الحكومة تصلح نظام الشيكات بعد متابعة 76 ألف شخص بسبب عدم الأداء

صادق مجلس الحكومة، اليوم الخميس، على مشروع القانون رقم 71.24 بتغيير وتتميم القانون رقم 15.95 المتعلق بمدونة التجارة، قدمه عبد اللطيف وهبي، وزير العدل، وهو المرسوم الذي يعالج مشكلة إصدار الشيكات بدون رصيد التي ما فتئت تؤرق المجتمع وخاصة المستثمرين، لما لها من أخطار ووقع اقتصادي واجتماعي على جميع الأطراف، لاسيما الساحب والمستفيد.
ويهدف مشروع هذا القانون، وفق بلاغ المجلس الحكومي الذي تلاه الناطق الرسمي باسم الحكومة مصطفى بايتاس، إلى “تغيير وتتميم الكتاب الثالث من مدونة التجارة، ليشمل أحكاما جديدة تتماشى مع متطلبات المرونة الواجب توفرها في إطار المعاملات التجارية والمالية، خاصة بين التجار، بهدف تعزيز الأمن القانوني وتحسين كفاءة وفعالية النظام التجاري ولتجاوز عدة إشكالات قانونية وتنظيمية ظهرت نتيجة التطورات الحديثة المرتبطة بالأوراق التجارية”.
ويتضمن هذا المشروع، وفق المصدر نفسه، “أحكاما تهدف إلى إعادة النظر في الإطار القانوني المنظم للشيك، وتشجيع شريحة عريضة من المواطنين على تسوية وضعيتهم وذلك بأداء مساهمة إبرائية متعلقة بالغرامات المالية المرتبطة بعوارض الأداء، مما سينعكس إيجابا على دينامية المعاملات الاقتصادية ببلادنا ويسهم في ترشيد الاعتقال وتخفيف العبء على المحاكم فيما يتعلق بقضايا الشيك”.
ووللتأكيد على أهمية هذا القانون، قدم مصطفى بايتاس خلال الندوة الصحفية معطيات تبرز حجم المعضلة التي يطرحها موضوع الشيكات في المجتمع، مفيدا أنه وفقاً لإحصائيات بنك المغرب لسنة 2024، تم تنفيذ 30 مليون عملية أداء بواسطة الشيك بقيمة تناهز 1319 مليار درهم.
كما تم تسجيل 972 ألفاً و230 حالة رفض أداء شيك، بسبب انعدام أو عدم كفاية الرصيد. موضحا أنه بين سنتي 2022 ويونيو 2025، عُولجت أكثر من 180 ألف و223 شكاية، توبع على إثرها حوالي 76 ألف و936 شخصا، من بينهم أزيد من 58 ألفاً و710 شخصا يوجدون في حالة اعتقال.
ووضّح الناطق الرسمي أن هذه الأرقام تُظهر أن هناك معضلة حقيقية تستوجب تدخلاً حكومياً عبر مراجعة السياسة الجنائية. وهنا يأتي القانون الجديد المتعلق بالشيك الذي يهدف إلى استرجاع الثقة في الشيك كوسيلة أداء، من خلال إعادة تأهيل نظامه القانوني وضمان مصداقيته، وتعزيز الأمن القانوني والمالي وتشجيع الاستثمار الوطني، وترشيد الاعتقال وتخفيف العبء على المحاكم عبر توسيع نطاق الصلح والتسوية المالية، وتحقيق التناسب بين الجريمة والعقوبة وفق رؤية إنسانية متدرجة.
ولفت إلى أن الإصلاح يهم عدداً من المواد، لكن التغيير الجوهري يتعلق بالمادة 316 من مدونة التجارة. ففي القانون السابق، كان في حال تعذر الأداء يُحال الملف على المحكمة التي تصدر العقوبات والغرامات (بنسبة تصل إلى 25% من قيمة الشيك). أما وفق التعديل الجديد، فإنه في أي مرحلة من مراحل المسطرة، بمجرد أداء قيمة الشيك، تتوقف المتابعة، مع أداء غرامة رمزية بنسبة 2%، ويُغلق الملف نهائياً. وإذا صدر حكم نهائي ثم تم الأداء، تتوقف المتابعة كذلك.
ويتيح القانون أيضا، بحسب بايتاس، “إقرار نظام المصالحة في جميع مراحل الدعوى، بما في ذلك مرحلة تنفيذ العقوبة، بحيث يؤدي الأداء أو التنازل عن الشكاية إلى عدم تحريك الدعوى أو سقوطها”، إضافة إلى “الإعفاء الجنحي في حال وقوع الفعل بين الأزواج أو بين الأصول والفروع”.
ولفت إلى الإمكانية المتعلقة بإشعار الساحب من طرف النيابة العامة بضرورة توفير المؤونة خلال أجل 30 يوماً، قابل للتمديد مرة واحدة بموافقة المستفيد. إضافة إلى إمكانية إخضاع الساحب لتدبير المراقبة القضائية، مثل السوار الإلكتروني، كبديل عن الاعتقال. وتخفيض العقوبة من سنتين إلى سنة واحدة في بعض الحالات.