ثقافة

“حكاية” كيليطو..عن لعنة “المثالب” والعيش في اللغة

“حكاية” كيليطو..عن لعنة “المثالب” والعيش في اللغة

في “والله إن هذهِ الحكاية لحكايتي” لعبد الفتاح كيليطو نفتح مصارع الكتابة النقدية في الأدب من خلال شخصية ناقدة وباحثة ومفتونة بمعنى الماضي في الحاضر. تستحيل الكتابة حياة كاملة من الانتصارات والهزائم، ظلال الحقائق الخافتة وحيرة أمام تمنّع اللغة عن الانتقال إلى لسان آخر.

أي حكاية هاته التي يقسم صاحبها أنها له؟ حكاية افتتان بالأدب. قصة باحث أفنى حياته في ملاحقة شواهد الأدب العربي القديم وقراءة جدران الواقع الاجتماعي والنفسي الذي تحكم في إنتاجه. ما تلاشى وانمحى واحترق وما بقي صامدا أمام تقلّب الرواة والمتون. رحلة بحث في التراث بقلب حي يتأثر برؤية شكلت ثقافة أجيال متلاحقة.

يلاحق حسن ميرو سيرة وكتابات أبو حيان التوحيدي الشهيرة والنادرة حتى يحار في كتاب يتبعه النحس ويهدد قارئه بلعنة ضاربة. يتعلق الأمر بكتاب “مثالب الوزيرين” الذي اكتشف ميرو هذه النقمة المخبأة في طياته. و”من اجل التخفيف من مخاوفه، أقدم حسن على تغيير موضوعه شيئا ما. لن يقوم بتحليل “المثالب” وإنما بالبت في الإشاعة التي تصاحبه فحسب”.

إنها حكاية القضايا الشائكة في  التراث، في المقابلة والمقارنة والتحليل والنقد والترجمة والاستشراق ومساءلة الاستشراق.  حكاية شخصية تدعونا لاستحضار مبتكرها باستمرار وهي تكبر بأزمنة فاتنة ومنعطفات تعاكس أفق انتظارنا بعالم يختلط فيه السحري بالواقعي، والسيرة الذهنية بألاعيب الرواية.

في “والله إن هذه لحكايتي” تتجاور حكايتان. حكاية الباحث والمبحوث عنه. حسن ميرو ابن الأزمنة الحديثة وحسن البصري ابن خيال “الليالي”. الأوّل اختطف جنيّة والثاني كأنما اختطف آدمية بحيل اللغة وبريق الغموض. واحد صائغ للذهب والثاني صائغ للكلمات.

نقترب من حالة حسن ميرو العاطفية بالاقتراب من شخصية من الماضي، تماما كما نقترب من فهم وجدان أمة بفهم نصوص تراثها. نقرأ الرواية في خمس مقامات. إنها أسلوب كيليطو وقدره. “نورا على السطح” و”أبو حيّان التوحيدي” و”قدر المفاتيح” و”هي أنتِ وليست أنتِ” و”خطأ القاضي ابن خلّكان”.

في و”الله إن هذه لحكايتي” نغوص في حكاية الباحث وبحثه، الحاضر والماضي، التاريخ وبقاياه، الأدب ونقده، الكتابة والقراءة، النص والتأويل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News