المنظمات التربوية تحذر من استغلال القاصرين في احتجاجات جيل “Z”

حذر اتحاد المنظمات المغربية التربوية من تنامي ظاهرة استغلال القاصرين والأطفال في التعبيرات الاحتجاجية الأخيرة التي أطلقها جيل “Z”، معبرًا عن قلق بالغ من النسب المرتفعة لمشاركتهم في بعض أعمال العنف والتخريب، ومؤكدًا رفضه القاطع لشحنهم أو تهييجهم أو إقحامهم في احتجاجات لا يدركون أبعادها.
ودعا الاتحاد مختلف الجهات المسؤولة إلى التقيد الصارم بالمقتضيات القانونية الخاصة بتوقيف ومتابعة القاصرين، واستحضار المصلحة الفضلى للطفل في كل الإجراءات المتخذة.
وأوضح الاتحاد في بلاغ له، عقب اجتماع استثنائي لمكتبه التنفيذي، أمس الأحد، أن التعبيرات الشبابية الأخيرة تحمل دلالات مجتمعية عميقة تستوجب معالجة هادئة ومسؤولة، مشددًا على أن الحق في حرية التعبير والتجمع السلمي يعدان من أبرز مكتسبات المسار الديمقراطي بالمغرب وعنصرين أساسيين في توطيد المشاركة المواطنة وترسيخ سيادة القانون.
وأكد اتحاد المنظمات المغربية التربوية على ضرورة حماية المواطنات والمواطنين وضمان حقهم في التظاهر السلمي، مع تعزيز الحماية من أي شكل من أشكال العنف الذي قد يمس بالسلامة الجسدية سواء بالنسبة للمحتجين أو القوات العمومية، مع التنديد بأعمال التخريب التي تمس بالأمن العام وتسيء إلى الطابع السلمي والمشروع للاحتجاجات.
واعتبر الاتحاد أن التعبير المسؤول والسلمي عن المطالب يظل الضمانة الأساسية لصون المكتسبات الديمقراطية وحماية الأمن العام في توازن مع احترام كرامة المواطنين.
وفي سياق متصل، وصف الاتحاد المطالب المرفوعة في الاحتجاجات الشبابية بالعادلة والمشروعة، خاصة تلك المرتبطة بمحاربة الفساد والنهوض بقطاعي التعليم والصحة باعتبارهما ركيزتين أساسيتين للدولة الاجتماعية المنشودة. لكنه عبّر في المقابل عن استغرابه الشديد للتناقض الصارخ بين الخطاب الحكومي حول الدولة الاجتماعية وثقافة الحوار، وبين الممارسات الميدانية التي تفتقر إلى الانفتاح الحقيقي على الشباب.
وسجل الاتحاد، بأسف عميق، استمرار تجاهل وزير الشباب والثقافة والتواصل للنداءات المتكررة التي وجهها له منذ مارس الماضي من أجل عقد لقاء مستعجل لمناقشة المستجدات المرتبطة بالسياسات العمومية الموجهة للشباب، موضحًا أن الأبواب ما تزال موصدة أمام الحوار الجاد والمسؤول رغم المراسلات المتعددة.
وأشار البلاغ إلى أن الاتحاد كان قد دق ناقوس الخطر منذ فترة، ونبه مرارًا إلى أهمية فتح نقاش وطني حول السياسات الموجهة للشباب بمشاركة مباشرة منهم ومن خبراء ومختصين، كما حذر من المخاطر المحدقة في ظل غياب رؤية شمولية تؤطر هذا الورش الاستراتيجي.
وذكر أن محاولات الاتحاد لتنظيم لقاءات وتداريب مشتركة مع وزارة الشباب لم تلق أي تجاوب، فقط لأن الاتحاد عبّر عن رفضه الواضح لمحاولات الحكومة الرامية إلى تسليع الخدمات العمومية الموجهة للطفولة والشباب، وتفويت تدبير فضاءات الطفولة ومراكز الاستقبال إلى جهات تجارية ربحية.
وشدد الاتحاد على أن كسب رهان المستقبل يمر عبر الاستثمار الأمثل في الرأسمال البشري، وأن نجاح أي نموذج تنموي مرهون بسياسات عمومية تعترف بالدور الحيوي للشباب كفاعل رئيسي في البناء الديمقراطي والتنموي، معتبرًا أن الحوار الجاد والصادق مع الشباب هو المدخل الحقيقي لتعزيز الاستقرار الاجتماعي وإنجاح النموذج التنموي الوطني.
كما دعا الاتحاد إلى الحفاظ على البنيات التحتية المخصصة لأنشطة الطفولة والشباب وتطويرها باعتبارها متنفسًا ضروريًا ومساحات للتنشئة والإبداع والتعبير، مبرزًا أهمية دعم الجمعيات والمنظمات المدنية التي تؤدي أدوارًا طلائعية في تأطير الأجيال الصاعدة وتحصينها من مختلف الانحرافات والمخاطر، وتعزيز روح الانتماء والمواطنة لديها.
واختتم اتحاد المنظمات المغربية التربوية بلاغه بدعوة كافة الأطراف إلى تغليب منطق العقل والحكمة، وفتح المجال أمام حوار حقيقي وذي مصداقية مع الشباب المغربي، مجددًا نداءه إلى وزير الشباب والثقافة والتواصل للانخراط في هذا الحوار، مؤكّدًا استعداده الكامل لتحمل مسؤوليته التاريخية عبر مبادرات مواطنة جادة، خدمة للمصلحة العليا للوطن وصونًا لأمنه واستقراره.