هل يحق للمتضررين من أعمال التخريب مطالبة الدولة بتعويضات؟

علاوة على الملك العمومي، تعرضت ممتلكات العديد من المواطنين الخاصة للتخريب إثر أعمال الشغب التي رافقت احتجاجات شباب “جين زد”، ونظراً لتداخل عدة عناصر في هذه النوازل، يجد المتضررون أنفسهم عاجزين عن تحديد الجهة المسؤولة والواجب مطالبتها بجبر الأضرار. غير أن حكما قضائيا ابتدائياً تم تأييده استئنافا وكذا على مستوى محكمة النقض في سنة 2015 يقدم جواباً شافياً.
وجاء في القرار الصادر عن محكمة النقض– الغرفة الإدارية -، الذي اطلعت “مدار 21” على نسخة منه، أن مسؤولية الدولة عن الأضرار الناجمة عن أعمال الشغب والإحراق والنهب قائمة بدون خطأ، مع حقها في الرجوع على المتسبب في الضرر.
وقالت المحكمة إن “من المستقر عليه في قضاء هذه المحكمة أن الأضرار الناجمة عن أعمال الشغب التي تقوم بها جماعات تحركها قناعات وخلفيات مشتركة تنمحي معها شخصية كل واحد فيها، وذلك بشكل علني مرفق بمظاهر العنف التي يكون الهدف منها الإضرار بكل ما تقع عليه أيدي أعضائها ليس من أجل إلحاق الأذى بالمتضررين لشخصهم، وإنما من أجل تحقيق أهداف وغايات تروم ضرب استقرار الدولة وزرع القلاقل فيها والمساس بأمنها، تسأل عنها الدولة في إطار التضامن الوطني بصرف النظر عن قيام الخطأ في جانب مرفق الأمن من عدمه”.
وجاء هذا القرار إثر طعن الدولة في حكم قضائي ابتدائي أيّد استئنافا، حيث عرض المتضرر أن عيادته الطبية الكائنة بشارع مكة طريق السمارة، وكذا محل سكناه المقابل لهذه العيادة، وبتاريخ 2010/11/08، تعرضا للإحراق ولهجوم من قبل عصابات إجرامية كانت تحتل مخيم “اكديم ازيك” بطريق السمارة، وولجت إلى المدينة التي انعدمت فيها قوات الأمن في الشوارع وتركت المجال فارغا أمام هذه العصابات الإجرامية لتعيث فسادا في الأرض منذ الساعة السابعة صباحا إلى حدود الواحدة زوالا دون تواجد ولو فرد واحد من أفراد القوة العمومية لردعهم”.
وشدد المدعي في دعواه على أن من “أبرز التزامات الدولة في مقابل الأعباء التي تقع على مواطنيها ضمان السكينة والأمن، وأن مبدأ التعويض من الدولة يستند إلى مبدأ المساواة أمام الأعباء العامة، والأمن يمثل أهم مرفق يمثل سيادة الدولة، وأن خطأ مرفق الأمن هو غيابه الكلي للحيلولة دون قيام مجموعات شكلت عصابات إجرامية بالتخريب والإتلاف والحرق والسرقة لكل ما صادفهم من ممتلكات”.
والتمس لذلك القول بتحميل الدولة المغربية كامل المسؤولية فيما لحقه من أضرار وخسائر مادية والحكم له بتعويض مسبق مبلغه 10.000 درهم والحكم تمهيديا بإجراء خبرة حسابية على مختلف الفواتير والدفاتير التجارية والكشوفات البنكية الممسوكة لديه، وكذا المبالغ التي سينفقها من جديد في تجهيز عيادته ومنزله وتقديم مستنتجاته ومطالبه النهائية”.
وبعد جواب الوكيل القضائي للمملكة وإجراء خبرة وتقديم الطلبات والمستنتجات حولها وتمام الإجراءات صدر الحكم القاضي على الدولة المغربية في شخص رئيس الحكومة ةوزارة الداخلية بأدائها للطرف المدعي تعويضا إجماليا مبلغه (270.000 درهم مع تحميلها الصائر، استأنفه الوكيل القضائي للمملكة، فأيدته محكمة الاستئناف الإدارية.