“جيل Z” يطرق أبواب الشارع.. غضب رقمي يتحول إلى احتجاجات ملموسة

طيلة أيام، شهدت مدن مغربية عدة، من الرباط والدار البيضاء إلى مراكش وأكادير، تحركا شبابيا واسعًا، حيث خرج شباب جيل Z إلى الشارع للتعبير عن مطالب اجتماعية ملحة، مستلهمين قوتهم من المنصات الرقمية التي فتحت لهم منابر للنقاش والتعبير عن الغضب.
الشرارة الرقمية.. من مواقع التواصل إلى الشارع
بدأت الفكرة في قلب الشبكات الرقمية، حيث دعت مجموعة “GEN Z 212” الشباب للتظاهر يومي 27 و28 شتنبر، لتكون المنصة بمثابة فضاء للنقاش حول التعليم، الصحة، البطالة ومحاربة الفساد.
وقد حرص المنظمون على احترام الرموز الوطنية والدينية، مؤكدين أن الحراك يظل سلميًا في جوهره، قبل أن يتحول إلى تحرك فعلي في الشارع يعكس مطالبهم على الأرض.
جيل Z.. من الجيل الرقمي إلى حراك المجتمع
جيل Z، المولود في قلب الثورة الرقمية، يمثل امتدادًا للجيل الذي سبق جيل الألفية.
هذا الجيل يعرف بالجيل الرقمي لارتباطه الوثيق بالتكنولوجيا، وهو يواجه اليوم فجوة بين التمثلات الرقمية للواقع وما يعيشه على الأرض.
الشباب يجد نفسه متصلا دائمًا بالفضاءات الافتراضية، لكنه معزول عن المؤسسات، ما يفسر جزئيًا اندفاعه إلى الاحتجاجات.
شعارات الاحتجاج ركزت على المطالب الاجتماعية الملحة: الحق في التعليم، الرعاية الصحية، وتوفير فرص العمل.
وقد عبّر الشباب عن استيائهم من تجاهل السلطات لتفاوت الإنفاق بين قطاعات الرياضة والبنية التحتية الصحية والتعليمية، خاصة بعد مأساة مستشفى أكادير، ما جعل مطالبهم تحظى بالانتباه الإعلامي والمجتمعي.
تصاعد التوتر.. الاحتجاجات وتدخل السلطات
بدأت الوقفات الاحتجاجية يوم السبت 25 شتنبر، وسرعان ما سجلت مشاهد مماثلة في الدار البيضاء وطنجة، حيث تدخلت السلطات لتفريق المحتجين، ما أدى إلى توقيف بعضهم.
ووفق الناطق الرسمي باسم وزارة الداخلية، رشيد الخلفي، فإن بعض التجمعات تحولت إلى أعمال عنف مسلح بالحجارة والزجاجات الحارقة، مما أسفر عن إصابة 263 عنصرًا من القوات العمومية، إلى جانب تخريب الممتلكات العامة والخاصة.
وفي ليلة الأربعاء فاتح أكتوبر، توسعت أعمال العنف في مدن عدة من مراكش إلى سلا وبني ملال، حيث أحرقت سيارات وأُلحقت أضرار بمؤسسات تجارية، لتسفر عن ثلاث وفيات وفق رئيس الحكومة عزيز أخنوش، ما خلق حالة من الهلع في صفوف المواطنين وأثار دعوات للتحقيق ومراجعة أساليب التعامل مع الاحتجاجات.
تفاعل الحكومة والأحزاب
خلال افتتاح أشغال المجلس الحكومي يوم الخميس، أكد رئيس الحكومة عزيز أخنوش أن الحكومة تتفاعل مع مطالب الشباب، مشددة على ضرورة الحوار والاستجابة للمطالب المشروعة ضمن إطار القانون.
كما أوضح وزير الصحة والحماية الاجتماعية، أمين التهراوي، خلال اجتماع لجنة القطاعات الاجتماعية بالبرلمان، تفهمه لمطالب الشباب وإصلاح القطاع الصحي من خلال خطة شاملة توضح خريطة الخدمات لكل جهة.
وفي المقابل، شددت المعارضة على ضرورة الحفاظ على السلم الاجتماعي، داعية إلى تهدئة الأوضاع والانصات لمطالب الشباب، وعدم الانزلاق نحو العنف الذي قد يضر بالمصلحة العامة.
كما أكدت شبيبات الأحزاب، وفي مقدمتهم يونس سراج الكاتب العام للشبيبة الاشتراكية، في تصريح لجريدة “مدار21” على شرعية الاحتجاجات باعتبارها تعكس مطالب أساسية للشباب، وأقروا بوجود إخفاقات في التأطير السياسي للحركة الشبابية.
صلاح الدين عبقري، رئيس منظمة شباب حزب الأصالة والمعاصرة، بدوره شدد على ضرورة احتضان مطالب الشباب وتحويلها إلى طاقة إصلاحية، مؤكداً في تصريح لجريدة “مدار21″، أن فشل الأحزاب في التأطير والاستقطاب وبناء الثقة مع الشباب أسهم جزئيًا في الاحتقان الاجتماعي الذي شهده الشارع المغربي مؤخراً.
وفي خضم هذه الأحداث، يظل السؤال المركزي مطروحًا: هل ستتمكن الأحزاب وشبيباتها من احتضان غضب الشباب وتحويله إلى طاقة إصلاحية، أم سيستمر الشارع في أداء دور المنبر البديل الذي يفضله جيل Z للتعبير عن مطالبه؟