والدمار لروسيا في حالة وقوع هجوم. يأتي الطلب من فلاديمير بوتين ألا تنضم أوكرانيا إلى حلف الناتو أبدًا ، وأن لا ينصب الغربيون قواعد عسكرية في دول الاتحاد السوفيتي السابق.

في غضون ذلك ، فإن روسيا لا تتخلى عن الضغط، حيث أطلقت موسكو مناورات جديدة كرد قوي على قرار الولايات المتحدة إجلاء جميع العائلات من أوكرانيا ووضع 8500 رجل في حالة تأهب، ويمكن أن يعزز قوة الرد السريع التابعة للناتو في افق تشكيل جيش قوامه 40 ألف جندي.

إن الخطر كبير، لا سيما بسبب وجود هذا العدد الكبير من الجنود على أهبة الاستعداد للحرب. 100 ألف جندي روسي مقابل 125 ألف جندي أوكراني بالإضافة إلى الدعم الغربي.

إلا أن الحل الدبلوماسي لا يزال مفضلاً إلى حد كبير، خاصة من قبل الدول الأوروبية. وتريد الولايات المتحدة أيضًا ذلك المخرج حتى لا تفتح جبهة جديدة غير محسوبة العواقب، إذ ترغب في إبقاء دفة اهتماماتها منصبة على الصين.

هل يمكن  دكتور نشطاوي  تصور إصطفاف المغرب كفاعل في العلاقات الدولية  إلى جانب   طرف من أطراف الصراع في حالة  التدخل العسكري المباشر  ؟

المغرب لا ناقة له في هذه الحرب أو غيرها إنه صراع العمالقة، وكفانا مشاكلنا، بل حتى أوربا لا يعيرها بوتين أدنى اهتمام ويكفي ما لاقاه الرئيس الفرنسي ماكرون من سوء المعاملة، فما بالك بالمغرب.

لدينا ما يكفينا من مشاكل وتحديات، أبرزها الخروج من تبعات كورونا، والحد من موجة الغلاء وإصلاح ما تم إفساده من الحكومات السابقة. أما الغرب والشرق فلنا ديننا ولهم دينهم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News