الحكومة تُسرّع تنزيل سياسات حماية “الطفولة الهشة” بوحدات القرب وخلايا الإنصات

كشفت وزيرة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة، نعيمة بن يحيى، عن إطلاق 43 وحدة لحماية الطفولة على الصعيد الوطني، بتمويل تجاوز 11 مليون درهم، مبرزة أن هذه المبادرة تندرج ضمن استراتيجية تعميم مراكز المواكبة لحماية الطفولة بمختلف الأقاليم، حيث تهدف هذه الوحدات إلى تقديم خدمات القرب للأطفال في وضعية هشاشة، بمن فيهم ضحايا الاعتداءات الجنسية، عبر توفير المواكبة الاجتماعية، والتوجيه، والدعم النفسي والطبي، بتنسيق مع مختلف المتدخلين على المستوى الترابي.
وأضافت بن يحيى في جوابها الكتابي عن سؤال حول “الانتهاكات التي تتعرض لها الطفولة المغربية”، تقدم به البرلماني إدريس السنتيسي، عن الفريق الحركي، أن هذا الموضوع يحظى بأولوية في المرحلة الراهنة نظرا لكون العنف ضد الأطفال، سيما الاعتداءات والتحرشات الجنسية، يعد انتهاكا جسيما لحقوقهم التي كفلها لهم الدستور المغربي، والمواثيق الدولية، خاصة اتفاقية حقوق الطفل التي وقع وصادق عليها المغرب.
وتشير إلى أن المغرب قطع أشواطا مهمة لحفظ وصون كرامة أطفاله، بدءا من ملائمة تشريعاته الوطنية مع المرجعية الدولية، ثم وضع سياسات وطنية وبرامج مهيكلة لحماية الطفولة من كل مظاهر التهميش والإقصاء والعنف بشتى أنواعه، تأخذ بعين الاعتبار البعدين الوطني والترابي.
وتسجلت على المستوى الوطنى، أن السياسة العمومية المندمجة لحماية الطفولة، تعتبر إطارا استراتيجيا متعدد الأبعاد، يجسد التزاما وطنيا لبناء منظومة حمائية ينخرط فيها الجميع، لضمان التنسيق وإدراج بعد حماية الطفولة في مختلف السياسات والبرامج العمومية.
وتضيف المسؤولة الحكومية في السياق ذاته أن هذه السياسة العمومية تستهدف جميع الأطفال أقل من 18 سنة، وذلك من خلال ترسانة فعالة وشاملة من التدابير والبرامج والأنشطة الهادفة إلى منع كافة أشكال الإهمال والاعتداء، والاستغلال والعنف ضد الأطفال، والوقاية منها، وإعطاء أجوبة من حيث التكفل والإدماج والمتابعة.
ويركز البرنامج الوطني التنفيذي لهذه السياسة العمومية للفترة 2025-2026، وفق الوزيرة على مجموعة من الأولويات التي أفرزتها المشاورات مع الفاعلين، والتى ترمى إلى وضع منظومة متكاملة لحماية الأطفال من كافة أشكال العنف والاستغلال والإهمال، تشمل الخدمات الاجتماعية والطبية والنفسية والتربوية، وتعزيز التتبع والتقييم لا سيما عبر مواصلة تنزيل الأجهزة الترابية المندمجة لحماية الطفولة وأجرأة “البروتوكول الترابي لحماية الأطفال في وضعية هشاشة”، فضلا عن إذكاء الوعى ونشر ثقافة حقوق الطفل لدي كل المتدخلين من خلال حملات تحسيسية وتوعوية، ودعم مبادرات الجمعيات في مجالات الإنصات والمساعدة الاجتماعية والمواكبة.
وعلى المستوى الترابي، توضح الوزيرة أنه في إطار تنزيل السياسة العمومية المندمجة لحماية الطفولة، تعمل وزارة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة، بتنسيق مع مختلف المتدخلين على تنفيذ مجموعة من البرامج التي تروم حماية الطفولة، وتأهيل الخدمات الموجهة لها، وذلك من خلال مقاربة مندمجة تأخذ بعين الاعتبار بعد الحماية والوقاية.
وأكدت أن الوزارة تعمل على مواكبة إحداث الأجهزة الترابية المندمجة لحماية الطفولة بالأقاليم تهدف إلى تعزيز التنسيق بين المتدخلين على الصعيد الترابي من أجل خلق الالتقائية بين الخدمات التي يحتاجها الأطفال، بما فيهم ضحايا الاعتداءات الجنسية، تشمل الرصد والحماية القضائية والمساعدة الاجتماعية والتكفل الطبي والطب نفسي بالأطفال، الإيواء، وإعادة التأهيل التربوي، إعادة الإدماج، وتتبع وتقييم وضعية الطفل، وذلك من خلال وضع لجن إقليمية لحماية الطفولة” تضم مختلف المتدخلين في مسار حماية الطفل.
وتعمل الوزارة على دعم إحداث هياكل القرب لحماية الطفولة من خلال الشراكة مع الجمعيات والتعاون الوطني، تساهم في رصد الحالات، بما فيهم حالات الأطفال ضحايا الاعتداءات الجنسية، وتتكلف بتقديم خدمات المساعدة الاجتماعية للأطفال والأسر، وتوجيه الحالات بتنسيق مع كافة المتدخلين على المستوى الترابي، من خلايا التكفل بالنساء والأطفال ضحايا العنف بالمحاكم، والمستشفيات، والأمن الوطني والدرك الملكي، وخلايا الإنصات على مستوى المدارس، وفق ما جاء جواب الكتابي للوزيرة.
وتم في هذا الصدد، تعميم إحداث مراكز المواكبة لحماية الطفولة بالأقاليم، تعمل تحت إشراف المندوب الإقليمي للتعاون الوطني، ووضع 43 وحدة لحماية الطفولة” على الصعيد الوطني، بشراكة مع الجمعيات، بمبلغ يفوق 11 مليون درهم، إذ أطلقت الوزارة طلب مشاريع الجمعيات برسم سنة 2025 لتعميم إحداث هذه الوحدات على الصعيد الوطني.
وعملت الجهة ذاتها على مواصلة دعم إحداث الإسعافات الاجتماعية المتنقلة، بكل من الدار البيضاء – أنفا، ومكناس، وطنجة وتارودانت، والتي تشتغل أساسا مع الأطفال في وضعية الشارع، إذ تمت برمجة إحداث 10 إسعافات جديدة برسم سنة 2025.
وتؤكد المسؤولة عن القطاع أن البروتوكول الترابي للتكفل بالأطفال في وضعية هشاشة، يشكل آلية مهمة لتعزيز التنسيق بين المتدخلين على الصعيد الترابي، كونه يهدف إلى توحيد عمل كافة المتدخلين في مجال الطفولة، وتعزيز التنسيق والتكامل بين الحماية القضائية والحماية الاجتماعية للأطفال.
وفي مجال التأطير، تعمل الوزارة، بحسب مسؤولتها، على دعم قدرات المتدخلين من خلال تنظيم برامج تكوينية في مجالات حماية الطفولة لفائدة أعضاء اللجن الإقليمية لحماية الطفولة، ووضع فريق من المكونين في مجال حماية الطفولة تابع للمعهد الوطني للعمل الاجتماعي ووكالة التنمية الاجتماعية، من أجل مواكبة اللجن ومختلف المتدخلين على الصعيد الترابي.
وتشتغل الوزارة، على بعد الوقاية من خلال مقاربة تأخذ بعين الاعتبار دور الأسرة، إذ تم في هذا الصدد إعداد مشروع سياسة أسرية اجتماعية كإطار شامل لرفع التحديات وترجمة مختلف التزامات بهدف النهوض بالأسرة وتعزيز صمودها وتقوية أدوارها في التنشئة وفي التمكين من الحقوق لكافة أفرادها. إضافة إلى إحداث فضاءات الأسرة وتطوير خدمات التربية الوالدية والوساطة الأسرية، وفق المصدر ذاته.
وتعمل الحكومة على إخراج مشروع إحداث “وكالة وطنية لحماية الطفولة”، هذه المؤسسة العمومية التي من شأنها تعزيز الإطار المؤسساتي لحماية الطفولة بالمملكة وتعمل على تحسين الحكامة والجودة في الخدمات الحمائية الموجهة للطفولة، وذلك لمواجهة التحديات التي تواجهها الطفولة، واستحضارا للسياق الاقتصادي والاجتماعي، والمشاريع الاجتماعية الجديدة التي تم إطلاقها، والتي تعطي مكانة هامة لحماية الأطفال في إعمال حقوقهم، تضيف الوزيرة.