سابقة.. مهاجر يدشن فصلا جديدا من دراما الهجرة ويعبر لسبتة بالمظلة الشراعية

في واقعة غير مسبوقة، تمكن شاب من إفريقيا جنوب الصحراء من دخول سبتة المحتلة قادماً من المغرب عبر مظلة شراعية، في أول عملية عبور من هذا النوع تسجلها السلطات الإسبانية، والتي وصفتها مصادر أمنية بأنها مغامرة خطيرة وغير مألوفة.
الشاب، البالغ من العمر حوالي عشرين عاماً، والمتصف بالهدوء، قرر أن يكون يوم الجمعة الماضي يوم عبوره، فحمل مظلته الشراعية وانطلق في مغامرة أقرب إلى مشهد سينمائي منها إلى محاولة عبور حدودية، لينجح في الوصول إلى المدينة المحتلة دون أن يُصاب بخدش واحد، في دليل على امتلاكه خبرة ومعرفة دقيقة بكيفية استخدام هذا النوع من المعدات.
وبحسب صحيفة “إل فارو” المحلية، يُعدّ هذا الشاب أول مهاجر ينجح في دخول سبتة المحتلة بواسطة مظلة شراعية، بينما سُجلت في مليلية المحتلة حالتان مماثلتان فقط خلال السنوات الماضية.
ونقلت الصحيفة عن مصدر في الحرس المدني الإسباني قوله إن السلطات لا تعتقد أن كثيرين سيحاولون تكرار هذا النوع من العبور، نظراً لخطورة الوسيلة وكلفتها العالية، فضلاً عن الحاجة إلى تدريب مسبق على الطيران.
وأضافت أن الشاب، عقب وصوله إلى منطقة سيدي إبراهيم في سبتة المحتلة، ترك مظلته ذات اللون الوردي، الذي وصفته الصحيفة بأنه لون الأمل، وسط الأعشاب قبل أن يفرّ هارباً.
ورغم عمليات التمشيط الواسعة التي نفذتها دوريات الحرس المدني في المنطقة، لم يُعثر عليه حتى الآن. وتشير المعطيات المتوفرة إلى أن الشاب تمكن أولاً من الإفلات من المراقبة المغربية وتجاوز السياج الحدودي، ليواصل بعد ذلك رحلته الجوية حتى بلغ المدينة المحتلة.
الطريقة التي دخل بها الشاب سبتة المحتلة بدت وكأنها مشهد مقتبس من أحد مقاطع “تيك توك”، إذ دأب بعض المهاجرين المنحدرين من إفريقيا جنوب الصحراء على نشر مقاطع ساخرة تتخيل عبورهم للمضيق بالمظلات، غير أن هذا الحلم الافتراضي تحول إلى واقع ملموس بعد نجاح أول عملية فعلية من هذا النوع.

وبهذا الانتقال من “تيك توك” إلى الحقيقة، كما وصفت الصحيفة، يكون الشاب قد دشن صفحة جديدة في سجل طرق الهجرة غير التقليدية نحو أوروبا.
وأشارت الصحيفة في تقرير مطول إلى أن مركز استقبال المهاجرين في سبتة (CETI) يحتضن حالياً مئات المهاجرين الذين دخلوا المدينة المحتلة بطرق مختلفة، أغلبهم من إفريقيا جنوب الصحراء، مبرزةً أن التقارير الأمنية تشير إلى أن معظمهم تمكنوا من عبور السياج الحدودي متجاوزين التدابير المشددة التي أقامتها وزارة الداخلية الإسبانية، والتي لم تعد قادرة على منع عمليات التسلل اليومية.
وأوردت الصحيفة أن في مركز “الجرال” التابع للمدينة المحتلة، يحتفل الشبان القادمون حديثاً بما يسمونه القفزة الكبرى، حيث يقلدون بأيديهم حركة تسلق الأسوار مستخدمين خطاطيف وأدوات بدائية يصنعونها من المسامير والخشب.
ويعيش هؤلاء المهاجرون في ظروف صعبة داخل مخيمات مكتظة تضم أكثر من ألف مقيم موزعين على خيام، في انتظار أن تشملهم عمليات النقل نحو البر الإسباني ضمن ما يُعرف بعمليات “البالياريا” التي تنظمها الحكومة المركزية لتقليص الضغط على المراكز الحدودية.
وفي مشهد آخر من مشاهد الهجرة غير النظامية، يروي شاب صومالي مقيم حالياً في مركز “الجرال” لصحيفة “إل فارو” أنه وصل إلى سبتة المحتلة سباحة عبر منطقة بليونيش، مؤكداً أنه كان برفقة مهاجرين اثنين آخرين، لكن شرطة المغرب أوقفت رفيقيه، بينما تمكن هو من مواصلة السباحة حتى بلغ الساحل الإسباني بعد أن ارتدى ملابسه وقفز إلى الماء محاذياً الحاجز البحري في بنزو.
وسجلت الصحيفة أن الشاب الصومالي، الذي يجيد السباحة، ينتظر اليوم نقله إلى شبه الجزيرة، شأنه شأن العديد من المهاجرين الذين تمكنوا من الوصول إلى سبتة المحتلة بوسائل فردية، رغم أن معظم حالات الاعتراض في البحر تخص مهاجرين مغاربة وجزائريين.
وتقول الصحيفة الإسبانية إن عام 2025 شهد ابتكارات غريبة في طرق الهجرة، كان آخرها هذا العبور الجوي عبر المظلة الشراعية. ورغم أن قيادة الحرس المدني تتجنب الحديث عن طرق جديدة للهجرة، مفضلةً وصف الواقعة بأنها حالة استثنائية، فإنها تقرّ ضمناً بأن الحادثة حقيقية وليست مجرد شائعة أو مزحة عابرة.