نقيب المحامين ببني ملال: إنجاح العقوبات البديلة رهين بالتنفيذ الصارم

اعتبر نقيب هيئة المحامين ببني ملال، عبد النبي الحمراوي، أن ميلاد قانون العقوبات البديلة يمثل حدثًا مفصليًا في مسار إصلاح المنظومة الجنائية الوطنية، معتبرا أن هذا التشريع، الذي دخل حيز التنفيذ يوم 22 غشت 2025، يفتح آفاقًا جديدة تتجاوز منطق الزجر التقليدي نحو الإصلاح والتهذيب وإعادة الإدماج، غير أن بلوغ غاياته السامية يظل رهينًا بحسن تنفيذه من قبل المؤسسات القضائية والإدارية المعنية.
وقال نقيب المحامين ببني ملال، إن القانون الجديد، رغم ما يطرحه من تساؤلات وتفاصيل تقنية، يظل خطوة مهمة في مسار استكمال إصلاح العدالة الجنائية بالمغرب، مسجلا أن المملكة ما زالت في حاجة إلى مراجعة عميقة خاصة على مستوى القانون الجنائي، غير أن تعديل وتغيير قانون المسطرة الجنائية في هذه المرحلة يظل إنجازًا محمودًا في مسار الإصلاح.
وأوضح المتحدث في ندوة حول “تطبيقات قانون العقوبات البديلة”، أن قضاء الحكم هو الحلقة الأولى في ضمان التطبيق السليم لمقتضيات قانون العقوبات البديلة، إذ ينبغي أن يستوعب مقاصده بشكل كامل ويعمل على تفعيلها وفق فلسفة جديدة للعدالة، مشددا على أن دور النيابة العامة يقتضي التقليل من الطعون في الأحكام الصادرة بالعقوبات البديلة إلا في حالات استثنائية جدًا، تفاديًا لتعطيل التنفيذ وتأجيل اكتساب الأحكام لقوة الشيء المقضي به، خصوصًا عندما يتعلق الأمر بمعتقلين.
وأشار النقيب إلى أن قاضي تطبيق العقوبة سيضطلع بأدوار حاسمة في الإشراف على تنفيذ العقوبات البديلة، إلى جانب إدارة السجون التي ستتحمل المسؤولية المباشرة أو المفوضة في التنفيذ، سواء عبر مؤسسات عمومية أو خاصة.
وأبرز الدور المحوري للمحامين في مساعدة المتهمين على الاستفادة من هذه العقوبات، وضمان تطبيقها العادل، وتقديم مرافعات قوية تقنع المحكمة بملاءمة العقوبة البديلة، فضلاً عن توجيه المتهمين للامتثال لشروطها ومواكبة تقييمها بشكل مستمر.
وحذر نقيب هيئة المحامين ببني ملال، عبد النبي الحمراوي، من أن جودة أي قانون تظل رهينة بمدى توافر الموارد البشرية المؤهلة والنزيهة القادرة على تنفيذه بصرامة، مبرزًا أن التنفيذ الناجح سيظل أيضًا مرتبطًا بالإمكانات المادية والبشرية المتاحة للمؤسسات المكلفة، وعلى رأسها قضاة تطبيق العقوبة وإدارة السجون وإعادة الإدماج، مؤكدا أن العقوبات البديلة لا ينبغي أن تتحول إلى وسيلة للتهرب من العقاب، لاسيما عقوبة العمل للمنفعة العامة التي تستوجب صرامة في التنفيذ.
وتوقف عند المراقبة القضائية المنصوص عليها في المادة 161 من قانون المسطرة الجنائية، مشيرًا إلى أنها ما زالت غير معتمدة بشكل واسع من طرف النيابة العامة أو قضاة التحقيق أو الحكم، وهو الوضع نفسه بالنسبة لعقوبة الإقامة الإجبارية التي تظل عقوبة أصلية نادرًا ما يُحكم بها، داعيا في هذا السياق إلى إطلاق حملات تحسيسية وتكوينية مكثفة تضمن التطبيق الفعلي لهذه المقتضيات، متسائلًا في الآن ذاته عن غياب المراقبة الإلكترونية ضمن إجراءات المراقبة القضائية، وعن مدى ملاءمة الإبقاء على العقوبة الموقوفة التنفيذ بعد إقرار العقوبات البديلة.
وسجل المتحدث، في كلمته خلال الندوة، التي نظمتها هيئة المحامين ببني ملال، أن القضاة سيجدون أنفسهم أمام امتحانات متعددة، إذ “سيكون عليهم الاختيار بين عقوبة حبسية نافذة دون بديل، أو الجمع بين الحبس والعقوبة البديلة، أو الحبس الموقوف التنفيذ، وهو ما قد يثقل كاهل القضاء ويضاعف من مسؤولياته ويثير ردود فعل متباينة”.