مجتمع

المقاولات الصغرى تدفع ثمن انزلاقات احتجاجات “جيل زد” ومطالب بتعويضات

المقاولات الصغرى تدفع ثمن انزلاقات احتجاجات “جيل زد” ومطالب بتعويضات

أبدت الكونفدرالية المغربية للمقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة تضامنها الكامل مع جميع المقاولين المتضررين من أحداث الشغب والتخريب التي رافقت احتجاجات “جيل زد” ببعض المدن المغربية، داعية إلى تدخل عاجل لتعويض المتضررين وفتح تحقيق شامل.

ودعت الكونفدرالية المغربية للمقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة جميع الفاعلين الاقتصاديين والاجتماعيين إلى التكاتف من أجل تجاوز هذه الأزمة وضمان استمرارية النشاط الاقتصادي بالمملكة لحل معضلة البطالة وتحويل القطاع غير المهيكل وتحقيق العدالة الاقتصادية والاجتماعية.

واستنكرت في بيان صحفي بشدة أعمال الشغب والعنف التي تسببت فيها فئة قليلة من المخربين التي استغلت أوضاع الاحتجاجات للقيام بالسرقة والتخريب وإتلاف المحلات التجارية والمشاريع الصغرى للمقاولين الصغار، إلى جانب الاعتداء على الأبناك والمؤسسات العمومية والخاصة، وحتى على رجال الأمن والقوات العمومية، في الأحداث المؤسفة التي شهدتها العديد من المدن والجهات بالمملكة طيلة هذا الأسبوع.

وعبرت الكونفدرالية عن تضامنها الكامل مع الشباب المغربي، مؤكدة ضم صوتها إلى صوت الشباب في مطالبهم المشروعة التي تم التعبير عنها خلال الوقفات الاحتجاجية السلمية أيام 27 و28 شتنبر، التي تدعو إلى تحسين الصحة والتعليم، وتوفير فرص الشغل، وتحقيق العدالة الاجتماعية، ومحاربة الفساد، مشددة على أنها “مطالب تعكس طموحات مشروعة لفئة واسعة من المجتمع المغربي”.

وسجلت أن الأعمال العدوانية استهدفت ممتلكات المواطنين، وخاصة مقاولين صغار، لا ذنب لهم فيما يحدث، سوى أنهم يتحملون مخاطر كبيرة وتحديات يومية في سبيل خلق مقاولاتهم رغم إكراهات انعدام التمويل اللازم للإنشاء ودعم مشاريعهم، وغياب الصفقات العمومية التي يستفيد منها كبار الفاعلين الاقتصاديين دون الالتفات إلى المقاولين الصغار، وارتفاع الضرائب غير المبرر من 10% إلى 20%، مما يثقل كاهلهم، زيادة على الفساد في منح الدعم المخصص للمقاولات وفي الصفقات العمومية، والذي يذهب غالباً للباطرونا، وأعضاء الأحزاب المهيمنة وأتباعهم والموالين لهم والمديونية المرتفعة التي تحول دون استمرار مشاريعهم.

وأشارت إلى أن أعمال التخريب الأخيرة جاءت لتقضي على ما تبقى من أمل لدى هؤلاء المقاولين الصغار، حيث تعرضت مشاريعهم، التي تعيل أسرهم وأسر العاملين لديهم، للتخريب والسرقة، مما جعلهم وأسرهم في مواجهة مستقبل مجهول بلا مصدر عيش.

وأوردت بهذا الصدد قصصا مؤثرة من الميدان، إحداها لشاب في الـ24 من عمره، كافح لإنشاء مشروع صغير عبارة عن محل لبيع وصنع الأساور الفضية، وبعد أن أكمل تجهيز محله، تلقى نداء الوطن بالخدمة العسكرية وأغلق المحل، وأثناء غيابه في تأدية واجبه الوطني تعرض محله المغلق للتخريب والسرقة.

متضررة أخرى، وهي شابة أرملة وأم تعمل في مجال الحلاقة النسائية، قضت سنوات من عمرها في العمل والصبر لتجهيز مشروعها الصغير لأن البنوك لا تمول مثل هذه المشاريع الصغرى، لكن تعرض محلها المغلق ليلاً للتدمير الكامل من قبل المخربين الذين كسروا جميع المعدات التي تعتمد عليها في عملها، مما دمر مستقبلها ومستقبل العاملات معها، وأسر عديدة كان هذا المشروع دخلهم الوحيد، يضيف البيان ذاته.

وأكدت الكونفدرالية المغربية للمقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة أن المئات من المقاولين الشباب الذين لديهم مشاريع صغيرة في بيع العطور، الأثاث المنزلي، البقالة، الذهب… ضاع أملهم بعد أن أتلفت مشاريعهم بالكامل، علمًا أن غالبيتهم لا يتوفرون على تأمين يغطي خسائرهم.

وحذّرت من تداعيات خطيرة للأحداث الأخيرة على النسيج الاقتصادي الوطني، معتبرة أن الخسائر التي تكبدتها المقاولات الصغرى تمسّ بشكل مباشر استقرار الاقتصاد وسلامة النسيج الاجتماعي بالمغرب.

فقد خلفت أعمال التخريب أضرارا مادية جسيمة طالت عددا كبيرا من المحلات التجارية والمشاريع الصغرى، ما جعل مئات المقاولين يواجهون مصيرا مجهولا بعد أن فقدوا مصدر رزقهم الوحيد.

ولفتت الكونفدرالية إلى أن هذه الأحداث تنذر بارتفاع معدلات البطالة، إذ إن توقف المشاريع الصغرى يعني فقدان آلاف فرص الشغل، لا سيما في صفوف الشباب. وتوقعت أن تضطر مقاولات أخرى إلى تقليص نشاطها ما لم تتدخل السلطات بشكل عاجل لدعم المتضررين وبعث الثقة فيهم.

وأبرز البيان أن هذه الوضعية تنعكس أيضا على ثقة المستثمرين والمقاولين، إذ تثير المخاوف بشأن استقرار بيئة الأعمال بالمغرب، وتدفع بالكثيرين إلى تجميد مشاريعهم أو تأجيل استثماراتهم، في ظل غياب رؤية واضحة لمعالجة الأزمة الراهنة.

ونبهت أيضا إلى أن استمرار هذه الظروف سيؤدي إلى إضرار مباشر بالسلم الاجتماعي، مذكرة بأن المقاولات الصغيرة تشكل نحو 98.4 بالمئة من مجموع المقاولات بالمملكة وتوفر أكثر من 83 بالمئة من فرص العمل، ما يجعل أي تهديد لهذه الفئة تهديدا لمصدر عيش ملايين الأسر المغربية وللاستقرار الاجتماعي والاقتصادي على حد سواء.

وطالبت الكونفدرالية المغربية للمقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة الحكومة باتخاذ تدابير عاجلة لإنصاف المقاولين المتضررين واستعادة الثقة في بيئة الأعمال الوطنية.

وأكدت ضرورة تقديم تعويضات مالية فورية للمقاولين الذين تضررت مشاريعهم، من خلال تعبئة الموارد المتاحة ضمن المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، وصندوق محمد السادس للاستثمار، وصندوق الكوارث، معتبرة أن ما جرى يمثل كارثة اقتصادية واجتماعية تستدعي تدخلا استثنائيا وسريعا من الدولة.

وشددت على أهمية فتح تحقيق شامل ونزيه لتحديد المسؤولين عن أعمال التخريب ومحاسبتهم، بما يضمن حماية حقوق المتضررين ويبعث رسالة طمأنة للمستثمرين والمقاولين على حد سواء.

وطالبت الكونفدرالية الحكومة باعتماد إجراءات ملموسة لدعم المقاولات الصغيرة، من خلال تخفيف العبء الضريبي عبر تسهيلات ضريبية، وتمكين المقاولين من قروض بدون فوائد تساعدهم على إعادة بناء مشاريعهم، إلى جانب إعادة جدولة الديون المترتبة عليهم لتسهيل استمرارية نشاطهم الاقتصادي. كما دعت إلى تمكين المتضررين من أوامر أداء سريعة تضمن تسريع التعويضات، مع ضرورة إدماج المقاولين الصغار بشكل فعّال وواضح في برامج الدعم الحكومي.

وفي ما يتعلق بحماية الأنشطة الاقتصادية، حثت الكونفدرالية على تعزيز التدابير الأمنية لضمان سلامة الممتلكات والمشاريع الصغرى من أي أعمال شغب مستقبلية يمكن أن تعمّق الأزمة وتضر بثقة الفاعلين الاقتصاديين.

واختتمت الكونفدرالية مطالبها بدعوة مفتوحة إلى إطلاق حوار وطني شامل يجمع مختلف الأطراف المعنية، بهدف معالجة الأسباب الجذرية للاحتجاجات الأخيرة، وضمان عدم تكرار مثل هذه الأحداث.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News