ثقافة

كيليطو :الأسلوب أن تظل حبيس طريقة في الكتابة

كيليطو :الأسلوب أن تظل حبيس طريقة في الكتابة

“في جو من الندم الفكري” يدخل الناقد الأدبي المغربي، عبد الفتاح كيليطو، في عتاب محيّر وشائق مع اختياراته في الكتابة والنقد والأدب. اختيارات ستشكل مسار كيليطو المتفرّد ولمسته الخاصة في تفكيك النصوص والكتابة بهذه اللغة أو تلك عن قضيةٍ أو غيرها. نُجاور في الكتاب تأملات كيليطو حول الأسلوب ولغة الكتابة وصراع النفوذ والعاطفة بين الفرنسية والعربية.

في الأسلوب مثلا، يتردّد الناقد الأدبي بين تقديم تأثره بالمقامات كميزة، وبين اعتبارها نتيجة “عجزه عن الاستفاضة في موضوع ما في فصول متراصة البناء”.

“ليست طريقتي في الكتابة من اختياري، ما هو شبه مؤكد أن ليس بمستطاعي أن أكتب بطريقة أخرى، ولعل هذا هو تعريف الأسلوب، أن تظل حبيس طريقة في الكتابة”، يقول كيليطو في كتابه الذي يحمل عنوانا يكثف معناه بشكل لامع :”في جو من الندم الفكري”.

وفي الحقيقة فصول كتابه هذا نفسه، الصادر عن منشورات المتوسط بميلانو (إيطاليا) من الحجم الصغير، تشبه المقامات أو الاستطرادات أو وقفات تأمل عميقة حول أفكار كتبت على الهامش وظلت تعتمل في صدر الأديب. في وقفة بعنوان “فن الخطأ”، يتأمل كيليطو القدر، معتبرا أنه”بشكل ما، القدر هو ما يتكرّر”.

في وقفات أو “مقامات” أخرى، يقدم كيليطو تصوراته لقضايا ظلت تتجاذبها أسئلة الجدوى والمعنى والامتداد مثل قراءة أدب القدماء ولغة الكتابة أيجدر أن تكون بالفرنسية عن الأدب العربي أو بالعربية متوسلة بآليات النقد الفرنسي، وتأثير كل ذلك في الناقد وفي إنتاجاته ووجدانه وصلاته مع لغة الانتماء.

“مثل كل التلاميذ التقيتُ بالأدب العربي في المدرسة”، يقول كيليطو، مضيفا “بمجرد أن تشرع في تعلم اللغة العربية تكون قد وضعت رجلا في حقل الأدب”.  ويرى أن “لكل مغاربي حكايته مع اللغة، مع اللغات، العربية، الفرنسية، الأمازيغية، حكاية يكون على استعداد لروايتها، تشكل خلفية ما يكتب، بحيث لا يمكن استقبال كتاباته إلا في إطارها”.

رغم استقلال فصول “في جو من الندّم الفكري” ك”مقامات”، فيبقى جو الندم ملمح المكاشفة فيها، وإن كان ندما فكريّا ينقل حيرة الاختيار للقارئ أكثر من إعلانه عن قطيعة.

في نص بعنوان “جيّد..هذا الأمر”، يبوح كيليطو بشعور لازمه بأنه “لن يضيف شيئا يذكر لما يكتبه الفرنسيون” كما أن “أدبهم لا يحتاجني”، مقابل شعور، “ساذج بلا شك”، بأن “الأدب العربي يحتاجني”.

هذه المشاعر يمكن أن تفسر بمعارك اللغات التي دوما ما وجد كيليطو نفسه مطالبا باتخاذ موقف منها. “وجدتُ نفسي دوما في خضم جدال بين اللغات، حرب شرسة، سجال مع الآخر ومع نفسي طبع مختلف كتاباتي.”

وسيعطي صاحب “الأدب والغرابة” مثالا عن هذه الحيرة اللغوية بين تلقيه انتقادا لنشره كتابا عن الثقافة العربية بالفرنسية (كتاب الترجمة والتناسخ 1985)، ثم انتقادا معاكسا لنشره كتابا بالعربية (الغائب 1987) بدل الفرنسية، بل سيطلب منه أحيانا أن يقطع مع العربية بشكل بات.

“جميل أن تُدرس المتون التراثية، لكن افعل ذلك بالفرنسية لأن الخلاص بها. أما العربية فاكتُب عنها، لكن إياك أن  تكتب بها، وإلا ستظل حبيسها ولن يلتفت إليك أحد”، يروي كيليطو ما عُرض عليه من نصائح في لغة الكتابة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News