حقوق وحريات

تضامن حقوقي مع صرخة “جيل Z” ومطالب باستبدال منطق المنع بالحوار

تضامن حقوقي مع صرخة “جيل Z” ومطالب باستبدال منطق المنع بالحوار

التفت هيئات حقوقية ومدنية حول صرخة شباب “جيل Z” المطالبة بتحسين الخدمات الاجتماعية، خاصة التعليم والصحة، للتضامن مع التعبيرات الاحتجاجية السلمية الراقية التي قادها عدد من الشباب غير المنتمي، للأحزاب السياسية أو النقابات العمالية أو الإطارات الكلاسيكية للوساطة، مستنكرةً “المنع والتدخلات العنيفة” للقوات العمومية لتفريق المحتجين.

وعلى امتداد اليومين السابقين (السبت والأحد)، تعالت حناجر آلاف الشباب المغاربة في الشوارع العمومية من أجل رفض الواقع المتردي لمرفقي الصحة والتعليم والإلحاح على ضمان العدالة الاجتماعية لجميع مكونات المجتمع، رافعين شعار “محاربة الفساد” وترشيد الإنفاق العمومي بتوجيهه إلى القطاعات الحيوية المهمة.

وانطلقت موجة الاحتجاجات الغاضبة من فضاءات منصات التواصل الاجتماعي عبر دعوة موحدة للخروج إلى الاحتجاج في عدد من المدن المغربية وفي أوقات موحدة، والتي امتدت حتى أوقات متأخرة من يوم أمس الأحد. وينتظر، حسب إعلان لمجموعة “Genz212” على موقع “فيسبوك”، أن تنظم اليوم الإثنين، 29 شتنبر، موجة جديدة من التظاهرات السلمية بنفس المدن، دون أن تحدد إلى الآن مواقعها ومواعدها.

“الإصغاء.. مدخل الحل”

العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان، سجلت بأسف، بعد إدانتها للمنع والتوقيفات التي طالت المحتجين، أن هذه الأشكال الاحتجاجية لم يُتح لها أن تكون مجالاً للتعبير السلمي الحر، في الوقت الذي يحتاج فيه المغرب أكثر من أي وقت مضى إلى احتضان صوت الشباب والإنصات إلى مطالبه المشروعة، باعتبارهم طاقة وطنية ورأسمالاً بشرياً أساسياً لمستقبل البلاد.

وأوضحت العصبة، في بيان حول منع الاحتجاج الشبابي، أن الأوضاع الاجتماعية التي يعيشها الشباب المغربي اليوم، والمتسمة بارتفاع نسب البطالة، وضعف الخدمات الصحية والتعليمية، وتراجع فرص الإدماج المهني، تفرض فتح نقاش وطني جاد ومسؤول حول السياسات العمومية المرتبطة بهذه المجالات، وهو ما يستلزم، حسب المنظمة الحقوقية ذاتها، الاستجابة المستعجلة لمطالب المحتجين بشكل عملي وجاد.

وشددت العصبة على أهمية الإصغاء لصوت الشباب المحتج واحتضان مطالبه، مشيرةً إلى أن هذا الأمر يشكل المدخل الحقيقي لأي مشروع وطني ديمقراطي وأن المقاربة الأمنية والمنع لا يمكن أن يكونا بديلاً عن الحوار والإصلاح.

وأدانت العصبة لجوء الحكومة إلى المنع والتوقيف عوض الإنصات إلى صوت الشباب الطامح إلى مغرب الحقوق والحريات، مؤكدة أن منعها للأشكال الاحتجاجية “إنما هو إقرار على فشلها في التعاطي مع مطالب الجماهير الشعبية، وأن ما تروج له من إصلاح مفترض ما هو إلا محاولة لتنويم الرأي العام”.

“الدولة في مأزق”

وفي نفس الصدد، أشار عبد الإله الخضري،  رئيس المركز المغربي لحقوق الإنسان، إلى أن “مواجهة احتجاج الشباب بالقمع والمنع والاعتقالات كانت متوقعة مع الأسف”، مشيراً إلى أن “هذه الصورة تسيء إلى صورة المغرب الحقوقية وتؤكد أن الغلبة للقبضة الأمنية إزاء كل مظاهر تعبير المجتمع عن الغضب، وهو ما يزيد الوضع تعقيداً واحتقاناً”.

وأوضح الفاعل الحقوقي، في تصريح لجريدة “مدار21” الإلكترونية، أنه “كان من المفروض على الدولة أن تقدم أجوبة أخرى مغايرة عن جواب المنع والقمع”، مشدداً على أن “السياق يقتضي فتح ورش كبير وحوار وطني لإيجاد منافذ الإصلاح مع القوى الحية للمجتمع بما فيها القوى الشبابية”. 

وسجل الخضري أن “مقاربة محاربة الفساد والريع السياسي والاقتصادي وإصلاح القطاعات الاجتماعية هي مسألة يجب أن يقع حولها إجماع وطني وتوافق بين جميع مكونات المجتمع لتجنب مثل هذه الاحتجاجات التي تكلف تدخلات منعها من طرف القوات العمومية باهضاً صورة الدولة وسمعتها الحقوقية”. 

وفي هذا الصدد، أشار الخضري إلى أن “الدولة في مأزق محرج اليوم”، موضحاً أن “القنوات والمؤسسات السياسية والمدنية التي يمكن أن تستوعب هذا الشباب الغاضب تم اختراقها وبلقنتها، ومنه فقدان الثقة فيها من طرف الشباب والمجتمع بشكل عام، ما يجعل مسألة إجراء حوار وطني حول المطالب أمر شبه مستحيل”.

واعتبر المتحدث ذاته أن “الدولة اليوم أمام خيار وحيد هو إعادة الاعتبار والثقة للعمل السياسي والحقوقي وتقوية مبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان من أجل امتصاص الاحتقان الذي يؤدي إلى انفجار احتجاجات عفوية في صفوف فئات مختلفة، وهو ما قد عشناه في قطاع التعليم سابقا”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News