مجتمع

6.9% فقط من المسؤوليات القضائية بيد القاضيات ومجلس القضاء يدرس الأسباب

6.9% فقط من المسؤوليات القضائية بيد القاضيات ومجلس القضاء يدرس الأسباب

سجّل المجلس الأعلى للسلطة القضائية في تقريره السنوي لسنة 2024 تطوراً ملحوظاً في تمثيلية النساء القاضيات داخل السلك القضائي، سواء من حيث عددهن الإجمالي أو حضورهن في مواقع المسؤولية، مبرزا أن النساء يشكلن أكثر من ربع عدد قضاة المملكة بنسبة تصل إلى 27 في المئة، فيما بلغت نسبة القاضيات اللواتي يتولين مهام المسؤولية القضائية 6.9 في المئة.

ورغم أن هذه النسبة ما تزال دون مستوى التطلعات الكبرى التي يسعى إليها المجلس في مجال ترسيخ مقاربة النوع داخل الجهاز القضائي، إلا أنها تمثل قفزة نوعية مقارنة بسنة 2020، حين كانت مشاركة المرأة القاضية في مواقع القرار محدودة للغاية بحسب التقرير، مشيرا إلى أن هذا التطور يعكس الإرادة الحقيقية للمجلس في إعادة رسم معالم التوازن داخل منظومة القيادة القضائية، من خلال تمكين المرأة القاضية من لعب دور فاعل إلى جانب زملائها الرجال في تدبير الشأن القضائي.

ويُعد هذا التوجه أحد المحاور المركزية التي يتضمنها المخطط الاستراتيجي للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، الذي “يجعل من مبدأ تكافؤ الفرص بين الجنسين أولوية مستدامة، ومن السعي نحو المناصفة هدفاً استراتيجياً على المدى المتوسط والبعيد”.

في هذا الإطار، أكد المجلس حرصه على تشجيع النساء القاضيات على الترشح لتحمل مهام المسؤولية القضائية، انسجاماً مع التوصية رقم 37 من مخططه الاستراتيجي، التي تنص على السعي إلى تحقيق المناصفة في إسناد المسؤوليات مع مراعاة الكفاءة وتكافؤ الفرص، وذلك تماشيا مع الفصل 19 من دستور المملكة الذي ينص على السعي إلى تحقيق المناصفة بين الرجال والنساء.

وأشار التقرير إلى أن محدودية مشاركة النساء القاضيات في التباري على مناصب المسؤولية تعود إلى أسباب مختلفة، يعمل المجلس على التعرف عليها وتشخيصها بهدف تجاوز الصعوبات التي تحول دون تمكين القاضيات من الوصول إلى مراكز القرار، مؤكدا أن هذا الجهد يهدف إلى تهيئة الظروف المناسبة لتشجيع القاضيات على اقتحام مناصب القيادة والاضطلاع بأدوار ريادية داخل المنظومة القضائية، في انسجام تام مع الإرادة الملكية السامية الداعية إلى تمكين المرأة المغربية من المكانة التي تستحقها في بناء مغرب قوي ومتطور.

وفي هذا السياق، أطلق المجلس الأعلى للسلطة القضائية دراسة معمقة عهد بإجرائها إلى لجنة موضوعاتية تتألف من أعضاء بالمجلس ومسؤولين بالإدارة، وتهدف إلى تشخيص واقع النساء القاضيات ورصد ظروف عملهن، والتي ستركز على العراقيل الواقعية والقانونية التي تعيق وصول القاضيات إلى مراكز القرار، كما تسعى إلى اقتراح توصيات عملية لتحسين ظروف اشتغالهن، وتمكينهن من تطوير مسارهن المهني أسوة بزملائهن الرجال، بناء على معايير الكفاءة وتكافؤ الفرص.

ولتحقيق تشخيص دقيق وشامل، تم إعداد استمارات موجهة إلى القضاة والقاضيات لاستطلاع آرائهم حول مجموعة من المؤشرات والمعطيات المتعلقة بواقع الممارسة القضائية، بهدف استخلاص خلاصات واقعية تسهم في صياغة توصيات مبنية على معطيات موضوعية وملموسة.

ومن أجل دعم هذا التوجه، أعلن المجلس الأعلى للسلطة القضائية عن إطلاق مسلك جديد للتكوين في الإدارة القضائية بالمعهد العالي للقضاء، طبقاً للمادة 65 من القانون رقم 37.22 المتعلق بالمعهد، وذلك ابتداءً من سنة 2025، والذي يهدف هذا التكوين إلى تمكين القاضيات من المهارات القيادية المرتبطة بتدبير الإدارة القضائية للمحاكم، بما يعزز جاهزيتهن لتولي المناصب العليا في هرم المسؤولية القضائية.

ويؤكد التقرير أن دور المجلس في تعزيز حضور المرأة القاضية في مناصب المسؤولية لا يقتصر على فتح باب الترشيح، بل يتجاوزه إلى تحفيز القاضيات وتشجيعهن على التباري، من خلال رصد الكفاءات النسائية المتميزة وتأهيلها مهنياً عبر التكوين المستمر والمواكبة الإدارية والتدبيرية.

وتشير معطيات التقرير إلى منحى تصاعدي في تولي القاضيات مناصب المسؤولية القضائية خلال السنوات الأخيرة، إذ تم تعيين ست قاضيات سنة 2021، وسبع قاضيات سنة 2022، وثلاث قاضيات سنتي 2023 و2024، ليبلغ بذلك مجموع القاضيات اللواتي تحملن مهام المسؤولية القضائية 19 قاضية خلال الفترة الممتدة بين 2021 و2024.

ويخلص التقرير إلى أن هذه الجهود تؤكد التزام المجلس الأعلى للسلطة القضائية بمواصلة العمل على ترسيخ ثقافة التوازن والمناصفة داخل الجهاز القضائي، عبر سياسات عملية تهدف إلى تعزيز ثقة القاضيات في قدراتهن القيادية، وخلق بيئة مؤسساتية منصفة تتيح لهن المساهمة بفعالية في تطوير العدالة المغربية ومواكبة التحولات التي تعرفها المملكة في مسار تكريس دولة الحق والقانون.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News